"المرصد السوري": استهداف سيارة على طريق مطار حلب الدولي

logo
العالم

استعراضات النصر.. الصين وروسيا تُعيدان سردية الحرب العالمية الثانية

استعراضات النصر.. الصين وروسيا تُعيدان سردية الحرب العالمية الثانية
جنود روس يقودون مدافع هاوتزر ذاتية الدفع من طراز كواليتسي...المصدر: رويترز
31 أغسطس 2025، 2:34 م

في كلِّ عام، تتحول الساحات الرئيسة في موسكو وبكين إلى مسارح ضخمة لاستعراضات النصر، لكنها ليست مجرد احتفالات عسكرية؛ ففي قلب هذه الفعاليات ما يُعرف بـ"حروب الذاكرة"، حيث تُسترجع الحروب الماضية لإعادة رسم سردية فهم الجمهور للتاريخ وتشكيل شعور جماعي بالهوية والانتماء.

وبحسب تقريرٍ لمؤسسة "بروكينغز"، فإن استعراض "يوم النصر" في الساحة الحمراء في روسيا، يُمثل فرصةً لإعادة التأكيد على تضحيات الجيش الأحمر خلال الحرب العالمية الثانية؛ لتذكّر الحاضرين بأن تضحيات أسلافهم كانت محور الانتصار على النازية، غير أن هذا الاستعراض يتجاوز الجانب العسكري ليصبح وسيلةً لتشكيل سردٍ وطني؛ ما يخلق رابطة إنسانية عميقة بين الماضي والحاضر.

أما في الصين، فإن الاحتفال بالانتصار على اليابان، الذي يُقام كلَّ عشر سنوات، يحمل بعدًا شخصيًا مشابهًا لكنه أكثر تعقيدًا تاريخيًا؛ فبالنسبة لجيل من الصينيين، الذين لم يشهدوا الحرب مباشرة، فإن استعراضات مثل استعراض 3 سبتمبر 2015، وفعاليات الذكرى الثمانين القادمة، تُمثل جسرًا بين الماضي والحاضر.

أخبار ذات علاقة

efe8f468-b94d-4417-a28c-1381103b3e64

احتدام المعارك في أوكرانيا تزامنًا مع احتفالات روسيا بيوم النصر

 ويرى الخبراء أن هذه الاستعراضات ليست مجرد تذكير بالتاريخ، بل أيضًا أداة لإشراك الشعوب في سردٍ رسمي لتفسير الماضي؛ فالصين وروسيا تستخدمان هذه الذكريات لإعادة توجيه الانتباه إلى مساهماتهما الكبرى في الحرب العالمية الثانية، وإلى الترتيبات التي أعقبتها مثل إعلان القاهرة وبروتوكول بوتسدام، والتي ترى الحكومتان أنها تشكل أساسًا قانونيًا وأخلاقيًا لمطالبهما الإقليمية الحالية، ومن منظور شعوري، فإن هذه الأحداث تمنح المواطنين إحساسًا بالعدالة التاريخية والمشاركة في قرار مصير دولتهم.

أخبار ذات علاقة

ألكسندر فوتشيتش وفلاديمير بوتين

رغم تحذيرات أوروبا.. الرئيس الصربي يشارك في "يوم النصر" بموسكو

 وجاء في السياق أن الأثر الإنساني لا يقتصر على الفخر الوطني؛ فبالنسبة لكثير من كبار السن في روسيا والصين، فإن مشاهدة استعراضات النصر هو لقاء مع الماضي، وفرصة لرؤية شباب اليوم وهم يحملون شعلة النضال نفسه، وبطريقة ما، تذكير بأن حياتهم وتجاربهم لم تذهب سدى، أما بالنسبة للشباب، فهذه الاستعراضات هي تعليم صامت للتاريخ من منظور بلدي، وتعميق الشعور بالمسؤولية تجاه المجتمع والأمة، وتحفيز لمشاعر الولاء والانتماء.

ويعتقد مُراقبون أن التقارب بين موسكو وبكين في هذه الممارسة ليس مجرد تقارب سياسي، بل توافق على مستوى الذاكرة الجماعية؛ فكلا البلدين يقدّران أن سرد التاريخ يؤثر على الهوية الوطنية ويخلق رابطًا عاطفيًا مع الدولة، وهو ما يترجم بدوره إلى دعم شعبي لمواقفها الدولية، حتى لو اختلفت الأبعاد الجغرافية والسياسية، فإن الرسالة الإنسانية واحدة "تضحيات الماضي تشكل حاضرنا، والانتماء للجمهور الوطني ليس مجرد فكرة، بل تجربة عاطفية ملموسة".

في النهاية، تكشف استعراضات النصر في روسيا والصين أن التاريخ يمكن أن يكون أكثر من مجرد تاريخ رسمي؛ بل إنه شعور جماعي، وذاكرة حية، ورباط إنساني يمتد عبر أجيال، وبين الدبابات والرايات، تكمن قصص الفقدان، والفخر، والأمل، التي تشكل قلب الأمة وروحها، وربَّما هذا هو ما يجعل هذه الاستعراضات أكثر من مجرد احتفالات سياسية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC