ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
اعتبر خبراء فرنسيون أن فوز الحزب الموالي لأوروبا بالانتخابات التشريعية في مولدوفا يعكس تحولًا استراتيجيًا في ميزان القوى داخل المنطقة.
وأشار الخبراء إلى أن هذا الفوز قد يحمل انعكاسات كبيرة على التوازن بين النفوذ الأوروبي والروسي في الدول المحيطة بساحل البحر الأسود.
وبعد فرز 99,52٪ من الأصوات، فاز حزب العمل والتضامن (PAS) الموالي لأوروبا، والذي يتولى السلطة في مولدوفا، بالانتخابات التشريعية التي جرت يوم الأحد 28 سبتمبر، بحصوله على أكثر من 50٪ من الأصوات، وفقًا للهيئة الانتخابية.
في المقابل، تُنسب الكتلة الوطنية الموالية لروسيا إلى 24,26٪ من الأصوات، بحسب إذاعة "إر إف إي" الفرنسية.
وأدلى أكثر من نصف الناخبين المولدوفيين بأصواتهم يوم الأحد 28 سبتمبر لاختيار نوابهم، حسب الهيئة الانتخابية.
وفاز حزب العمل والتضامن (PAS)، الموالي لأوروبا، بهذا الاستحقاق بأكثر من 50٪ من الأصوات.
وفقًا للتوقعات، قد يحتفظ PAS بالأغلبية المطلقة في البرلمان بحصوله على 55 مقعدًا من أصل 101. كان يملك 63 مقعدًا في الجمعية السابقة.
وتقدم على الكتلة الوطنية الموالية لروسيا، التي تحقق 24,26٪ من الأصوات، والتي طالب أحد زعمائها، الرئيس السابق إيغور دودون (2016-2020)، بالانتصار ودعا إلى تظاهرة يوم الاثنين في العاصمة.
شارك في هذا الاستحقاق الانتخابي أكثر من 52٪ من الناخبين المولدوفيين، وكان عليهم أن يختاروا بين مواصلة التقارب مع الاتحاد الأوروبي أو العودة إلى الحضن الروسي.
وقلص حزب PAS من تراجع شعبيته أكثر مما كان متوقعًا مقارنة بانتخابات 2021، حين حصل على 52,8٪ من الأصوات مقابل 27,2٪ للكتلة الموالية لدودون المكونة من الاشتراكيين والشيوعيين.
“نحن نريد الانضمام إلى العائلة الأوروبية”
وقالت الإذاعة الفرنسية إن المقر المركزي للحزب، لم يشهد احتفالا كبيرا لكن ساد شعور بالارتياح.
وأضافت: "مع رفع علم مولدوفا على الكتفين، يرى رادو، أحد الشباب الناشطين، في فوز الحزب الحاكم فرصة لاستمرار البلاد على المسار الأوروبي".
ونقلت الإذاعة عن أحد المشاركين في الانتخابات: "معًا، ومع رئيستنا مايا ساندو، نريد الانضمام إلى العائلة الأوروبية، أن نكون أعضاء في الاتحاد الأوروبي، نعيش في سِلم وديمقراطية وحرية، وأن تكون مولدوفا دولة أوروبية حقيقية".
ويتمنى فاسِلي، المتقاعد، أن يسهم ذلك في التنمية الاقتصادية لمولدوفا، قائلاً :"نحن ننتظر من الحكومة الجديدة تحسين مستوى المعيشة في المجتمع".
وقال مواطن مولودوفي آخر: "مع شركائنا والاتحاد الأوروبي، نأمل أن نخطو خطوات ملموسة، أن نتطوّر تدريجيًا من أجل مستقبل أولادنا وأحفادنا".
أما ماكس، فيفرح بأن الأحزاب الموالية لروسيا لم تفز في هذه الانتخابات. "إن روسيا تُخيفنا، لأنها هاجمت أوكرانيا. يموت المدنيون، الأطفال، الأبرياء، حتى خلال انتخاباتنا، وقعت هجمات أيضًا"، يعبر عن قلقه.
بدورها، تعترض المعارضة على وجود عمليات تزوير وتطعن في النتائج: الرئيس السابق إيغور دودون، المتهم بأنه موالٍ لروسيا، خرج للاحتجاج ليلاً أمام مقر الهيئة الانتخابية وهو يحمل مكبّر صوت.
كما انتقدت السلطات الموالية لروسيا في ترانسنيستريا أن الحكومة قد عرقلت حركة سكان تلك المنطقة الانفصالية لتقييد التصويت.
وتميزت الحملة الانتخابية بتدخلات روسية، وقد سُجّلت محاولات ترهيب خلال يوم الاقتراع، وفق الهيئة الانتخابية، لكن هذه المحاولات لم تعِق عمليات التصويت.
من جانبه، قال الباحث السياسي الفرنسي وأستاذ في جامعة باريس 1 (بانثيون-سوربون)، ويتخصص في السوسيولوجيا السياسية للاتحاد الأوروبي ديدييه جورجكاكيس إن نتيجة الانتخابات في مولدوفا تمثّل رسالة ديمقراطية مهمة إلى أوروبا وروسيا في آن واحد.
ورأى جورجكاكيس لـ"إرم نيوز" أن فوز PAS بتلك المعطيات (أغلبية برلمانية تُقدَّر بـ 55 مقعدًا من 101) يعكس رغبة قوية في مواصلة نهج الاندماج الأوروبي، رغم الضغوط والتحديات، ويُظهر أن الجمهور المولدوفي يفضّل الطريق الغربي على العودة إلى النفوذ الروسي.
واعتبر أن هذا الفوز لن يكون معزولًا عن السياق الإقليمي: فمولدوفا تقع بين أوكرانيا ورومانيا، وتُعدّ حلقة استراتيجية في خريطة النفوذ بين موسكو والعاصمة الأوروبية بروكسل.
وتابع: "كما أن الانتخابات تؤكد أن أوروبا لا يمكن أن تتجاهل البلد، وأن روسيا لن تتمكّن بسهولة من إعادته إلى المدار الكلي، خصوصًا إذا حافظت بروكسل على الدعم المالي والتنموي والمصداقية في مكافحة الفساد.
وأشار إلى أن على الاتحاد الأوروبي أن يتصرف بسرعة في تنفيذ وعوده تجاه مولدوفا، ولا يتركها فريسة لتذبذبات داخلية أو مساومات روسية.
ولفت إلى أن الترنسنيستريا تشكل نقطة توتر مستمرة، لأن وجود هذه المنطقة الانفصالية – التي تدعمها روسيا – يُمكن أن يستخدم كذريعة للتدخل أو بحرقة النفوذ الروسي في الداخل المولدوفي.
كما رأى جورجكاكيس، أن النجاح في الانتخابات ليس النهاية بل البداية: التحدي الحقيقي هو التحول المؤسساتي — إصلاح القضاء، محاربة الفساد، إدارة العلاقات مع الاتحاد الأوروبي — لكي لا يبقى الفوز شعارات على الورق.
بدورها، قالت الباحثة الفرنسية – الأمريكية في جامعة برينستون، المتخصصة في الاقتصاد السياسي الأوروبي وعمليات تكامل الاتحاد الأوروبي صوفي مونييه إن "فوز PAS يعطي شرعية قوية لمولدوفا كي تطالب بمكان في عملية التوسّع الأوروبي، لا من زاوية العاطفة أو الدعاية، بل من مبدأ أن مواطنيها اختاروا هذا المسار".
وأضافت مونييه لـ"إرم نيوز" أنه في خطابات الاتحاد الأوروبي، يُمكن استخدام هذا الفوز بوصفه حجة سياسية قوية أمام الدول التي تتردد أو تشوش على مسارات الانتساب؛ إنه دليل حيّ على أن الشعوب في الدول الحدودية لا تزال تميل نحو أوروبا، إذا ما رأت الطريق واضحًا وشفافًا.
وحذرت من أن التحدّيات الاقتصادية الاجتماعية ستُبقي الضغط كبيرًا على الحكومة الجديدة، فالشعب المولدوفي ينتظر تحسنًا ملموسًا في مستوى المعيشة والبنى التحتية والفرص الاقتصادية. إذا خذلت الحكومة الجديدة في ذلك، فستكون هناك مخاطر تراجع الدعم الشعبي لمنهجها الأوروبي.
وتساءلت أن "الاتحاد الأوروبي أمام امتحان حقيقي: هل سيدعم مولدوفا فعلاً بخطة متسقة وطويلة الأمد، أم يكتفي بالتصريحات؟".
وأشارت أيضًا إلى أن مولدوفا يمكن أن تصبح نموذجًا تجريبيًا لكيفية دمج الدول الصغيرة المتأثرة بالحروب المجاورة، مثل أوكرانيا، في الهيكل الأوروبي، بشرط أن يلتزم الاتحاد بمبادئ التكامل وليس بالمصالح المؤقتة.
