قال مايكل مولروي، مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق، إن الضربات التي تعرضت لها إيران خلال حرب الـ12 يومًا ستدفعها أكثر من أي وقت مضى للسعي نحو امتلاك سلاح نووي، مشيرًا إلى أن الدمار الكبير الذي طال قدراتها الصاروخية والجوية سيدفعها لبدء سباق جديد للتسلح النووي.
وأضاف مولروي، في حوار خاص مع "إرم نيوز"، أن إيران أصبحت تدرك اليوم، بعد الضربة الأمريكية الإسرائيلية المزدوجة، أن امتلاك السلاح النووي بات ضرورة ملحة لبقاء النظام، كما حدث مع كوريا الشمالية.
وأكد أن أجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية ستركز جهودها خلال المرحلة المقبلة على هذا الملف، مشددًا على أن الضربات التي استهدفت إيران "لن تكون الأخيرة".
بناءً على خبرتك واتصالاتك الحالية، ما حجم الدمار أو الضرر الذي لحق بالمواقع النووية الإيرانية في أعقاب الضربة الأمريكية الأخيرة؟
أعتقد أننا بدأنا نرى بعض التقييمات الأولية حول مدى فعالية تلك الضربات على المنشآت في فوردو وأصفهان ونطنز، وقد تم تسريبها. يبدو أنها تشير إلى أن البرنامج نفسه تأخر فقط لأشهر وليس لمدة سنة أو أكثر كما كان متوقعًا.
من المهم معرفة ما الذي بُنيت عليه تلك التقييمات، وهل كانت مختلفة عن التقييمات ما قبل الضربة، لأن تلك التقييمات كانت ستُعد لتزويد الرئيس بالمعلومات اللازمة لاتخاذ القرار.
ثم، هل كان ذلك مبنيًّا على معلومات أولية فقط، وهل يمكن أن تتغير لاحقًا؟ لا نعلم، فهناك الكثير من الأسئلة. بالطبع، هناك مشكلة دائمًا عندما يتم تسريب معلومات سرية، لكنني أعتقد أن هناك الكثير من الأسئلة لدى الكونغرس حول مدى فاعلية تلك الضربات.
في سياق التأكد من نتيجة الضربة الأمريكية، هل ثمّة خيارات يتمّ درسها حالياً تكون أكثر فاعلية لحسم الجدل؟
الطريقة الوحيدة للتأكد فعلًا من أنّ إيران لا تملك سلاحًا نوويًّا أو أن المواقع قد دُمّرت بشكل كامل، هي إرسال قوات على الأرض.
هذا التعبير يُستخدم كثيرًا، لكن السيناريوهات التي تمنح الثقة الكاملة تتضمن إرسال قوات خاصة بعد الضربات، للتأكد من التدمير الكامل، أو سحب المواد، أو تدمير أجهزة الطرد، أو حتى إخراج الأسلحة في حال كانت موجودة، وهذا يتطلب عملية معقّدة وواسعة من قبل الولايات المتحدة وربّما إسرائيل.
وهذا ما لم يُناقش كثيرًا، رغم أن بعض المحللين العسكريين أشاروا إليه، ونأمل ألا يحدث ذلك، لأنه قد يؤدي إلى تصعيد أكبر للحرب.
لكن على خلاف ما يعرفه الجميع، هل تعتقد أنه من المتوقع أن تعترف إيران علنًا بأي ضرر لحق ببرنامجها النووي؟
لا، أتصوّر أن إيران ستحاول إخفاء مدى الضرر الذي لحق بتلك المنشآت. أعتقد أنه من المنطقي أنه عندما تسقط قنابل تزن 12,000 أو 30,000 رطل، فإنها ستسبب ضررًا بلا شك. السؤال هو، هل نعتقد أنه تم نقل اليورانيوم المخصب أو أجهزة الطرد المركزي؟
بالطبع، ربما حدث دمار هائل للمنشآت، لكن قد لا يكون لذلك تأثير كبير على البرنامج النووي أو طموحات إيران، لأن تلك الطموحات لا تزال قائمة.
لذا، هناك العديد من الأسئلة المشروعة، والأهم من ذلك، من قبل الكونغرس الذي له دور رقابي على الاستخبارات العسكرية والسياسة الخارجية. من المؤسف، بل وربما غير مسبوق، أنه تم إلغاء الإحاطات، لذا ستكون هناك الكثير من الأسئلة، كثير منها سياسي، لكن من منظور عسكري واستخباراتي، من المهم جدًّا أن نعرف لماذا تم اتخاذ ذلك التقييم، لأنه من غير المرجح أن الرئيس كان سيقوم بتلك العملية مقابل مجرد تأخير لبضعة أشهر فقط.
إلى أي مدى يمكن أن تُشكّل محاولات إيران لإعادة بناء منشآتها النووية تهديدًا فعليًّا؟ وماذا وراء إعلانها عن نقل اليورانيوم المخصب؟
من المؤكّد أنّه ليس من السهل إعادة بناء شيء معقد، مثل: منشأة فوردو، على سبيل المثال. يُعتقد أنّها تمتد إلى عمق 300 قدم تحت الأرض، مع أنفاق ومساحات محصنة ومعقدة جدًّا. لذلك فإعادة بنائها أمر صعب. وأعتقد أنه إذا حاولوا فعل ذلك مرّة أخرى، فمن المرجح أن تضربهم إسرائيل مرّة أخرى. بالطبع، لدى إسرائيل تفوق جوي حاليًّا، وأعتقد أنّ معظم استخباراتها تركز على ما إذا كانت إيران ستحاول إعادة بناء تلك المنشآت في مكان آخر.
كانت هناك صور من مصادر مفتوحة أظهرت شاحنات تقف أمام تلك المنشآت قبل الضربات.
أتصوّر أنّ أجهزة الاستخبارات في إسرائيل والولايات المتحدة وأوروبا تحاول تحديد ما الذي تم تحميله في تلك الشاحنات، وأين ذهبت. لذلك قد لا يكون الأمر قد انتهى، قد تكون هناك عمليات عسكرية إضافية إذا كانت تلك هي الحال.
لا أفهم حقًّا لماذا تعلن إيران أنّها نقلت تلك المواد، لأنّ ذلك سيزيد احتمال توجيه ضربات مستقبلية إذا اكتشفت إسرائيل مكانها. وقالت إيران إنّها نقلت اليورانيوم المخصب، ومن المهم أن نوضح أن نسبة تخصيب اليورانيوم في إيران تصل إلى 60%، وهو أعلى بكثير مما يلزم للطاقة النووية المدنية.
لذلك، هذه قضية لم تُحسم بعد، يجب أن يكون هناك تقييم شامل وموضوعي لما حدث بالفعل، ومدى تأثير تلك الضربات. ولكن من المهم أن نذكر أنّ الهدف لا يزال قائمًا، وهو منع إيران من الحصول على سلاح نووي من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل.
إذا تم بالفعل إضعاف البنية التحتية النووية الإيرانية، كيف يمكن أن يؤثر ذلك في الحسابات الاستراتيجية لطهران؟
كل عضو في النظام تحدث علنًا قبل تلك الضربات قال: إذا تم استهداف تلك المنشآت، سنتجه نحو امتلاك سلاح نووي. كانوا سابقًا يقولون إنهم لا ينوون فعل ذلك. إذا لم يغيروا تلك السياسة، من المتوقع أنهم سيحاولون بكل ما لديهم امتلاك سلاح نووي، لأنه من الواضح أنهم عاجزون عسكريًّا مقارنة بالولايات المتحدة وإسرائيل.
وقد يرون أن الحصول على سلاح نووي أصبح ضرورة لبقاء النظام، تمامًا كما فعلت كوريا الشمالية. مع الاعتراف بأن الوضع في إيران يختلف عن كوريا الشمالية، لكن الفارق الرئيس هو أن كوريا الشمالية تملك أسلحة نووية جاهزة للإطلاق. وأعتقد أن إيران ستحاول ذلك.
أجهزة الاستخبارات في الولايات المتحدة وإسرائيل ستركز كثيرًا على ذلك الأمر. لهذا أقول إن تلك الضربة قد لا تكون الأخيرة، خصوصًا إذا لم تتوصل إيران لاتفاق جديد مع الولايات المتحدة يضمن عدم سعيها لسلاح نووي، لأن المقابل سيكون تخفيفًا كبيرًا للعقوبات.
لننتقل إلى وقف إطلاق النار، ما الذي يعنيه فعليًا؟ هل هو هدنة طويلة الأمد أو مجرد توقف مؤقت قبل جولة جديدة من التصعيد؟
أعتقد أنه غير مستقر للغاية. رأينا قبل التوصل إليه اتهامات متبادلة بانتهاك الاتفاق، ورأينا بوضوح أن الرئيس الأمريكي ترامب منزعج جدًّا.
من المهم أن نوضح أن الولايات المتحدة تعرف متى تحدث أمور معينة، فعند إطلاق صاروخ بالستي يمكن رؤيته من الفضاء، هناك أقمار صناعية تلتقط وميض الأشعة تحت الحمراء، وهناك رادارات أرضية في دول الشرق الأوسط تملكها الولايات المتحدة، ويمكنها رؤية عمليات الإطلاق والطائرات والغارات.
