logo
العالم

اليمين المتطرف في رومانيا.. تهديد جديد لأوكرانيا والناتو في شرق أوروبا

اليمين المتطرف في رومانيا.. تهديد جديد لأوكرانيا والناتو في شرق أوروبا
المرشح اليميني المتطرف جورج سيميون المصدر: رويترز
06 مايو 2025، 4:56 م

في تطور سياسي لافت ينذر بتحولات جذرية في المشهد الجيوسياسي الأوروبي، تصدّر المرشح اليميني المتطرف جورج سيميون الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في رومانيا، حاصداً نحو 41% من الأصوات، ومتقدماً بفارق واسع على منافسيه من مرشحي الوسط والحكومة.

فوز سيميون المفاجئ لا يعكس فقط تحوّلاً داخلياً في بلد يقع على الخط الفاصل بين الغرب وروسيا، بل يثير مخاوف جدية من إعادة رسم التوازنات العسكرية والسياسية على الجبهة الشرقية لحلف شمال الأطلسي، خاصة في ظل استمرار الحرب الشرسة التي تخوضها أوكرانيا ضد الغزو الروسي.

أخبار ذات علاقة

احتفالات لأنصار اليمين المتطرف في رومانيا

مرشح "اليمين المتطرف" يتصدر نتائج الانتخابات الرئاسية في رومانيا

 ويحمل جورج سيميون، زعيم حزب "تحالف توحيد الرومانيين"، أجندة قومية صارمة ترفض أي تدخل عسكري خارجي، وتدعو لوقف الدعم المقدم لأوكرانيا، علماً بأنه مُنع سابقاً من دخول كييف بسبب مواقفه المناهضة.

ويتبنّى سيميون علناً مشروع توحيد رومانيا ومولدافيا، وهي قضية شديدة الحساسية جيوسياسياً نظراً لعلاقة موسكو الوثيقة بجمهورية ترانسنيستريا الانفصالية الموالية لها.

جاء فوزه الساحق في الجولة الأولى بعد استبعاد المرشح اليميني الآخر، كالين جورجيسكو، من السباق الرئاسي على خلفية اتهامات بتلقّي تمويل مشبوه وتواصل مع الكرملين.

تداعيات على الجبهة الأوكرانية

وشكل صعود سيميون صدمة لأوكرانيا التي تعتمد على الأراضي الرومانية كخط إمداد رئيس للأسلحة والمساعدات الغربية، أبرزها ميناء كونستانزا على البحر الأسود الذي تمر عبره 70% من صادرات الحبوب الأوكرانية.

ويرى مراقبون أن فوز مرشح متشدد يعارض المشاريع العسكرية الغربية في المنطقة سيُربك الاستراتيجيات الغربية، وخصوصاً في ما يتعلق بالحرب الروسية-الأوكرانية، وسط تراجع متزايد في متانة التحالفات الإقليمية.

وبحسب خبراء، فإن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في رومانيا أثارت جدلاً واسعاً بعد استبعاد مرشح يميني بارز بدعوى "النفوذ الروسي"، ما مهّد الطريق أمام فوز جورج سيميون، المعروف بخطابه القومي المتشدد، ودعمه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ورفضه المطلق لتقديم المساعدات إلى كييف.

وأشار الخبراء في تصريحات خاصة لموقع "إرم نيوز" إلى أن فوز سيميون قد يعيد رسم خريطة التوازنات في منطقة البحر الأسود، ويؤثر على توجهات حلف الناتو في أوروبا الشرقية، بالتزامن مع تصاعد الحديث عن صفقة روسية تشمل أوكرانيا ومولدافيا وأرمينيا، ما يكرّس تحولات استراتيجية في ظل انقسامات متزايدة داخل الحلف.

اتهامات رومانية

 قال د. آصف ملحم، مدير مركز (JSM) للأبحاث والدراسات، إن الانتخابات الرئاسية الأخيرة في رومانيا أثارت جدلاً عارماً، خصوصاً بعد منع مرشح بارز من دخول أوكرانيا واستبعاده من الترشح، إثر اتهامات بالتأثر بـ«النفوذ الروسي».

وأوضح ملحم، في تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أن هذه المحاولة الثانية لاختيار رئيس جديد، بعدما أُلغيت نتائج الجولة الأولى في نوفمبر الماضي والتي فاز بها المرشح اليميني كالين جورجيسكو، على خلفية دعواته لوقف دعم أوكرانيا، الأمر الذي أدى إلى توجيه اتهامات له بالتبعية لموسكو، ومن ثم منعه من الترشح بسبب مصادر تمويل مجهولة وفتح تحقيق جنائي بحقه.

أخبار ذات علاقة

تظاهرة لأنصار اليمين المطرف في رومانيا

"لوموند": صعود اليمين المتطرف في رومانيا يهدد مستقبلها الأوروبي

 وأضاف أن هذا الاستبعاد مهّد الطريق أمام جورج سيميون، زعيم حزب "تحالف توحيد الرومانيين"، الذي تصدر النتائج بنسبة 40.96%، يليه حاكم بوخارست نيكسور دان، ثم المرشح الحكومي كرين أنتونيسكو.

