يثير لجوء دول أفريقية إلى إبرام شراكات جديدة مع دول مثل روسيا والصين وتركيا تساؤلات حول ما إذا كان ذلك سيُنهي عقودا من اعتماد القارة السمراء على أوروبا سواء أمنيا أو غير ذلك.
وكانت ملامح سياسة خارجية تشكلت في هذه الدول إثر موجة من الانقلابات العسكرية التي صعدت بحكام مناهضين للقوى الغربية في مقدمتها فرنسا، وبعد ذلك أبرمت دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو والغابون شراكات جديدة مع دول مثل روسيا وتركيا وتقاربت أيضاً مع إيران.
وتواجه هذه الدول أزمات أمنية واقتصادية لا تكاد تنتهي، وهو ما يضع سلطاتها الجديدة أمام تحديات كبيرة خاصة أنها رسمت تحالفات خارجية جديدة مع دول مثل روسيا والصين.
وكانت دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو قد طردت القوات الفرنسية والغربية بشكل عام، في خطوة بدت أقرب إلى تكريس قطيعة مع أوروبا التي تراجع نفوذها في أفريقيا لصالح دول مثل روسيا.
وعلق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، إيريك إيزيبا، على الأمر بالقول، إنّ "أفريقيا تعرف بالفعل تحوّلا جذريا تجسّد في إنهاء الشراكات مع الاتحاد الأوروبي سواء الأمنية أو الاقتصادية؛ وهو أمر يضع نهاية لعقود من الاعتماد الأفريقي على القارة العجوز".
وتساءل إيزيبا في حديث لـ"إرم نيوز"، "في المقابل، هل الاعتماد الجديد على روسيا والصين يمكن أن يقود إلى إنهاء أزمات القارة؟ هذا هو المحكّ الحقيقي؛ ففي دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو وحتى غينيا الاستوائية لم تنجح بعد روسيا في إرساء الاستقرار والأمن ومن ثم الرهان عليها محفوف بالمخاطر خاصة أنه قاد هذه الدول إلى عزلة دبلوماسية غير مسبوقة".
وشدد على أنّ "على دول المنطقة التفكير جيدا في مصلحتها قبل الاصطفاف خلف أي قوة إقليمية أو دولية؛ لأنها ستتحمل وحدها تبعات خياراتها الدبلوماسية والعسكرية، في وقت تتزايد فيه التحديات الأمنية والاقتصادية".
ومن غير الواضح ما إذا كانت ستنجح دول أوروبية مثل فرنسا في العودة إلى أفريقيا بعد أن خسرت مواقعها خاصة في غرب القارة حيث باتت روسيا تملك نفوذا قويا.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد الحاج عثمان، إنّ: "أفريقيا شهدت خلال السنوات الماضية نهاية النفوذ الغربي الذي كان يرتكز على دعم أمني محدود مقابل استغلال لثروات دول القارة".
وأضاف الحاج عثمان في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "أوروبا تتحمل مسؤولية هذا الانهيار؛ لأنها حاولت فرض نماذج سياسية على دول أفريقية وأيضا استنزفت ثرواتها؛ الأمر الذي أدى في نهاية المطاف إلى الترحيب بإنهاء التعاون معها، والدعوة إلى استبدالها بشركاء يحترمون سيادة هذه الدول".