logo
العالم

اليمين الفرنسي في أزمة وجودية.. هل تحسم الانتخابات التمهيدية مستقبل الجمهوريين؟

مارين لوبان وجوردان بارديلا زعيما اليمين الفرنسيالمصدر: رويترز

قال خبراء في الشأن السياسي الفرنسي، إن حزب الجمهوريين (يمين وسط) يعيش حالة ارتباك سياسي غير مسبوقة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية لعام 2027، وسط خلافات حادة حول إعادة إحياء نظام الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشح الحزب، ومخاوف حقيقية من تكرار سيناريو الهزائم السابقة. 

ويرى الخبراء أن عودة النقاش حول "الانتخابات التمهيدية" لم يعد مجرد طرح إعلامي، بل أصبح مسألة وجودية لمستقبل اليمين الفرنسي، في ظل تمدد اليمين المتشدد، وصعود اليسار الراديكالي.

وبهذا السياق، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة باريس 2 – بانتيو، والمتخصص في الأحزاب الفرنسية والحركات اليمينية، البروفيسور جيروم فونتانا، إن "حزب الجمهوريين يعاني اليوم من أزمة هوية، وليس فقط أزمة قيادة"، موضحًا أنه منذ عام 2017، لم ينجح الحزب في تقديم مشروع سياسي واضح، ولا في توحيد قواعده التقليدية. 

وأضاف فونتانا، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن فكرة إلغاء التمهيديات ظهرت كرد فعل للصدمة الانتخابية، لكن غياب آلية تنظيمية أو توافق داخلي يبقي الحزب دون بوصلة.

 وأكد أنه مع ظهور شخصيات قوية في اليمين المتطرف واليمين الوسط، فإن خطر تكرار سيناريو الإقصاء من الجولة الأولى في العام 2027 يصبح واقعيًّا.

وأوضح فونتانا أن تشتت القاعدة الانتخابية اليمينية، وصعود رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب، والنائب الفرنسي في البرلمان الأوروبي رافاييل غلوكسمان، يجعل انعقاد تمهيديات مفتوحة هو الحل الأكثر عقلانية لاستعادة الشرعية.

بدوره، قال المحلل السياسي بمركز العلوم السياسية في باريس، والباحث المتخصص في الحملات الانتخابية، الدكتور أوليفييه رو، إن "اليمين الفرنسي يعيش معادلة صعبة، فالتمهيديات تعطي الشرعية، لكنها تحمل خطر الانقسام". 

وأضاف رو، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن غياب مرشح طبيعي قوي داخل الحزب، وضعف حضور الجمهوريين في استطلاعات الرأي، يجعل إجراء تمهيديات واسعة ليس مجرد خيار، بل ضرورة سياسية. 

وتابع رو: "خروج النائب إيريك سيوتي واصطفافه مع اليمين المتطرف أضعف البنية التقليدية للحزب".

وأوضح أن "تردد زعيم نواب حزب اليمين، لوران فوكييه، وتراجع نجوميته بعد خروجه من الحكومة يجعل المشهد مفتوحًا أمام منافسة متعددة المرشحين".

وأكد رو أن "الخطر الأكبر أمام اليمين ليس فقط فوز مرشح التجمع الوطني، بل احتمال مواجهة بين مرشح اليمين المتطرف والسياسي اليساري جان لوك ميلونشون في الجولة الثانية"، واصفًا هذا السيناريو بأنه "نتيجة كارثية لحزب حكم فرنسا لعقود".

ونقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن النائب الفرنسي فيليب جوفان، الذي يصف الأمر بـ"رد الفعل الشرطي" داخل الحزب، قوله إن كثيرًا من قيادات الجمهوريين لا يريدون سماع كلمة "انتخابات تمهيدية"؛ لأن التجربتين الأخيرتين في عامي 2017 و2022 انتهتا بـ"هزيمتين مؤلمتين". 