وأشار مدير مركز "JSM" إلى أن سيميون يتبنّى مواقف مناهضة لتسليح أوكرانيا، ويرى أن روسيا لا تمثل تهديداً فعلياً للحلف، كما أبدى تأييده لسياسات ترامب بشأن زيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي. ويشاركه في تلك الرؤية رفيقه في الحزب، كلاوديو تارزيو، الذي أطلق مطالبات إقليمية بأراضٍ أوكرانية، فيما يتبنى الحزب خطاباً معادياً للمثليين، ويُبدي تشكيكاً واضحاً في المشروع الأوروبي.

وأكد د. ملحم أن سيميون، ورغم اتهامه بـ" الولاء لروسيا"، معروف بدعمه لحركة MAGA التابعة لترامب، حيث سبق أن نشر صورة له وهو يرتدي قبعة "ترامب أنقذ أمريكا"، تعبيراً عن تطابقه الأيديولوجي مع هذا التيار.

ومع ذلك، لم تنقذه تلك الصورة من اتهامات بلقائه ممثلين عن المخابرات الروسية في 2011، وهي تهمة أنكرها بشدة واعتبرها محاولة لإسقاطه سياسياً بسبب دعوته لضم مولدافيا.

ويرى ملحم أن وصول حزب يميني رافض لمشاريع الناتو إلى السلطة، قد يُضعف الموقف الغربي في الحرب ضد روسيا، خاصة وأن رومانيا تُعد ذات موقع استراتيجي على البحر الأسود، ما يمنحها دوراً محورياً في ملفات معقدة كأوكرانيا ومولدافيا، خصوصاً في ظل الأحاديث المتصاعدة عن صفقة روسية شاملة تضم أيضاً أرمينيا، تهدف إلى تحجيم التدخل الغربي في تلك المناطق.

وختم ملحم حديثه بالتأكيد على أن الحديث عن "إضعاف الناتو" ربما يكون مبالغاً فيه، لكنه أشار إلى أن الانقسامات داخل الحلف أصبحت واضحة، مع تبني دول أوروبا الشرقية مثل بولندا ودول البلطيق لمقاربات مغايرة عن الحلفاء الغربيين الكبار.

صعود اليمين المتطرف

من جهته، رأى د. محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن الانتخابات الرئاسية الرومانية لا يمكن فصلها عن السياق السياسي العام في أوروبا، موضحاً أن استبعاد مرشح يميني فاز سابقاً جاء على خلفية اتهامات بالتقارب مع الكرملين.

وفي تصريحات خاصة لـ"إرم نيوز"، أشار الأفندي إلى أن صعود اليمين المتطرف لم يعد ظاهرة رومانية فحسب، بل ينسحب على معظم الدول الأوروبية، حيث ترفع تلك القوى شعارات قومية تركز على الداخل الوطني وتُقلل من أهمية السياسات الخارجية، تحت شعار "الوطن أولاً".

وفسر هذا الصعود المتسارع بأنه نتيجة لتراجع ثقة المواطنين في الديمقراطية الليبرالية، التي تحوّلت – بحسب وصفه – إلى "ديكتاتورية ليبرالية"، دفعت الشعوب للبحث عن بدائل حتى وإن كانت متطرفة.

 

ورغم هذا الانتشار، رأى الأفندي أن اليمين لا يزال يفتقر إلى القوة السياسية الحاسمة، مستشهداً بتجربة مارين لوبان في فرنسا، التي لم تتجاوز أصواتها 30%، مما يدل على هشاشة هذا التيار رغم توسعه.

وتوقع أن تستمر موجة اليمين المتطرف في المدى القريب، مشيراً إلى أن أوروبا تمر بمرحلة مفصلية تشهد فيها تراجعاً للنخب الليبرالية وصعوداً للخطاب القومي المتشدد، في ظل انقطاع متزايد بين الحكومات والمواطنين.

وأكد د. محمود الأفندي أن النخب الليبرالية الأوروبية لم تعد تعبّر عن الشارع، بل تحوّلت إلى منظومات بيروقراطية منفصلة عن الواقع، ما جعل من اليمين الخيار الوحيد أمام الشعوب رغم ما يحمله من توجهات مثيرة للجدل.

ووصف النظام الأوروبي الجديد بـ"الميزوقراطيا" أو "حقبة التفاهة"، حيث تغيب الرؤية السياسية العميقة لصالح شعارات سطحية.

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء الروماني مارسيل شيولاكو بعد استقالته

بعد صعود اليمين المتطرف.. استقالة رئيس وزراء رومانيا

 واعتبر أن نتائج الانتخابات الرئاسية في رومانيا لن تُحدث تغييراً جذرياً في بنية حلف الناتو، لافتاً إلى أن دول جناحه الشرقي – مثل رومانيا وبلغاريا وبولندا ودول البلطيق – لا تملك القرار الاستراتيجي، بل تعتمد كلياً على الدعم العسكري والاقتصادي الغربي.

وختم بالقول إن هذه الدول، حتى في حال تغير قياداتها، لن تستطيع أن تحيد عن سياسات الناتو، مشدداً على أن هذا الجناح ولد من رحم العداء مع روسيا، وإن وضعت الحرب أوزارها، فسيصبح عبئاً اقتصادياً غير مبرر، لا سيما بالنسبة للولايات المتحدة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC