يرى خبراء ومختصون أن إسرائيل تعمدت، من خلال استهداف الجهات المكلفة بتأمين المساعدات وقصف مخازن الأغذية، تحويل قطاع غزة إلى مكان غير صالح للحياة، وذلك في إطار رؤية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء ائتلافه الحكومي.
وأكدت الأمم المتحدة، الاثنين، أن أعمال النهب آخذة بالتزايد في قطاع غزة، مع تفاقم الوضع الإنساني، خاصة مع منع دخول المساعدات الإنسانية منذ مارس/ آذار، مبينةً أن أعمال النهب تستهدف الشاحنات ومستودعات الأغذية.
وأوضحت المنظمة الدولية أنه لا توجد أي معلومات حول مرتكبي هذه الأعمال، مشيرةً إلى أنه "خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار لم تكن هناك أي أعمال نهب"، في إشارة إلى أن العمليات الإسرائيلية في القطاع هي السبب الرئيس في تزايد مثل هذه الأعمال.
ويرى الخبير في الشأن الفلسطيني، يونس الزريعي، أن "إسرائيل تستهدف بشكل متعمد الجهات التي تعمل على تأمين المساعدات والحفاظ على أمن السكان في غزة"، مبينًا أن عصابات السرقة والنهب في غزة تعمل بالتنسيق مع إسرائيل.
وقال الزريعي لـ"إرم نيوز"، إن "ذلك من أجل جعل الوضع سيئًا للغاية في غزة، وهو ما دفع إسرائيل لاستهداف وقتل فرق الحماية، خاصة التي لم تكن تتبع لأي جهة"، متهمًا جهاز الشاباك الإسرائيلي بالإشراف على عمل عصابات النهب والسرقة في غزة.
وأضاف: "إسرائيل معنية باستمرار عمليات سرقة المساعدات وقوافل الشاحنات، ومن يقوم بذلك يتلقى الحماية من الجيش الإسرائيلي"، مستكملًا: "طريقة إدارة إسرائيل لدخول المساعدات سبب رئيس في زيادة عمليات النهب".
وتابع: "بتقديري، لو تُرك الأمر لأجهزة متفق عليها وطنيًا، لما زادت عمليات النهب، وإسرائيل تعمدت التشويش على طرق الإمدادات للسيطرة على دخول المساعدات، كما أن قصف مخازن المساعدات شجع السكان على نهبها".
وبيّن أن "الوضع الذي خلقته إسرائيل في غزة يهدف إلى إفقار وتجويع الناس وتدمير القيم والنظام وإمكانية الحياة، والعمل على أن يكون السبيل الوحيد هو الهجرة الطوعية"، محذرًا من خطورة استمرار الإجراءات الإسرائيلية.
خيار وحيد
ويرى الخبير في الشأن السياسي، كمال الأسطل، أن "عمليات النهب في غزة تأتي في إطار مخطط إسرائيلي لتدمير القيم المجتمعية والإنسانية لدى السكان"، مشددًا على أن ذلك يضع الجميع أمام خيار وحيد هو مغادرة القطاع.
وقال الأسطل لـ"إرم نيوز"، إن "عمليات النهب المستمرة في غزة تحقق لإسرائيل هدفين رئيسين؛ الأول: زيادة النقمة على حركة حماس ومطالبة السكان برحيلها وتنازلها عن الحكم، وبالتالي القضاء على الحاضنة الشعبية لها".
وأوضح أن "الهدف الثاني يتمثل في دفع السكان نحو القبول بمخططات التهجير الطوعي، خاصة أن القطاع سيكون مكانًا غير صالح للحياة"، مبينًا أن عمليات النهب تزداد مع تصاعد وتيرة القصف الإسرائيلي، ما يجعل الاحتلال مسؤولًا بشكل غير مباشر عنها.
وزاد: "بتقديري، إسرائيل تعمل على تسهيل مهام مجموعات النهب، وتستهدف أي عمليات شرطية لملاحقتهم ومنع مهامهم"، مشددًا على أن الوضع في غزة سيزداد سوءًا، ولن يكون أي من السكان آمنًا على نفسه خلال الفترة المقبلة.
وأكد أن "الحل الأمثل يتمثل في التوافق على جهات محددة مقبولة فلسطينيًا لتولي تأمين الأوضاع المدنية في غزة، إلى جانب تنازل حماس عن الحكم"، متابعًا: "عودة السلطة الفلسطينية وأجهزتها للحكم في غزة سيقطع الطريق أمام المخططات الإسرائيلية".