رأى خبراء قانونيون أن اختيار المجلس الدستوري الفرنسي للبتّ في تعيين ريتشارد فيران، الذي اقترحه الرئيس إيمانويل ماكرون ليخلف لوران فابيوس في رئاسة المجلس، قد يواجه معارضة قوية داخل البرلمان؛ مما قد يعرقل تعيينه.
وقال، ماتيو كاربانتييه، أستاذ القانون العام في جامعة تولوز كابيتول، لـ"إرم نيوز"، إن "رفض البرلمان لترشيح فيران سيمثل صفعة سياسية لماكرون، لكنه قد يكون فرصة لإعادة تشكيل المجلس الدستوري بشخصيات أكثر توافقية".
معارضة برلمانية محتملة لترشيح فيران
وأثارت ترشيحات الرئيس الفرنسي للمجلس الدستوري جدلًا كبيرًا، حيث شهدت لجنة القوانين في مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية اعتراضات متزايدة على ترشيح ريتشارد فيران لرئاسة المجلس الدستوري.
هذه المعارضة المتزايدة قد تؤدي إلى عرقلة تعيينه من قبل النواب.
ويتألف المجلس الدستوري الفرنسي من تسعة أعضاء يتم تجديدهم كل ثلاث سنوات على دفعات من ثلاثة أعضاء، ويتم تعيينهم بناءً على اقتراح رئيس الجمهورية ورئيسَي مجلسي النواب والشيوخ.
ومنذ التعديل الدستوري لعام 2008، تخضع هذه التعيينات للمادة 13 من الدستور، التي تنص على أن الرئيس لا يمكنه المضي في التعيين إذا صوّتت لجان القوانين في المجلسين ضد المرشح بأغلبية ثلاثة أخماس الأصوات.
فماذا سيحدث في حال رفض البرلمان هذه التسمية؟ وما هي السيناريوهات البديلة المتاحة؟
السيناريوهات المحتملة
وفيما يتعلق بالسيناريوهات المحتملة، قال كاربانتييه إنه في حال رفض البرلمان ترشيح فيران خلال جلسة التصويت المقررة في 19 فبراير/شباط، فإن الرئيس ماكرون سيكون أمام عدة خيارات قبل انتهاء ولاية لوران فابيوس في 8 مارس/آذار، منها اختيار مرشح بديل يتمتع بإجماع أوسع وبمؤهلات تقنية أكثر من فيران.
وأردف أن هناك بديلا آخر هو أن يقوم الرئيس بتعيين عضو جديد في المجلس الدستوري، دون أن يكون بالضرورة رئيسًا للمجلس.
من جهته، قال جوليان بونيه، أستاذ القانون العام بجامعة مونبلييه، لـ"إرم نيوز"، إن "تعيين عضو في المجلس الدستوري يجب أن يكون منفصلًا عن تعيين رئيس المجلس"، وهو ما يمنح ماكرون مرونة في تحديد خليفة فابيوس بعد 8 مارس/آذار.
ماذا لو تأخر التعيين إلى ما بعد 8 مارس؟
أوضح بونيه أنه في حال لم يتم تعيين خليفة لفابيوس بحلول هذا التاريخ، فإن أقدم أعضاء المجلس الدستوري، وهو آلان جوبيه، سيتولى الرئاسة مؤقتًا، وفقًا للمادة 13 من مرسوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني 1958.
وهذا يمنح ماكرون متسعًا من الوقت لاختيار مرشح آخر دون ضغط زمني.
وأشار إلى أن غياب التعيين لا يشكل انتهاكًا قانونيًّا، إذ سبقت حالات تأخير في تعيينات المجلس، مثلما حدث في 2017 عندما استغرق تعيين خليفة نيكول بيلوبيه خمسة أشهر بعد استقالتها للانضمام إلى الحكومة.
السيناريو الذي قد يُعيَّن فيه فيران رغم الاعتراضات
ويرى بونيه أنه حتى في حال معارضة غالبية النواب لترشيح فيران، فقد يتمكن من تولي المنصب إذا لم تصل نسبة الأصوات المعارضة إلى ثلاثة أخماس الأصوات.
وفي هذه الحالة سيكون التعيين قانونيًّا لكنه سيظل محل جدل سياسي، إذ سيؤثر على شرعية المجلس الدستوري، خاصة إذا فازت مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية المقبلة، كما يحذر ماتيو كاربانتييه.
قضية "التراجع عن التعيين" كخيار أخير
ويمكن لفيران أيضًا الاستفادة من خيار التراجع عن التعيين خلال مهلة الأيام الثمانية التي تلي الإعلان الرسمي عن التعيينات، وهو ما حدث سابقًا مع ميشيل ميرسييه، الذي انسحب من المجلس الدستوري بعد كشف فضيحة فساد تتعلق بتوظيف أفراد من عائلته كمساعدين برلمانيين.
ويواجه فيران انتقادات حادة ليس فقط لقربه من ماكرون، ولكن أيضًا بسبب افتقاره إلى الخبرة القانونية وقضية تسببت في وضعه قيد التحقيق بتهمة استغلال النفوذ، قبل أن تسقط القضية بالتقادم.
وسبق للبرلمان أن رفض ترشيح مرشح اقترحه الإليزيه وفقًا للمادة 13، كما حدث في أبريل/نيسان 2023 عندما تم إسقاط ترشيح بوريس رافينيون لرئاسة الوكالة الفرنسية للطاقة والبيئة، في سابقة منذ تعديل 2008.
وخلص بونيه إلى أن "القضية تسلط الضوء على التوتر بين الرئاسة والبرلمان بشأن تعيين الشخصيات العليا، وقد تؤدي إلى إصلاحات مستقبلية تحدّ من سلطة الرئيس في اختيار أعضاء المجلس الدستوري".