ومع ذلك، عاد الملف إلى طاولة القيادة، حيث ناقشه المجلس الاستراتيجي للحزب في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بينما يسعى رئيس الحزب، برونو ريتايو، إلى تسريع اختيار المرشح الرئاسي قبل الصيف المقبل، دون اتخاذ قرار نهائي حتى الآن، بحسب "لوموند". 

أخبار ذات علاقة

حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف في فرنسا

استطلاع: تزايد دعم "اليمين المتطرف" في فرنسا قبيل الانتخابات الرئاسية

خلافات داخلية بلا أفق حسم

ووفق اللوائح الجديدة التي أُقرت في سبتمبر/أيلول الماضي، يفترض تنظيم تصويت داخلي مطلع العام 2026 لتحديد الآلية، لكن كل ما تم إنجازه حتى الآن هو تشكيل مجموعة عمل لمناقشة الاحتمالات.

ورغم أن الرئيس السابق للحزب، إيريك سيوتي، كان قد وعد عام 2022 بإلغاء الانتخابات التمهيدية، وفتح الطريق أمام "المرشح الطبيعي" لوران فوكييه، فإن المشهد السياسي تغيّر تمامًا. 

وغادر سيوتي الحزب، وأصبح يخوض معركة لصالح زعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، أو رئيس حزب التجمع الوطني الفرنسي اليميني المتطرف جوردان بارديلا، بينما تراجع نفوذ فوكييه، بل يشكك حلفاؤه السابقون في قدرته على لعب أي دور في السباق الرئاسي المقبل.

كتلة يمينية ممزقة وخصوم أقوياء

من جانبه، يحاول الوزير السابق جان-فرانسوا كوبيه الدفع نحو انتخابات تمهيدية مفتوحة، مؤكدًا أن الحزب لا يملك ترف الاختيار.

وقال: "لو كان لدينا مرشح طبيعي يحسم السباق في استطلاعات الرأي، لما احتجنا لكل هذا الجدل". 

أما رئيس بلدية كان، ديفيد ليسنار، فيذهب إلى أبعد من ذلك، ويدعو إلى سباق واسع يبدأ من يمين الوسط وصولًا إلى أقصى اليمين بقيادة إريك زمور.

ورغم اختلاف معايير المشاركة، فإن الهاجس واحد لدى الجميع: خطر الخروج من الجولة الأولى وتكرار سيناريو فشل عامي 2017 و2022، والخوف الأكبر داخل اليمين التقليدي هو الوصول إلى انتخابات العام 2027 بمرشحين متفرقين، مما يمهد لجولة ثانية بين مرشح التجمع الوطني وزعيم "فرنسا الأبية" ميلونشون، أو حتى صعود شخصية اشتراكية ديمقراطية مثل رافاييل غلوكسمان.

أخبار ذات علاقة

سيباستيان لوكورنو خلال زيارة لأحد مراكز الأمن

طامح لرئاسة فرنسا.. لوكورنو يقصي زعيم "الجمهوريين" من الحكومة الجديدة

استطلاعات الرأي.. اللاعب الخفي

في المقابل، يراهن زافييه بيرتران، أحد أبرز الطامحين للرئاسة، على استطلاعات الرأي وليس الانتخابات التمهيدية. 

ويؤكد أنه "لن يعود" إلى تجربة العام 2021 التي خرج منها رابعًا رغم تصدره استطلاعات البداية.

ووفق رؤيته، من لا يحصل على 5% في صيف العام 2026 "سيخرج من السباق تلقائيًّا".

أما برونو ريتايو، الذي كان يحلم بأن يُعتبر "المرشح الطبيعي" للحزب، فقد فقد الكثير من الزخم بعد فشله في مغادرة الحكومة، ما يقلّل فرص فرض اسمه على القواعد بدون تنافس.

وإلى جانب الأسماء المطروحة، هناك احتمال دخول ميشيل بارنييه، الوزير السابق والمفاوض الأوروبي المعروف، الذي يقول إنه لا يشعر بأي "توتر" تجاه فكرة الترشح.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC