بدأت السلطات الانتقالية في مالي حملة من أجل تغيير أسماء الشوارع والميادين والساحات التي كانت تُطلَق عليها أسماء فرنسية أو تعود لرموز من المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس".
وتجسد هذه الخطوة الجديدة القطيعة التامة بين باماكو وإيكواس من جهة، وباماكو وباريس من جهة أخرى.
وتُكرّم الأسماء الجديدة التي أطلقت على ساحات وشوارع البلاد شخصيات تاريخية ورمزية وطنية على غرار ساوندياتا كيتا، مؤسس إمبراطورية مالي في القرن الثالث عشر، وكانكو موسى العاشر "مانسا" (ملك الملوك) لإمبراطورية مالي في القرن الثالث عشر، وكذلك ساموري توري، أحد أعظم مقاومي الاستعمار في غرب إفريقيا في نهاية القرن التاسع عشر، وسيدو باديان، الكاتب والسياسي الذي كتب كلمات النشيد الوطني لمالي.
وبعد انقلابين عسكريين، تولى الجنرال آسيمي غويتا الحكم في مالي حيث قاد البلاد إلى تحالف مثير للجدل مع روسيا وعداء غير مسبوق لفرنسا التي طُردت قواتها وبعثاتها الدبلوماسية وواجهت اتهامات بأنها تسعى إلى زعزعة الاستقرار في باماكو.
وعلق المحلل السياسي المالي، قاسم كايتا، على الأمر بالقول إن "هذا الإجراء يجسد بالفعل قطيعة تامة بين مالي وفرنسا، لكنه لم يكن محل إجماع خاصة في ظل الانتقادات لغياب أسماء للأقليات والنساء في الشوارع والساحات الجديدة وهو أمر كان لافتاً".
وأضاف كايتا في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "هذا الإجراء يأتي كرسالة للداخل والخارج، إذ يسعى المجلس العسكري لترسيخ عقلية العداء لفرنسا وتوحيد الصفوف الداخلية خلفه، وأيضاً للخارج إذ يقطع الطريق عن أي مساعٍ جديدة لترميم العلاقة بين مالي وإيكواس وأيضا فرنسا وهي رسالة ستتلقفها هذه القوى حتماً".
وشدد على أن "هذه الخطوة في المقابل لا يمكنها أن تحل المشكلات التي تُعانيها مالي وشعبها خاصة الأزمة السياسية والأمنية والاقتصادية حيث لا توجد أي مقاربات جديدة تطرحها السلطات الانتقالية".
وجاء هذا الإجراء في وقت كانت تسعى فيه إيكواس لإعادة مالي ومعها النيجر وبوركينا فاسو إلى التكتل الاقتصادي الإقليمي، لكن جهودها أخفقت في النهاية في تحقيق هدفها، ما يثير تساؤلات حول مصير هذه المجموعة التي تتألف من 15 بلدا في غرب إفريقيا.
وقال المحلل السياسي المتخصص في الشؤون الإفريقية، محمد الحاج عثمان إن "هذا الإجراء سيادي ويحق لكل بلد أن يكرم رموزه، ولا يمكن أبداً قبول وجود أسماء لجنرالات تمادوا في التنكيل بالشعوب الإفريقية وغير ذلك في ساحات بارزة مقابل تهميش الرموز الوطنية".
وأوضح الحاج عثمان في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "النيجر كانت سباقة قبل نحو شهر بتغيير أسماء الشوارع والساحات والآن التحقت بها مالي، وأعتقد أن دولا مثل بوركينا فاسو ستلتحق بهما لأن الشعوب لم تعد تقبل الوضع القائم وعلى سلطاتها، انتقالية أو دائمة، احترام رموزها التاريخية".