رسم خبراء أوروبيون سيناريوهات مستقبلية بعد انسحاب زعيم اليمين المتطرف الهولندي خيرت فيلدرز، من الحكومة، خاصة فيما يتعلق بالهجرة.
وبعد أشهر من التوتر داخل الائتلاف، فجّر الزعيم اليميني المتطرف في هولندا الوضع حين أعلن أن صبره نفد فيما يخص تطبيق خطة أكثر صرامة في التعامل مع طالبي اللجوء، مطالبًا بإغلاق الحدود، وطرد مزدوجي الجنسية المدانين، ووقف لمّ شمل الأسر.
ورأى مراقبون، أن ما يحدث في هولندا ليس حالة معزولة، بل جزء من موجة أوروبية تعكس صعود اليمين الشعبوي، خاصة في ملف الهجرة.
وفي حال نجاح فيلدَرْز انتخابيًا، فإن ذلك يُعطي دفعة لقيادات مماثلة في فرنسا وألمانيا والنمسا.
وقال المحلل السياسي الهولندي مارك فان دير ستاين، إن "فيلدرز كان يخطط لهذه الخطوة منذ أسابيع".
وأضاف دير ستاين لـ"إرم نيوز"، أن "فيلدرز أدرك أن وجوده في الحكم يكبله، وأنه لا يستطيع تنفيذ أجندته بالكامل، ففضّل أن ينقل المعركة مجددًا إلى صناديق الاقتراع".
وتابع: "انسحابه في هذا التوقيت يمنحه صورة الضحية، ويستنهض مشاعر مؤيديه، خاصة في ظل الجدل القائم حول أزمة مراكز اللجوء في البلاد".
ورغم تصدر حزب الحرية الذي ينتمي إليه فيلدرز استطلاعات الرأي، فإن الفارق بينه وبين تحالف "الخضر-الاشتراكيين" بقيادة فرانس تيمرمانس يتقلّص، بينما يظل الحزب الليبرالي في موقع تنافسي قوي.
وهذا يعني أن خيار تشكيل ائتلاف يتطلب تنازلات، وربما يُقصي مجددًا فيلدَرز من منصب رئاسة الوزراء.
من جهتها، قالت الباحثة الفرنسية في شؤون التطرف السياسي لور مينييه، إن "الناخب الهولندي ينجذب نحو خطاب التشدد".
وأضافت لـ"إرم نيوز": "لكن الناخب في هولندا لديه هواجس مؤسسية، ولا يثق كثيرًا في شخصية مثيرة للجدل كفيلدَرْز".
وحول السيناريوهات المستقبلية، قالت لور مينييه، إنه "إذا فاز حزب الحرية (PVV) مجددًا بأغلبية مريحة أو كوّن ائتلافًا مع الليبراليين وبعض المسيحيين المحافظين، فقد نشهد حكومة يمينية متطرفة وتسريعًا حقيقيًا في تقييد اللجوء، مع تشريعات أكثر صرامة".
والسيناريو الثاني، هو ائتلاف وسطي دون فيلدرز، فمن المرجّح أن تتشكل حكومة من قوى الوسط واليسار لمنع تكرار تجربة مشاركة فيلدرز في الحكم، وهو ما يضعف حظوظه رغم شعبيته.
والسيناريو الثالث، هو الجمود السياسي، فقد تفرز الانتخابات خريطة سياسية مجزّأة تُعقّد تشكيل الحكومة، ما يطيل فترة الفراغ ويؤجج الاستقطاب.
وأعلن خيرت فيلدرز، يوم الثلاثاء، انسحاب حزبه "حزب الحرية" (PVV) من الائتلاف الحكومي بسبب خلاف حول سياسة الهجرة، مما يمهد الطريق لإجراء انتخابات مبكرة في هولندا.
ويفتح هذا الانسحاب مرحلة من الغموض السياسي في خامس أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي وأحد أبرز مُصدريه، في وقت تواصل فيه الأحزاب اليمينية المتطرفة التقدّم في القارة.
وبعد 18 شهرًا على فوزه المفاجئ الذي هزّ أوروبا، لا تزال استطلاعات الرأي تُظهر أن حزب الحرية (PVV) هو الأقوى.
ويطارد حزب الليبراليين عن قرب، التحالف بين حزب الخضر والاشتراكيين الديمقراطيين بقيادة نائب رئيس المفوضية الأوروبية السابق فرانس تيمرمانس.
كما يحتل الحزب الليبرالي، وهو لاعب تقليدي رئيسي على الساحة السياسية الهولندية، موقعًا متقدمًا أيضًا، ما يعني أن الانتخابات المقبلة ستكون شديدة التنافس.