تعيش الساحة السياسية في ساحل العاج مرحلة جديدة من التوتر، بعد أن أعلن الرئيس الأسبق لوران غباغبو عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، متحدياً قراراً قضائياً سابقاً بعدم أهليته.
ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في ساحل العاج في أكتوبر/تشرين الأول 2025.
وقالت مجلة "جون أفريك"، إن "هذه الخطوة أعادت إلى الواجهة الصراع المزمن بين غباغبو والرئيس الحالي الحسن واتارا، في مشهد يعيد فتح جراح قديمة، ويُنذر بموجة استقطاب جديدة داخل البلاد".
ورغم تجاوزه الثمانين من عمره، يبدو غباغبو مصمماً على العودة إلى المشهد السياسي بكل ثقله، مدفوعاً بشعبيته في بعض الأوساط، وبشعور بالغبن نتيجة منعه من ممارسة حقوقه السياسية، رغم صدور عفو رئاسي عنه في عام 2022.
وفيما يرى خصومه أن ترشحه ضرب من العناد السياسي، يعتبر أنصاره أنه ضحية لإقصاء ممنهج، يستهدف تعطيل مسيرته السياسية ومنعه من استعادة مكانته.
وأردفت المجلة الفرنسية، أن "هذه التطورات تعيد إلى الأذهان تاريخاً طويلاً من الخلافات بين الرجلين، بدأ منذ تسعينيات القرن الماضي، حين شكّلا جبهة واحدة ضد النظام القائم، قبل أن تتفكك تحالفاتهما إثر سقوط الرئيس هنري كونان بيدي".
وغباغبو، الذي تولى الحكم في عام 2000 بعد انتخابات مثيرة للجدل، دخل في مواجهة مباشرة مع واتارا، الذي تم استبعاده آنذاك من السباق الرئاسي لأسباب قانونية شابها الكثير من الجدل.
وبلغ الصدام بين الطرفين ذروته بعد انتخابات 2010، حين رفض غباغبو الاعتراف بخسارته أمام واتارا، ما أدى إلى أزمة سياسية وأعمال عنف انتهت بتدخل دولي واعتقال غباغبو، الذي نُقل لاحقاً إلى المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.
وبعد تبرئته وعودته إلى البلاد، بدا وكأنه يسعى لطي صفحة الماضي، لكن تطورات اليوم تكشف أن الصراع لم يُحسم بعد.
من جانبه، يلتزم الحسن واتارا الصمت حيال ترشحه المحتمل لولاية رابعة، وسط ضغوط من داخل حزبه وخارجه لاتخاذ موقف واضح.
ورغم تحقيق البلاد نسب نمو اقتصادي واستقرار نسبي خلال فترة حكمه، يرى مراقبون أن عودة غباغبو إلى الواجهة قد تخلط الأوراق مجدداً، خصوصاً في ظل انسحاب حزبه من اللجنة الانتخابية، وتهديده بخطوات تصعيدية.
بدورهم، يحذر محللون من أن إعادة إنتاج الخلافات القديمة في المشهد السياسي الإيفواري، مع اقتراب موعد الانتخابات، قد يؤدي إلى انقسام شعبي حاد، ويهدد بتقويض التقدم الذي أحرزته البلاد خلال العقد الأخير.
وفي هذا السياق، يقول المؤرخ الإيفواري لوران أسوانغا إن "ما يجمع بين غباغبو وواتارا ليس فقط تاريخاً من التحالفات والانشقاقات، بل أيضاً صراع على الشرعية السياسية، حيث يسعى كل طرف لفرض روايته باعتباره الوريث الحقيقي للحقبة التي تلت وفاة هوفويت بوانيي".
وختمت المجلة بالقول إنه مع دخول البلاد في أجواء الانتخابات، تترقب الأوساط السياسية والشعبية مآلات هذا الصراع المتجدد، وسط دعوات دولية للتهدئة وضمان انتخابات شفافة وشاملة، تعكس إرادة الشعب، وتُنهي عقوداً من الاستقطاب السياسي الحاد.