الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم

أطاح بكبار الجنرالات.. كيف غير حصار الوقود موازين السلطة في مالي؟

وزير الدفاع المالي كامارا في اجتماع مع نظيره الروسيالمصدر: وزارة الدفاع الروسية

شهدت مالي في أكتوبر 2025 مرحلة حاسمة من صراع السلطة داخل المجلس العسكري الحاكم، بعد أكثر من شهر من الأزمة والتوتر بين وزير الدفاع ساديو كامارا وقائد المجلس العسكري أسيمي غويتا. 

فقد أتاح حصار جماعة نصرة الإسلام والمسلمين لإمدادات الوقود للبلاد الفرصة لكامارا لترسيخ نفوذه عبر تغييرات واسعة في قيادة الجيش، مما يعكس تقاطع التهديد الأمني مع الصراعات الداخلية على السلطة، بحسب مجلة "جون أفريك".

حصار الوقود ورقة ضغط استراتيجية

بدأت الأزمة منذ الثاني من سبتمبر، حين شنّت جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التابعة لتنظيم القاعدة بقيادة إياد أغ غالي، هجمات مركّزة على شاحنات الوقود، ما أدى إلى شلل شبه كامل في توزيع الوقود وطوابير طويلة أمام محطات الخدمة. 

أخبار ذات علاقة

طوابير أمام محطة وقود في باماكو عاصمة مالي

مالي.. "نصرة الإسلام والمسلمين" تحرق صهاريج وقود بالقرب من باماكو

ولم تكن هذه الهجمات مجرد عمليات عابرة، بل جزء من استراتيجية اقتصادية واسعة تهدف إلى استهداف موارد مالي الحيوية، بما في ذلك شركات البناء ومواقع تعدين الذهب في منطقة كايس الحدودية مع غينيا والسنغال.

في وزارة الدفاع، كانت الاستخبارات على علم بخطر الحصار، وفق ضابط كشف عن اجتماع عاجل عقده كامارا في كاتي، معقل الجيش الحاكم. 

ورغم تحرك الجيش لتأمين القوافل، فقد أظهرت الهجمات ضعف القيادة العسكرية السابقة، وأبرزت الحاجة إلى تغيير شامل في التسلسل الهرمي للقوات المسلحة لضمان فاعلية الاستجابة.

صراع السلطة

في قلب هذه الأزمة، تصاعد الصراع بين وزير الدفاع ساديو كامارا وقائد المجلس العسكري أسيمي غويتا؛ حيث طالب كامارا بإقالة رئيس هيئة الأركان الفريق أول عمر ديارا، معتبراً أن الفشل العسكري خلال هجمات كايس وفقدان معسكرات مهمة مثل بولكيسي يعكس تدهور الوضع الاستراتيجي؛ لكن غويتا رفض هذا الطلب، محافظاً على ولاء ديارا لنفوذه الشخصي والمجلس العسكري.

أخبار ذات علاقة

سيارات متوقفة على جانب الطريق وسط نقص مستمر في الوقود، مالي

نهاية "هدنة الوقود".. هجمات على 15 شاحنة تُربك الوضع في مالي

ومع تصاعد الهجمات على الطريق الوطني رقم 6، قرب باماكو، وتهديد المدنيين بشكل مباشر، أصبح الجيش مضطراً لإعادة تنظيم قواته. 

في نهاية المطاف، أفضت الضغوط الأمنية المتصاعدة إلى تسوية تكتيكية: بقاء ديارا في منصبه مقابل تعيين موالين لكامارا في مواقع قيادية استراتيجية، أبرزهم إليزيه جان داو نائباً لقائد الجيش، والجنرال فاموكي كامارا لقيادة عملية "فوكا كينيه" لمرافقة القوافل وحماية المناطق الحيوية.

هذا التعديل العسكري، الذي أعلن رسمياً في 22 أكتوبر، منح كامارا السيطرة على المناصب الحساسة، وهو ما يُظهر كيف يمكن للأزمات الأمنية أن تُعيد رسم خريطة النفوذ داخل مؤسسات الدولة العسكرية.

أول اختبارات القوة

مع تعيين موالين لكامارا، بدأ الجيش في تعزيز الغطاء الجوي للقوافل بمروحيتين دائمتي التحليق وأربع طائرات إضافية قابلة للنشر السريع، بالتعاون مع القوات الروسية المساندة. 

وتم إنشاء قاعدتين جديدتين؛ الأولى في لولوني قرب بوركينا فاسو وساحل العاج، والثانية في كولوندييبا بمنطقة بوغوني لتعدين الذهب، حيث وقعت الهجمات الأخيرة.

أخبار ذات علاقة

 أحد أفراد الجيش المالي

مصير غويتا والتدخل الدولي.. 3 أشهر قاتمة تنتظر مالي

رغم أن الهجمات لم تتوقف، فقد أثبتت هذه التحركات العسكرية قدرة الكوادر الجديدة لكامارا على التدخل السريع وحماية الإمدادات الاستراتيجية. 

ومع ذلك، يبقى اختبار الولاء والكفاءة على المحك، خاصة مع استمرار تهديدات الجماعات المسلحة للجواجز المدنية والسيطرة على طرق النقل الرئيسة.

تُظهر هذه التطورات كيف يُمكن للأزمات الاقتصادية والأمنية أن تُستخدم كأدوات ضغط داخلية لإعادة توزيع السلطة. فقد استغل كامارا الحصار الذي فرضه المتطرفون ليُعيد رسم القيادة العسكرية ويضمن ولاء الجنرالات الرئيسيين، مستفيداً من ضعف المواقف التقليدية للمجلس العسكري أمام التحديات الأمنية. 

في الوقت نفسه، تبرز التجربة صعوبة إدارة الأزمات في دولة تواجه تهديداً مسلحاً معقداً متعدد الجهات، حيث تتداخل مصالح القادة العسكريين مع المخاطر المدنية والاقتصادية.

ويبقى السؤال الأبرز؛ هل يُمكن لكامارا ومواليه الجدد الحفاظ على الاستقرار أمام استمرار هجمات جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، أم أن هذا التوازن الهش سيؤدي إلى مزيد من التوتر داخل المؤسسة العسكرية وفي العاصمة باماكو؟

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC