وجدت مناطق صغيرة في كينيا، 5قرى وغابة، نفسها في قلب صراع جيوستراتيجي على المعادن النادرة، في سباق عالمي، وتحديداً بين الصين والولايات المتحدة.
وتسعى واشنطن إلى تأمين المعادن الأساسية عنصرًا أساسيًا في دبلوماسيتها في أفريقيا، على أمل منافسة احتكار الصين شبه الكامل لهذا القطاع الإستراتيجي.
وفي المقابل، تأمل وزارة المعادن الكينية في الاستفادة من مواردها لجذب المستثمرين من خلال الإعفاءات الضريبية وزيادة مساهمة قطاع التعدين من 0.8% من الناتج المحلي الإجمالي، إلى 10% بحلول عام 2030، غير أن المجتمع المحلي يخشى الإخلاء من أراضيه الزراعية.
الموقع صغير في كينيا، مساحته الإجمالية حوالي 3.6 كيلومتر مربع، في حين قيمة الرواسب التي يقع عليها قُدّرت بـ 62.4 مليار دولار أمريكي، من قِبل شركة التعدين "كورتيك ماينينغ كينيا"، وهي شركة تابعة لشركات بريطانية، و"باسيفيك وايلدكات ريسورسز" الكندية.
ومع تسارع المنافسة على الوصول إلى المعادن النادرة على مستوى العالم، قام القائم بأعمال السفير الأمريكي السابق لدى كينيا، مارك ديلارد، بزيارة الموقع في يونيو/حزيران المنصرم، وهو ما أكدته البعثة الدبلوماسية الأمريكية في نيروبي.
وقبل زيارة الممثل الأمريكي بفترة وجيزة، قدّم تحالف أسترالي عرضًا، في أبريل/نيسان، لتعدين المعادن النادرة.
والهدف المنشود هو الاستثمار في مادة النيوبيوم، وهو معدن يُستخدم في تقوية الفولاذ؛ لذلك، ومنذ عدة أشهر، يتوافد الزوار الأجانب، من أمريكيين وصينيين وأستراليين، بسيارات الدفع الرباعي إلى تل مريما، وهو تل جميل مُشجّر يقع على الحدود التنزانية.
يُقلق هذا المشهد المجتمع المحلي، لأن الموقع المُطلَق عليه غابةٌ خصبةٌ غنيةٌ بالنباتات الطبية، وموطنٌ لأضرحةٍ مقدسة، ولطالما وفّر مصدر رزقٍ ضئيلٍ لسكانٍ فقراءٍ أصلاً؛ لكن أكثر ما يخشاه السكان هو إخلاؤهم في حال استغلال المنجم.
في العام 2019، فرضت كينيا حظرًا وطنيًا على تراخيص التعدين الجديدة بسبب الفساد والضرر البيئي، لكن هذا الحظر خُفِّف تدريجيًا.
ومع تزايد القيود التي تفرضها الصين على صادراتها من المعادن الأرضية النادرة، ترى نيروبي في رواسب النيوبيوم هذه فرصةً سانحة. وقد أدركت واشنطن وبكين هذا الأمر، وحددتا مواقعهما.
وقبلها في العام 2013، ألغت كينيا رخصة التعدين لشركة "كورتيك ماينينغ كينيا"، مشيرةً إلى مخالفات بيئية وتراخيص، وتزعم الشركة أنها عوقبت لرفضها دفع رشوة لوزير التعدين آنذاك، وهو ادعاء ينفيه الوزير، بينما خسرت الشركة استئنافها أمام محكمة دولية.
ويتوقع التقرير الصادر عن وحدة "بي إم آي" التابعة لمؤسسة "فيتش سوليوشنز" نمو قطاع المعادن الأرضية النادرة في أفريقيا تدريجيًا، نتيجة ارتفاع الطلب العالمي على العناصر النادرة المغناطيسية، مثل النيوديميوم، والبراسيوديميوم.
ومؤخرًا، توقعت وكالة الطاقة الدولية ارتفاع الطلب العالمي على المعادن الأرضية النادرة المستعملة في صناعة المغناطيسات بنسبة 35%، ليصل إلى 123 ألف طن بحلول عام 2030، مقارنة بمستويات 2024.
وتدخل هذه العناصر في صناعة المغناطيسات عالية الأداء اللازمة في تصنيع المحركات القوية ببعض الصناعات، وفي مقدّمتها السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح.