لذلك، ليس الأمر مجرد تخمين. أنا متأكد أن الرئيس تلقى إحاطة عمّن أطلق ماذا، ومن خرق الاتفاق. لذلك، فإن غضبه والتأثير الذي يتمتع به، خصوصًا ترامب على إسرائيل، سيكون أحد العوامل التي تُبقي وقف إطلاق النار قائمًا. وذلك بالتأكيد يصب في مصلحة الجميع، خصوصًا المدنيين في كل من إسرائيل وإيران.
برأيك، هل تعتقد أن ما رأيناه من مواجهة مباشرة بين إيران وإسرائيل كان الذروة أو أن الأسوأ لم يأتِ بعد؟
نأمل ذلك، أليس كذلك؟ لأن مشاهدة تلك الصراعات من بعيد شيء، لكن عيشها من الداخل أسوأ بكثير. فالمدنيون غالبًا ما يكونون ضحايا وسط المعركة، ولا أحد يريد لهذا أن يستمر. لكن يمكن أن يصبح الوضع أسوأ بكثير. هناك احتمال، طبعًا، أن تحصل إيران على سلاح نووي، فتصبح دولة مسلحة نوويًّا. هل سيكون ذلك مقبولاً؟ هل ستقوم إسرائيل بضربة استباقية لتلك الأنظمة؟ على الأرجح نعم. وربما تعلن إسرائيل ذلك، وربما حتى الولايات المتحدة.
لكن ذلك قد يؤدي إلى تبادل نووي، ومن المهم أن نذكر أن كل سيناريوهات التبادل النووي، حتى المحدودة منها، ستكون كارثية، ليس فقط للدول، بل للبيئة العالمية. قد يتغير المناخ العالمي بشكل كبير، وسيتسبب ذلك في آثار كارثية على المحاصيل والتلوث الإشعاعي. ذلك ليس مبالغة.
من المهم للجميع أن يعمل لمنع حدوث ذلك، وإحدى طرائق تحقيق ذلك هي التأكد من أن إيران لا تحصل على سلاح نووي.
على المستوى الاستراتيجي، هل تعتقد أن إسرائيل نجحت في فرض الردع على إيران بعد هذا التصعيد؟ أو أن إيران خرجت من التصعيد بشعور بالقوة؟
أعتقد أن إسرائيل فرضت الردع، وأرى أن إيران، رغم خطابها، تدرك أن قواتها الجوية ودفاعاتها الجوية قد انهارت تماماً خلال يومين فقط. لقد بدؤوا، وإذا لم تكن تملك رداً جوياً أو برياً، فأنت عملياً بلا دفاع. لهذا انتقلت إسرائيل من استهداف المواقع النووية إلى المواقع العسكرية، ثم الاقتصادية، فالنقل، ثم ضربات استهداف القيادة على أعلى المستويات.
لقد أظهرت أنها قادرة على الهيمنة على إيران عسكرياً، ما يعني أن المتشددين في إيران، خصوصاً في الحرس الثوري، باتوا مقتنعين تماماً بأنهم بحاجة إلى سلاح نووي. لذلك أعتقد أننا مقبلون على سباق نحو امتلاك سلاح نووي، وهذا أحد الانتقادات الموجهة لتلك الضربات.
لا يوجد حل سهل، ولا أدّعي وجوده، لكن ذلك سيكون محور تركيز لجان الاستخبارات، وقد نشهد ردوداً عسكرية بناءً على ما تقوله الاستخبارات.
ما العوامل الأساسية التي قد تشعل الصراع في المنطقة مرّة أخرى؟
إذا ظهرت مؤشرات أو معلومات استخباراتية موثوقة تُثبت أن إيران تملك منشأة سرية أو تحاول تخصيب اليورانيوم لمستوى تسليحي، فإنها ستحتاج إلى تصغير السلاح، وإضافة آلية تفجير، ووسيلة لإيصال السلاح. هناك وسائل تقليدية، مثل: القنبلة الجاذبية التي انفجرت قبل أن تصل إلى الأرض في نهاية الحرب العالمية الثانية وتسببت بدمار هائل، لذا، هذا أمر يجب أن يقلق العالم.
الخيار الآخر أمام إيران هو الصواريخ البالستية، وعددها حالياً يُقدَّر بـ1200 صاروخ، مع نحو 200 منصة إطلاق، لكن إسرائيل دمّرت معظم قدرتها التصنيعية، لذا فهذا مورد محدود.
ليس أمام إيران الكثير من الخيارات. هناك حديث عن زرع ألغام في مضيق هرمز، لكن هذا سيضر إيران بقدر ما يضر أي دولة أخرى، فهي تصدّر 100% من نفطها عبر هذا المضيق، والألغام لا تميز السفن، وزبونها الأكبر هو الصين التي تحصل على الكثير من طاقتها من الخليج، بينما الولايات المتحدة لا تعتمد عليه كثيراً، لذا إغلاق المضيق سيضر إيران أكثر من غيرها، ولهذا، الاحتمال ضعيف.
