في زحمة نيران الداخل السوري ورسائل الخارج المتقاطعة، ارتفع الصوت من تل أبيب حادًّا وحاسمًا: "الدروز خط أحمر".
لم يكن مجرد تصريح عابر، بل هو تهديد واضح ومباشر وجّهه وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إلى رأس الإدارة الانتقالية في سوريا، أحمد الشرع.
قالها بصراحة: إذا لم تتوقف الهجمات على الدروز، فسنردّ بقوة.
وهكذا، تحوّل الملف الدرزي جنوبي سوريا إلى قضية إقليمية، خرجت من حدود صحنايا وجرمانا، لتُطرح على طاولة تل أبيب، ومعها عواصم القرار الكبرى.
تهديد ترافق مع ضربات جوية إسرائيلية، وتحليق طائرات فوق ريف دمشق، بينما الشرع في موقف معقد، بين انفلات الداخل، وضغوط الخارج، وغضب أبناء الجبل.
بدأ كل شيء بتسجيل مسيء للنبي محمد نُسب لرجل درزي، أشعل موجة اشتباكات عنيفة، سرعان ما تحوّلت إلى مواجهات دامية بين مسلحين دروز وقوات الأمن السوري.
وفي أقل من 72 ساعة، ارتفعت حصيلة القتلى إلى أزيد من 100، بينهم مدنيون، ومسلحون، وعناصر أمن، في ما وصفته وسائل إعلام محلية بـ"مجزرة الجنوب".
لكن المشهد اشتعل أكثر مع دخول إسرائيل على الخط.
كاتس هدّد، وأوامر القصف نُفّذت، ورسائل "حماية الدروز" وصلت إلى دمشق.
في المقابل، أطلق شيخ عقل الطائفة الدرزية، حكمت الهجري، نداء استغاثة دوليًا، مطالبًا بتدخل عاجل لحماية "شعب أعزل يُقتل بلا هوادة"، كما قال.
أما الحكومة السورية، فردّت بحملات تمشيط واتهامات لعناصر "خارجة عن القانون"، فيما بقيت الحقيقة مضرجة بالدم على الطرقات.
المشهد جنوبي سوريا يتغيّر بسرعة... لكن الثابت الوحيد: الأبرياء هم من يدفعون الثمن.