قال خبراء ومحللون سياسيون فرنسيون، إن نجاة رئيس الوزراء فرانسوا بايرو من اقتراحي حجب الثقة تعني تعزيز قبضته على السلطة، لكنها تكشف عن هشاشة التوافق البرلماني حول سياسات الحكومة المالية.
ولجأ بايرو، مجددًا، إلى المادة 49.3 من الدستور لتمرير مشروع ميزانية 2025 دون تصويت برلماني، وهو ما اعتبره البعض دليلًا على ضعف الأغلبية الحكومية، بينما يرى آخرون أنه مناورة سياسية ضرورية لتجنب شلل مؤسسات الدولة.
واعتبر الخبراء أن خطوة بايرو ستفاقم التوترات داخل المشهد السياسي الفرنسي، مما قد يؤثر على قدرة الحكومة على تنفيذ إصلاحاتها الاقتصادية في ظل تحديات مالية متزايدة.
وقال المحلل في مركز الأبحاث السياسية والاقتصادية، كلود مارتان، إنه "مع رفض الجمعية الوطنية لمذكرتي حجب الثقة اللتين قدمتهما المعارضة، أصبح قانون المالية، وقانون تمويل الضمان الاجتماعي، أمرًا واقعًا، رغم الانتقادات اللاذعة التي واجهتها الحكومة".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن رفض اقتراحين لسحب الثقة يشير إلى هشاشة التوافق البرلماني حول سياسات الحكومة المالية، مبيّنًا أن هذه الديناميكية قد تؤثر سلبًا على ثقة المستثمرين في الاقتصاد الفرنسي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الحالية.
واعتبر المحلل مارتان أن استمرار الحكومة في استخدام المادة 49.3 قد يؤدي إلى زيادة الاستقطاب السياسي، والحدّ من قدرتها على تمرير إصلاحات مستقبلية.
من جانبه، قال جان بيير دوبوا، الباحث في معهد الدراسات المالية والاقتصادية، إن استخدام بايرو للمادة 49.3 من الدستور لتمرير الميزانية دون تصويت برلماني يعكس التحديات السياسية التي تواجهها الحكومة في حشد الدعم اللازم.
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن هذا الإجراء، رغم قانونيته، قد يؤدي إلى تفاقم التوترات بين السلطة التنفيذية والتشريعية، مما يثير تساؤلات حول استقرار الحكومة وقدرتها على تنفيذ سياساتها المالية بفاعلية.
من جانبه، أكد رئيس الكتلة البرلمانية للحزب الاشتراكي بوريس فالو، أن حزبه لا يزال في المعارضة، رغم اتهامات "فرنسا الأبية" له بالتخلّي عن جبهة اليسار، وعدم التصويت لصالح حجب الثقة عن الحكومة.
وقال فالو: "لم نغير تحالفاتنا، ولم ننضم إلى أي ائتلاف جديد، نحن يساريون وباقون في المعارضة"، مضيفًا أن الحزب الاشتراكي قد يطرح مذكرة حجب ثقة مستقبلية إذا لم تُعد الحكومة سن التقاعد إلى 62 عامًا.
واعتبر الرئيس الفرنسي الأسبق، فرانسوا هولاند، أن "فرنسا الأبية" هي، التي ابتعدت عن التحالف اليساري وليس الحزب الاشتراكي.
وأوضح خلال مقابلة تلفزيونية، أن الحزب الاشتراكي يرفض التصويت بحجب الثقة لمجرد إحداث أزمة سياسية تقود إلى انتخابات مبكرة، مشدداً على أن "فرنسا بحاجة إلى عمل، وليس إلى انتخابات جديدة".
وهاجم مانويل بومبارد، منسق "فرنسا الأبية"، الحزب الاشتراكي، معتبرًا أنه "وقع في فخ" بايرو، وانضم، بشكل غير مباشر، إلى الائتلاف الحكومي.