تضغط السلطات التشادية على فرنسا؛ من أجل تسريع عملية سحب قواتها من إنجامينا، في تطور يثير تساؤلات حول دلالات ذلك، خاصة أن هناك تقديرات بأن تشاد قد تلجأ إلى تغيير تحالفها مع القوى الغربية بتحالف آخر مع روسيا على خطى دول مثل مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وفي وقت سابق، دعت الحكومة التشادية فرنسا إلى إتمام سحب قواتها مع حلول نهاية يناير/ كانون الثاني المقبل، في خطوة لم تعلق عليها فرنسا، لكنها بدأت، بالفعل، تسليم قواعد عسكرية كانت تسيطر عليها للسلطات المحلية في البلد الواقع في غرب إفريقيا.
وتأتي الضغوط التشادية، بعد نحو شهر من إعلان إنجامينا عن وضع حد للاتفاقية الدفاعية التي تربطها بباريس، في خطوة ستزيد على الأرجح من انحسار النفوذ الفرنسي الذي تداعى بعد انقلابات عسكرية متتالية عرفتها دول المنطقة.
وعلق المحلل السياسي التشادي، محمد إدريس، على هذا التطور بالقول إن: "هذه خطوة ضمن خطوات أوسع لتدشين حقبة جديدة في البلاد يتم فيها القطع مع التدخلات الخارجية السلبية بشكل كبير، وانسحاب القوات الفرنسية سيعبد الطريق أمام شراكات أمنية واقتصادية جديدة مع دول أخرى وستكون على أساس احترام سيادة تشاد".
وأوضح إدريس لـ"إرم نيوز" أن: "من الصائب القول إن قرار بلادنا ينطوي على مخاطر أهمها من سيملأ الفراغ الذي ستتركه فرنسا، وما إذا كانت الجماعات المسلحة ستسعى إلى استغلال ما يحدث من خلال استئناف هجماتها ضد الجيش الوطني وقوى الأمن، لكن الحكومة اتخذت حتماً إجراءات استباقاً لذلك".
وأكد أن: "فرنسا هي الخاسر الأكبر من قرار تشاد؛ إذ تخسر رابع حليف في منطقة الساحل الإفريقي جراء تدخلاتها السلبية والتي لم تحقق أية نتائج ميدانية على غرار إضعاف الجماعات المسلحة أو إنهاء الأزمات الاقتصادية التي تعرفها المنطقة".
وأنهى إدريس حديثه بالقول إن: "على حكومتنا إعادة ترتيب أولوياتها الآن، خاصة في ظل التغييرات السياسية التي تعرفها والسعي لإيجاد استقرار اجتماعي وسياسي يجعلنا بمنأى عن أي تدخلات أجنبية لا تراعي سيادتنا الوطنية".
واحتفظت فرنسا لعقود بقواعد عسكرية إستراتيجية مكنتها من مراقبة نشاط الجماعات المسلحة، وستشكل خسارة تلك القواعد نكسة لمقاربة باريس تجاه منطقة الساحل الإفريقي.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، قاسم كايتا، إن: "في اعتقادي الضغوط التشادية ترمي إلى تنزيل رؤية الحكومة إلى أرض الواقع والتي من بين أهم ركائزها إرساء تحالفات جديدة لتشاد، وربما سنرى انضماماً لتحالف دول الساحل الجديد؛ ما قد يشكل طعنة جديدة للمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)".
وتابع كايتا في تصريح خاص لـ"إرم نيوز" أن: "تشاد في مفترق طرق سواء على الصعيد المحلي أو الخارجي، خاصة مع بداية تبلور سياسات الرئيس محمد إدريس ديبي إنتو، الذي من الواضح أنه لن يتبنى النهج الذي كان يتبناه والده؛ ما يجعلنا أمام مرحلة ربما تكون حبلى بالمفاجآت".