"بوليتيكو" عن مسؤولين دفاعيين: مسؤولو البنتاغون غاضبون من تغيير اسم وزارة الدفاع إلى وزارة الحرب
بعد أقل من شهر على نشوب حرب قصيرة بينهما، يبدو أن إسرائيل وإيران بدأتا التحضير مبكراً لجولة جديدة من الصراع العسكري، خصوصاً مع "ضبابية" نتائج "الجولة الأولى" التي استمرّت 12 يوماً في يونيو/ حزيران الماضي.
وفي أحدث إشارات نُذر قرب "الجولة الثانية" من التصعيد العسكري، كشفت هيئة الإذاعة الإسرائيلية العامة "كان"، أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، سيطلب من الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الضوء الأخضر لضرب إيران مرة أخرى، في لقائهما، اليوم الاثنين، في البيت الأبيض.
وقالت الإذاعة إن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد التأكد من أن طهران لن تستمر في تطوير برنامجها النووي وتخصيب اليورانيوم، وإن ظهرت أي أدلة عكس ذلك، فإن خيار تجدد الحرب يبقى وارداً.
وهناك غموض وتضارب كبير حول نتائج الضربات الأمريكية الإسرائيلية على مستقبل المشروع النووي الإيراني، أهمها تشكيك تقرير سرّي لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية كشف أن الهجمات بالقنابل الخارقة للتحصينات، لم تُحدث سوى تأخير مؤقت في برنامج طهران النووي، يُقدّر ببضعة أشهر لا أكثر، دون إلحاق أي ضرر جوهري بالمنشآت الأساسية.
في المقابل، كانت إيران، وعبر مستشار كبير في الحرس الثوري، تؤكد امتلاكها "نفساً طويلاً" للحرب المرتقبة، بـ"قوة صاروخية تكفي عامين من القتال اليومي"، دون أن تتأثر قدراتها أو تُستنزف ترسانتها العسكرية.
ويرى المحلل السياسي، غسان يوسف، أن مؤشرات حرب جديدة بين إيران وإسرائيل "متوفرة بالفعل"، مشيراً إلى أن إسرائيل ورغم التصريحات الإعلامية التي أكدت على تدمير المشروع النووي الإيراني، فإنها ترى بعد عدة تقارير أمريكية مشككة أن العمليات لم "تكن فعّالة كما تشتهي".
ويلفت غسان يوسف، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى أن إسرائيل نمت لديها مخاوف جديدة بعد حرب الـ 12 يوماً، التي "أثبتت القدرات الصاروخية الإيرانية الكبيرة القادرة على ضرب العمق الإسرائيلي بشكل مؤثر"، مؤكداً أن تل أبيب تريد لاحقاً القضاء على تلك القدرات.
أما السبب الثالث الذي قد يدفع إسرائيل نحو استئناف الحرب، بحسب غسان يوسف، فهو "قطع الطريق على أي إمداد عسكري قد يصل إلى طهران من موسكو والصين"، لافتاً إلى التقارير الإخبارية التي كشفت عن سعي إيران لامتلاك طائرات الشبح الصينية H20.
كما تطرّق إلى أنباء تؤكد رغبة موسكو بتزويد إيران بترسانة من الصواريخ الفرط صوتية، في سياق تعاونهما العسكري المتبادل، فضلاً عن رغبة إيران بالاستفادة من الخبرات الصينية في حماية سمائها بالتقنيات الصينية، بعد أن كشفت الحرب الأخيرة سيطرة إسرائيلية تامة على أجوائها.
ويتفق الكاتب والمحلل السياسي، أنس جودة، على أن المنطقة "بعيدة كل البعد عن أي تسوية كبرى أو استقرار مستدام"، معتبراً أن "العوامل البنيوية التي قادت إلى الانفجارات السابقة ما زالت حاضرة، بل تتفاقم". ويقول: "احتمال اندلاع جولة جديدة من الحرب، مسألة وقت لا خياراً".
ويضيف أنس جودة، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن استمرار وجود الأذرع العسكرية الإيرانية في أكثر من ساحة عربية، وبقاء منظومات الصواريخ الباليستية العابرة للحدود، بالتوازي مع غياب أي يقين بخصوص انتهاء البرنامج النووي، يضع المنطقة أمام معادلة تفجيرية قابلة للاشتعال في أي لحظة".
ولا يستبعد أن يكون هناك نوع من "المقايضة" بين ترامب ونتنياهو، فالأول يحتاج إلى تحقيق "انتصارات مؤكدة" في السياسة الخارجية، ومنها الوفاء بوعوده بخصوص الاستقرار في غزة والشرق الأوسط، مع احتياجات رئيس الوزراء الإسرائيلي لاستمرار الحرب، خصوصاً على المستوى الشخصي في ظل ضغوط محاكماته.
ويعتقد أنس جودة أن إسرائيل تبدو غير مقتنعة بنتائج الجولة السابقة من الحرب وإن كانت فعلاً قد أدت إلى تراجع قدرات إيران النووية، مضيفاً أن "هذا سيفتح الباب أمام منح الضوء الأخضر لضربات محدودة ضد طهران، بغضّ النظر عن نتائجها الفعلية على المدى الطويل".
ويتوقع أن أي حرب قادمة "لن تقتصر على وسائل تقليدية، بل قد تأخذ طابعاً مركباً يجمع بين الضربات الجوية، والهجمات السيبرانية، وتحريك الوكلاء المحليين، مما يجعل من قدرتها على الضبط والسيطرة أمراً بالغ الصعوبة". ويضيف: "في ظل هشاشة الأوضاع الداخلية في كل من إيران وإسرائيل، تصبح الحرب أداة لتصدير الأزمات الداخلية لا مواجهتها فعلاً".
ومن هنا، يذهب أنس جودة إلى أن التصعيد المقبل لن يقتصر على إسرائيل وإيران، مشيراً إلى أن الساحات الهشّة في الإقليم، وعلى رأسها لبنان، وسوريا أيضاً، "مرشّحة بقوة لأن تتحول إلى مسارح اشتباك غير مباشر، سواء عبر تصفيات أمنيّة، أو عبر صدامات عابرة للحدود، في ظل غياب تام لأي قواعد اشتباك متوافق عليها".
ويؤكد أنه في ظل "انسداد استراتيجي في البنية الإقليمية، حيث سقطت روافع الردع التقليدية، وتراجعت فرص التسويات لصالح إدارة الأزمات المزمنة"، فإنه "لا ينبغي الانخداع بأي هدوء مرحلي"، مؤكداً أن "المشهد الإقليمي مرشّح لانفجار لا يشبه سابقيه، سواء من حيث أدواته أو ساحاته".