تمرّ سوريا بواقعين متناقضين، فبينما تحقق نجاحات دبلوماسية رفيعة في المحافل الدولية، تحفل شوارع مدنها بالاضطرابات الأمنية ذات الدوافع الطائفية.
واعتبر تحليل لصحيفة "ذا ناشيونال" أن العمل الجاد الذي تقوم به الإدارة الجديدة في دمشق لترسيخ حضورهاً عربياً ودولياً، معرّض للخطر بسبب مشهد المسلحين وهم يتبادلون إطلاق النار في ضواحي المدن والبلدات السورية.
وحققت "دمشق الجديدة" إنجازات دبلوماسية كبيرة خلال وقت قصير، منذ سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، آخرها الأسبوع الماضي، عندما تحدث وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني مع مسؤولين في وزارة الخارجية في نيويورك.
وجاء ذلك الاجتماع بعد أن رفع الشيباني علم سوريا الجديد في الأمم المتحدة.
وقبل أيام فقط، أعلنت المملكة العربية السعودية، وقطر عزمهما على تسوية ديون سوريا للبنك الدولي والبالغة حوالي 15 مليون دولار. ويوم الجمعة الماضي، رفعت المملكة المتحدة حزمة من العقوبات، بما في ذلك تلك المفروضة على قطاعات الدفاع والمالية والطاقة، في خطوة مهمة نحو إنعاش اقتصاد البلاد.
في المقابل، فإن شوارع حمص ودمشق ومناطق أخرى من سوريا، تبرز تحديات خطيرة، حيث يندلع عنف طائفي، يشارك فيه هذه المرة مقاتلون دروز، ومسلحون متحالفون مع هيئة تحرير الشام التابعة للرئيس أحمد الشرع، ومسلحون مجهولون، ما يهدد بدفع البلاد إلى أزمة شاملة أخرى، وفق "ذا ناشيونال".
وتأجج العنف الطائفي، هذا الأسبوع، إثر اشتباكات كانت بسبب فيديو "يبدو" مُفبركاً انتشر على الإنترنت، يُزعم أنه يُظهر رجل دين درزياً يُسيء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهو تسجيل صوتي دحضته السلطات السورية وزعماء دينيون دروز.
وفي بلد هشّ استغلت فيه المؤسسة السابقة الاختلافات بين الطوائف الدينية والعرقية، يُثبت انتشار مثل هذه المعلومات المضللة أنه مُميت، كما ترى "ذا ناشونال"، التي تضيف أن سلسلة هجمات مارس الماضي على الساحل السوري، كان ينبغي أن تكون اللحظة المناسبة للحكومة لضمان محاسبة من تثبت إدانتهم بارتكاب جرائم.
وتعتقد الصحيفة أن "المزيج الطائفي الهش في البلاد لا يزال عرضة بشكل مؤلم لهجمات من مزيج من أمراء الحرب المحليين والمقاتلين الأجانب، وحتى للتلاعب الخارجي في شكل تدخلات عسكرية إسرائيلية، متخفية تحت ستار حماية المجتمعات الدرزية".
وترى أن "العمل الجاد الذي قامت به الإدارة السورية الجديدة لاستعادة العلاقات مع جيرانها مثل لبنان والعالم العربي الأوسع وأوروبا والولايات المتحدة، معرض للخطر بسبب مشهد المسلحين وهم يتبادلون إطلاق النار في ضواحي المدن والبلدات السورية".
وتخلص إلى أنه لضمان دعم دولي مستدام لمشروع سوريا في تحقيق الاستقرار في البلاد، لا يجب وقف هذا العنف فحسب، بل يجب القضاء عليه نهائياً.
وتتمتع الإدارة الجديدة بخبرة واسعة في الحكم، إذ أشرفت على نظام "غير مثالي ولكنه مستقر إلى حد كبير عندما سيطرت على محافظة إدلب السورية"، وهي ما يعني لا تزال أمام سوريا فرصة لبناء مستقبل من التعافي والتجديد، وهو ما يملي على على قادتها، حكوميين ومجتمعيين، التحرك، الآن، لتحويل هذه الفرصة إلى واقع، كما تختم "ذا ناشيونال".