قال مصدر أممي مطّلع، لـ"إرم نيوز"، اليوم الخميس، إن الأمم المتحدة متوجسة من عمليات طرد موظفيها من قبل السلطات في دول الساحل الإفريقي، خاصة بعد إعلان حكومة بوركينا فاسو موظفة أممية شخصية غير مرغوب فيها.
وأضاف المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن "الأمم المتحدة عازمة على استمرار نشاط بعثاتها وموظفيها، لكن من الواضح أن هدف الحكومات العسكرية هو منع هذا العمل، ونعتقد أن لذلك عواقب وخيمة على السكان الذين يعانون أصلاً من أزمات إنسانية واقتصادية".
وفي آب/أغسطس الماضي، أعلنت الحكومة العسكرية في بوركينا فاسو منسقة الأمم المتحدة المقيمة، كارول فلور-سميرجنياك، "شخصاً غير مرغوب فيه"؛ بسبب "مسؤوليتها" عن تقرير اتهمته السلطات العسكرية بأنه "أشبه بجمع لمعلومات لا أساس لها من الصحة وأكاذيب".
وفي كانون الأول/ديسمبر من عام 2022، أعلنت الحكومة العسكرية أيضاً منسقة الأمم المتحدة المقيمة السابقة، الإيطالية باربرا مانزي، "شخصاً غير مرغوب فيه".
ومن جانبه، علّق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، على الأمر بالقول: "من الواضح أن هناك أزمة ثقة كبيرة بين المجالس العسكرية الحاكمة في منطقة الساحل الإفريقي وبين البعثات الأممية وموظفي الأمم المتحدة؛ لأن المجالس العسكرية ترى في كل ما هو أجنبي وغربي جاسوساً لقوى بعينها مثل فرنسا".
وأضاف كايتا، في تصريح لـ"إرم نيوز": "توجس الأمم المتحدة من القادم في المنطقة مشروع، خاصة أن الأزمات تتفاقم في ظل تصاعد المواجهة بين الجماعات المسلحة والجيوش وقوى الأمن الوطنية، وهي مواجهة غير متكافئة، حيث باتت الجماعات تحقق اختراقات ميدانية مهمة".
وشدّد على أن "هذا الوضع يخلق حاجة كبيرة لدى السكان إلى المساعدات الإنسانية والغذائية، وطرد الموظفين والبعثات من شأنه أن يفاقم الوضع".
ويأتي ذلك في وقت تحكم فيه منطقة الساحل الإفريقي مجالس عسكرية منبثقة عن انقلابات، كان آخرها في النيجر، عندما أطاح قائد الحرس الرئاسي، الجنرال عبد الرحمن تياني، بالرئيس المنتخب ديمقراطياً، محمد بازوم، وقد تعهدت هذه المجالس باستعادة السيادة الوطنية والأمن والاستقرار في المنطقة.
واعتبر المحلل السياسي النيجري المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد الحاج عثمان، أنه "في الواقع، عمليات طرد بعض موظفي الأمم المتحدة جاءت إثر تحقيقات ووسط شبهات تحوم حول عملهم، حيث يُشتبه في ضلوعهم بمحاولات لزعزعة استقرار دول مثل مالي أو بوركينا فاسو أو النيجر".
وأضاف الحاج عثمان، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، أنه "في بوركينا فاسو، على سبيل المثال، عمل بعض موظفي الأمم المتحدة على تشويه صورة المجلس العسكري وكل ما يقوم به، من خلال اتهامه بارتكاب انتهاكات لا أساس لها من الصحة، وذلك عبر تقارير دورية وغيرها، وهي اتهامات غير مقبولة".
واختتم حديثه بالقول: "هذه الممارسات من شأنها أن تقوض عمل الأمم المتحدة بالفعل، لكن الثابت أن حكوماتنا لا ترغب في ذلك".