أثارت المحادثات التي أجرتها الولايات المتحدة الأمريكية أخيراً مع الحكومة المالية، بشأن الوضع في ظل الحصار الذي تشنه جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" على العاصمة باماكو، تساؤلات حول ما إذا كانت واشنطن تسعى لاستغلال الوضع من أجل استعادة النفوذ الغربي في البلاد.
وتأتي تحركات واشنطن في وقت لاذت فيه روسيا بالصمت وسط تراجع قوات حليفها آسيمي غويتا الذي أدار ظهره منذ سنوات للقوى الغربية.
وأجرى مساعد وزير الخارجية الأمريكي، كريستوفر لاندو، محادثات مع وزير الخارجية المالي، عبدالله ديوب، تناولت الوضع الأمني المتدهور في باماكو، وعبّر عن رغبة بلاده في مزيد من التعاون في هذا الشأن.
تأتي هذه المحادثات في وقت تعيش فيه مالي وضعا صعبا في ظل حصار جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين"، الذي أدى إلى أزمة خانقة في الوقود وسط مساعٍ من السلطات إلى ربح الوقت.
واستبعد مصدر سياسي رفيع في مالي أن تنأى السلطات الحالية بنفسها عن روسيا رغم "التراجع الكبير" في دعم جهود الجيش في مواجهة المسلحين.
وأوضح المصدر، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته لحساسية الوضع الميداني، أنّ "الجيش يفضّل الآن الضغط على روسيا عبر التلويح ببديل أمريكي، لكن لن تتم مراجعة التحالفات الآن على اعتبار أن تكلفة ذلك ستكون موجعة".
وشدد على أن "البلاد تمر بمرحلة دقيقة ينبغي التعامل معها بدهاء، خاصة في ظل تهديدات جماعة "نصرة الإسلام والمسلمين" بتشديد الخناق على باماكو ومدن أخرى".
تجدر الإشارة إلى أنّ مالي تعيش منذ سنوات على وقع تهديدات الجماعات المسلحة، وقد لجأت منذ العام 2021 إلى روسيا كحليف في محاولة لتحقيق تقدم ضد تلك الجماعات.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الأفريقية، محمد إدريس، إن "هذه المحادثات تشكل اختراقا حقيقيا في مسار القطيعة بين مالي والقوى الغربية، وتكمن أهميتها في السياق الأمني والسياسي الذي جاءت فيه، إذ تأتي في وقت تنهار فيه خطوط الجيش المالي".
ورجّح إدريس، في حديث لـ"إرم نيوز"، أن "يستعين الجيش المالي بالغرب سواء بتدخل عسكري مباشر أو من خلال تزويده بمعدات وأسلحة متطورة تكون قادرة على قلب الطاولة على جماعة نصرة الإسلام والمسلمين".
وبيّن أن "الأوضاع تزداد سوءا في مالي، لذلك التحرك بات ضروريا من أجل منع أفغنة البلاد، خاصة أن القوى الغربية تدرك جيدا خطورة استمرار الفوضى الأمنية التي تقود إلى موجة غير مسبوقة من المهاجرين غير النظاميين".