قالت مجلة "ذا ناشونال إنترست" الأمريكية إن الوقت قد حان لإحلال السلام في مولدوفا؛ فإذا تم التوصل إلى حل للصراع بين مولدوفا وترانسنيستريا، فسيكون لذلك أثر اقتصادي إيجابي ليس فقط على مولدوفا والولايات المتحدة، بل أيضًا على أوكرانيا وأوروبا ككل.
ويشير التقرير إلى أن السلام أصبح ممكنًا أكثر بكثير مما كان عليه قبل 10 سنوات، وأن الشخص الوحيد القادر على حل هذا "الصراع المتجمد" هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويبلغ عدد سكان مولدوفا نحو 3 ملايين نسمة، وهي تخوض صراعًا مع منطقة انفصالية تُعرف باسم ترانسنيستريا أو بريدنيستروفي، ويبلغ عدد سكانها أكثر من 300 ألف نسمة، وتقع ضمن شريط ضيق من الأرض.
وأضاف التقرير أنه مثلما أسهم ترامب سابقًا في إحلال السلام بين أرمينيا وأذربيجان، ترتبط مولدوفا وترانسنيستريا بعلاقة معقدة مع بعضها بعضا ومع روسيا.
دخلت روسيا في صراع ترانسنيستريا عام 1992، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، مستخدمة قواتها المتمركزة في المنطقة.
وبعد توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة روسية في يوليو/تموز 1992، حافظت روسيا على وجود عسكري من خلال المشاركة في قوة حفظ سلام ثلاثية الأطراف، بالإضافة إلى الحفاظ على المجموعة العملياتية للقوات الروسية (OGRF) غير المصرح بها رسميًا.
تعمل OGRF من دون موافقة مولدوفا، وتشمل تدريبات مع القوات العسكرية في ترانسنيستريا، مع التركيز على مراقبة مستودع ذخيرة كوباسنا، الذي يُعد الأكبر في أوروبا بسعة 20 ألف طن من الأسلحة السوفيتية القديمة.
ويُعرف قانونيًا ودوليًا بأنه جزء من مولدوفا، لكنه لا يزال تحت السيطرة الروسية، وتستفيد روسيا من هذا الموقع لتهديد أوكرانيا ومولدوفا، وكذلك الضغط على النخبة في ترانسنيستريا لإعاقة أي محاولات للسلام.
وتعترف الغالبية العظمى من الدول بترانسنيستريا كجزء من مولدوفا، لكن الحكومة المولدوفية لا تملك سيطرة فعلية على المنطقة.
وتمتلك ترانسنيستريا عملتها الخاصة، ورئيسها، وعلمها، ولغتها المفضلة هي الروسية، على الرغم من التكوين السكاني المختلط بين الأوكرانيين والروس والرومانيين.
موقع ترانسنيستريا الاستراتيجي يُعقّد النقل بين أوكرانيا ومولدوفا، مما يزيد التكاليف ويؤخّر حركة البضائع.
اتفاق سلام محتمل قد يفتح فرصًا اقتصادية كبيرة، إذ ستكون مولدوفا نقطة عبور رئيسية بين أوكرانيا وأوروبا، لا سيما في ضوء صفقات المعادن المستقبلية، واكتشافات الطاقة، وإعادة إعمار أوكرانيا، وربطها بالأسواق الأوروبية.
شهد العقد الماضي تحولات سياسية مهمة قد تُسهّل إنهاء الصراع:
قبل عام 2014، كانت ترانسنيستريا تستخدم ميناء أوديسا الأوكراني، لكن بعد إغلاق الحدود من قبل أوكرانيا، تحولت معظم صادراتها نحو الغرب، حيث تصل الآن إلى 80% من إجمالي صادراتها.
ولم يجدد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عقد نقل الغاز مع ترانسنيستريا، مما قلّل قدرة روسيا على استخدام الغاز كورقة ضغط.
وبحلول ديسمبر/كانون الأول 2025، ستتحرر مولدوفا رسميًا من أي اعتماد على ترانسنيستريا في مجال الطاقة مع افتتاح أول خط طاقة من رومانيا.
وحزب رئيسة البلاد مايا ساندو المؤيد لأوروبا ما زال في السلطة، مع تأييد شعبي للاستفتاء على الانضمام للاتحاد الأوروبي بنسبة 50.46%.
ومنحت الانتخابات البرلمانية الأخيرة ساندو أغلبية فعّالة، مما يمكّنها من ممارسة سلطتها على مدى السنوات الأربع المقبلة، ويجعل التعاون مع ترانسنيستريا أمرًا ضروريًا.
وتسعى مولدوفا لإنهاء مفاوضاتها للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي خلال السنوات الثلاث المقبلة، وهو ما يقلّل خيارات سكان ترانسنيستريا.
ولجميع هذه الأسباب، يعد عام 2026 فرصة مثالية للتواصل مع النخبة السياسية والتجارية في ترانسنيستريا.
وأضافت المجلة أنه يمكن لرئيسة مولدوفا مايا ساندو، ورئيس الوزراء دورين ريشان، طلب مشاركة ترامب في اتفاقية سلام، مع التركيز على خلق جمهورية تتمتع بالحكم الذاتي داخل مولدوفا على غرار غاغاوزيا.
وبحسب المجلة، فإن الفرق الحاسم هو ترامب، فمن المرجح أن يزور رئيس مولدوفا الولايات المتحدة خلال الأشهر الستة المقبلة.
وختمت المجلة تقريرها: يُعرف ترامب بقدرته على ربط السلام بالفرص الاقتصادية، ومع الإمكانات الاقتصادية المتنامية في المنطقة، حان الوقت لمولدوفا لطلب مساعدته وإدارته في التوسط لإبرام اتفاقية سلام مع ترانسنيستريا بعد الانتخابات.
