على وقع التوتر مع الكونغو الديمقراطية، أعلنت رواندا انسحابها رسمياً من المجموعة الاقتصادية لدول وسط أفريقيا (إيكاس) عقب القمة الـ26 للمنظمة التي عقدت في مالابو عاصمة غينيا الاستوائية، السبت الماضي.
وكانت حكومتا رواندا والكونغو الديمقراطية خاضتا سجالاً حاداً بشأن موقف المجموعة من الأزمة المستمرة في شرق الكونغو، وبرزت انقسامات واضحة داخل المنظمة حول كيفية التعامل مع النزاع الذي يشمل المتمردين والقوات الحكومية؛ ما ساهم في تعقيد العلاقات الدبلوماسية بين الدول الأعضاء.
ويُنظر إلى خطوة الانسحاب على أنها تعكس تحولاً في المواقف الإقليمية تجاه الصراع في الكونغو، حيث تسعى كل من رواندا والكونغو لتعزيز نفوذهما داخل المنظمات الإقليمية الأخرى.
ويتوقع مراقبون أن يكون لقرار الانسحاب تأثيرات على طبيعة التعاون الإقليمي في القضايا الأمنية والسياسية، خاصة في ظل الجهود الرامية إلى تحقيق استقرار طويل الأمد في المنطقة.
ويرى المحلل والباحث الأكاديمي المهتم بالشأن الأفريقي، منتصر كمال، أن انسحاب رواندا من إيكاس قد يؤدي إلى إضعاف التنسيق الأمني بين دول المنطقة، حيث كانت المنظمة تمثل منصة للتعاون في مواجهة التهديدات الأمنية المشتركة، لا سيما في ظل تصاعد العنف في شرق الكونغو.
وفي تصريح لـ "إرم نيوز"، يضيف منتصر كمال إلى أن قرار الانسحاب يعكس "الانقسامات السياسية المتزايدة بين دول وسط أفريقيا"، متوقعاً أن يعطل الجهود الرامية إلى مكافحة الجماعات المسلحة وتعزيز الاستقرار، خصوصاً مع تفاقم التوتر بين رواندا والكونغو الديمقراطية، وتصاعد هجمات مجموعة "إم 23 " المسلحة.
ويعتقد أن غياب رواندا عن المنظومة الإقليمية قد يعقّد أيضاً عمليات تبادل المعلومات الأمنية، ويضعف التنسيق العسكري المشترك؛ ما قد يتيح للجماعات المسلحة مساحة أكبر للتحرك دون رقابة فعالة من الدول المتأثرة بالصراع.
كما يذهب منتصر كمال إلى أن قرار الانسحاب سيدفع الكونغو الديمقراطية إلى البحث عن تحالفات جديدة لتعزيز أمنها، وربما يزيد من اعتمادها على دعم خارجي؛ مما يغير توازن القوى في المنطقة ويعيد تشكيل التحالفات الأمنية الإقليمية. ويرجح كذلك اتجاه بعض الدول إلى تعزيز علاقاتها الثنائية، بدلاً من الاعتماد على المنظمات الإقليمية.
من جهتها، ترى الباحثة والأكاديمية المختصة بالشأن الأفريقي، منة صالح، أن انسحاب رواندا من "إيكاس" يعد دليلاً على "ضعف التكتلات الإقليمية في أفريقيا"، وتؤكد أن "الحسابات السياسية تتفوق على المبادئ الاقتصادية في المنطقة".
وتشير منة صالح في تصريح لـ "إرم نيوز" إلى أن الانسحاب يفقد المجموعة أحد أبرز أعضاء المنظمة من حيث النمو الاقتصادي والتطور، لافتة إلى أن رواندا كانت من الدول التي استثمرت بشكل كبير في تطوير البنية التحتية والتكنولوجيا.
وتتوقع أن العلاقات بين دول المنطقة ستشهد "تغيرات جذرية تفرضها التطورات السياسية والاستراتيجيات الجديدة"، مضيفة أن ذلك سينعكس على توازن القوى والتحالفات الإقليمية والدولية. كما ترى أن هذه التغييرات ستكون جزءاً من سعي الدول إلى تعزيز مصالحها والتكيف مع المتغيرات العالمية؛ ما قد تؤدي إلى إعادة ترتيب الديناميات التقليدية للعلاقات.