الخيار الآخر الوحيد هو شنّ هجمات إرهابية عبر شبكات وكلائها تستهدف أهدافاً ناعمة أو دبلوماسيين حول العالم، لكن هذا سيدفع الولايات المتحدة للتدخل ويزيد مشاكل إيران في الدفاع عن نفسها.
برأيك، ما السيناريو الأكثر ترجيحًا بعد وقف إطلاق النار؟ هل سنشهد عودة إيران إلى حرب الظل، أو اتفاقا أشمل، أو صراعًا مفتوحًا في المستقبل؟
أعتقد أن إدارة ترامب ستحاول دفع المفاوضات للعودة، من أجل التوصل إلى اتفاق جديد مع إيران، مثل الاتفاق النووي الذي انسحب منه ترامب عام 2018، لكن هذه المرة سيكون أكثر صرامة من اتفاق 2015، لماذا؟
أولاً، لأنه سياسياً يحتاج لتبرير انسحابه من الاتفاق الأصلي، وثانياً، من مصلحة الولايات المتحدة أن يكون الاتفاق الجديد أكثر صرامة. وهذا سيتوقف على ما إذا كانت إيران ستوافق على عدم تخصيب اليورانيوم داخل أراضيها، وأن تكون جزءاً من كونسورتيوم دولي تتسلم من خلاله اليورانيوم المخصب من الخارج لاستخدامه في الطاقة النووية.
ومن المهم الإشارة إلى أن إيران لا تحتاج فعلياً للطاقة النووية لأنها تملك مصادر طاقة طبيعية وفيرة، لكنها تصر على امتلاكها. ووفقاً للمفاوضين الأمريكيين، يمكن أن تحصل على الطاقة النووية ولكن دون تخصيب.
لكن إيران قالت: إنها لن تقبل بذلك، لذا لا يوجد أي ضمان على الإطلاق. ولكن إذا تم التوصل لاتفاق نووي جديد، أعتقد أن الولايات المتحدة ستضغط بقوة على إسرائيل لوقف أي ضربات، ما لم تُهاجم من إيران، لأنها تريد ضمان بقاء الاتفاق واستمراره.
في ما يخص وكلاء إيران الإقليميين، هل تعتقد أنهم ما زالوا فاعلين؟ أو الأصح، هل لدى طهران اليوم القدرة على استخدامهم كما في السابق؟
أعتقد أن تأثيرهم تراجع كثيراً. من الواضح أن حماس تم تدميرها في غزة، وغزة نفسها دُمّرت. وكانت هناك ضربات كبيرة وجهود قطع الرأس ضد حزب الله، وقد تم إضعافهم إلى حد كبير.
أعتقد أن العديد من هذه الجماعات ترى الآن أن العمل لصالح إيران لم يكن في مصلحتهم، ولا في مصلحة أفرادهم أو بيئتهم. لذلك سيكون من الصعب على إيران إعادة بناء تلك الشبكات حتى لو أرادت ذلك، لأن الأمر يتطلب تمويلاً كبيراً.
العواقب الآن لا تقع فقط على تلك الجماعات، بل على إيران أيضاً. أحد أسباب استخدام إيران للوكلاء هو قدرتها على إنكار المسؤولية. لكن إسرائيل، في اعتقادي، تجاوزت ذلك الأسلوب وأظهرت أنها لا تمانع في مهاجمة إيران مباشرة، على الأقل جزئياً، بسبب أفعال وكلائها، وقد يشكل ذلك تحوّلاً في السياسة يجعل العمليات بالوكالة أقل فاعلية من الناحية السياسية.
بخصوص الاتفاق، لم نعرف بعد بنود اتفاق وقف إطلاق النار. وعلى ماذا يستند؟ هل لديك معلومات؟
هذا غير واضح. أعتقد أن هناك خلافات كثيرة حول الشروط، ولهذا السبب لم تُعلَن وظلت غامضة، على الأقل بشكل علني. لكن في الجوهر، أي اتفاق وقف إطلاق نار يعني أن الطرفين سيتوقفان عن تنفيذ أي عمليات عسكرية ضد بعضهما البعض.
لذلك، الشروط مهمة، لكن الأهم هو التوقف الفعلي عن القتال، وهذا ما نأمل أن يستمر. لكن هاتين الدولتين لا تثقان ببعضهما، وقد ينفجر الوضع بسهولة.
الولايات المتحدة أصبحت بوضوح، الوسيط والضامن لهذا الاتفاق. من الواضح أن الولايات المتحدة تريد وقف القتال.