الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"
كشف تقرير حديث أنّ قرار الصين الأخير بفرض قيود جديدة على صادرات الأرضيات النادرة لم يكن مجرد ردّ فعل على الإجراءات الأمريكية التجارية، بل أصبح تصعيداً عالمياً شاملاً من بكين ضدّ العالم كله دفعةً واحدة؛ ما يمنح الإدارة الأمريكية فرصةً استراتيجية لإعادة ترتيب أوراقها وإنشاء تحالف عالمي لتقويض بكين.
وبينما يتوقع كثيرون، بمن فيهم الرئيس الصيني شي جين بينغ، أنّ واشنطن ستضطر للانحناء تحت الضغط كما حدث في الربيع الماضي، يبدو أنّ المعطيات الحالية قد تجعل الحسابات الصينية خاطئة هذه المرة.
ففي أبريل الماضي، أدّت القيود الصينية السابقة على صادرات المعادن الأرضية النادرة إلى انهيار الأسواق جزئياً؛ ما دفع ترامب للتراجع تحت ضغوط السوق المالية، خصوصاً سوق السندات، لكن الوضع مختلف هذه المرة؛ فالأسواق الأمريكية أكثر استقراراً، والسياسات الصينية الجديدة أكثر تعقيداً وصعوبةً في التطبيق، خصوصاً أنّها تشمل أي عملية بيع دولية للمعادن الأرضية النادرة، وتفرض ترخيصاً حتى على الموزعين غير الصينيين، مع رفض التطبيقات المرتبطة بالقوات العسكرية الأجنبية ومزيدٍ من التدقيق لشركات تصنيع الرقائق الإلكترونية المتقدمة.
ويرى الخبراء أنّه ونظراً لسيطرة الصين على حوالي 90% من عمليات معالجة المعادن الأرضية النادرة، التي تُعدّ أساسية في أنظمة الدفاع بما في ذلك المقاتلات الحربية والسفن والصواريخ والطائرات المسيّرة، إضافةً إلى الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية والبطاريات وأنظمة الاتصالات، فإنّ فرض هذه القيود عالمياً يضع الدول والشركات أمام تحدياتٍ تنظيمية ضخمة؛ ما يجعل التنفيذ العالمي لهذه القواعد تحدياً أكبر بكثير من التجربة الأمريكية.
كما يحذّر محللون من أنّ رقابة بكين على معدات تصنيع الرقائق تتطلب مراقبة جميع عمليات البيع في جميع أنحاء العالم؛ ما يفرض عليها التمتّع بقدرة تنظيمية ومالية هائلة، وهو ما يفتقر إليه النظام الصيني، وهذا بدوره قد يمنح الولايات المتحدة وحلفاءها إمكانية أكبر لبناء تحالف دولي يردع الصين، بدل أن تكون واشنطن في مواجهة فردية كما حدث سابقاً.
ويعتقد مراقبون أنّ استراتيجية ترامب السابقة بالاعتماد على تعريفات جمركية مرتفعة لم تؤدِّ إلى نتائج ملموسة، وكانت مجرد ضغط قصير الأمد أدى إلى تراجع سريع، فيما استمرت اقتصادات الصين وحلفائها دون توقف. لكن المعطيات الحالية تمنح الإدارة الأمريكية مساحة أوسع للتحرك، خصوصاً إذا نجحت في تنسيق استجابة مشتركة مع أوروبا والدول السبع الكبرى والهند، مع التركيز على سياسات مستهدفة مثل: تقييد مبيعات الشركات الصينية الكبرى، والحد من الواردات منخفضة القيمة، أو استهداف الشركات الصينية المشترية للنفط الروسي، وفرض قيود على بيع الرقائق المتقدمة المستخدمة في الأجهزة الاستهلاكية.
ونظراً لجميع هذه الظروف، فإن الرهان الأمريكي الجديد يمكن أن يضغط على بكين اقتصادياً، ويُظهر لها أنّ أي تصعيد إضافي سيضرّ بالاقتصاد الصيني بقدر ما قد يضرّ بالجانب الأمريكي؛ ما يعني أنّ المفتاح سيكون اختيار سياسات واضحة للظهور الإعلامي والتفاوضي، بحيث يمكن التراجع عنها عند التوصل إلى اتفاق، مع الحفاظ على قدرة الردع لمواجهة أي تصعيد صيني مستقبلي.