يحيط الغموض والتشكيك في الاتفاق "غير الرسمي" الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع ميليشيا الحوثي في اليمن، والذي انتهى إلى التوصل لوقف الغارات الأمريكية على مواقع حوثية، مقابل امتناع الجماعة عن استهداف سفن الولايات المتحدة في البحر الأحمر.
ويُشكك خبراء أمنيون في أن يُفضي الاتفاق الذي أُعلن عنه الثلاثاء، إلى وقف طويل الأمد للهجمات في البحر الأحمر، كما أن الإعلان "المفاجئ" عنه أحاطه بكثير من الغموض، إضافة إلى أن "جدية" الطرفين في الالتزام به تبدو غير مؤكدة، بحسب تقرير لصحيفة "نيويورك تايمز".
وكان ترامب أعلن خلال اجتماع غير ذي صلة في المكتب البيضاوي مع رئيس وزراء كندا، ما أثار دهشة المسؤولين في البنتاغون.
وقال "إن (الحوثيين) ببساطة لا يريدون القتال. وسنحترم ذلك وسنوقف القصف. لقد استسلموا، والأهم من ذلك، أننا سنصدق وعدهم. فهم يقولون إنهم لن يفجروا السفن بعد الآن".
لكن تصريح ترامب ثم التصريحات العمانية واليمنية اللاحقة، لم تحدد بوضوح إذا كان الحوثيون سيتوقفون عن عرقلة الشحن الدولي، وهو الهدف من حملة القصف الأمريكية.
وتشكك الصحيفة في قول ترامب إن الحوثيين "استسلموا"، كما رأت أنه "لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة قد حققت هدفها المتمثل في منع الحوثيين من عرقلة الشحن الدولي بعد حملة قصف مكلفة استمرت سبعة أسابيع".
ولم يُعلن الحوثيون أنفسهم وقفًا كاملًا لإطلاق النار، مؤكدين أنهم سيواصلون قتال إسرائيل، بل احتفلوا على منصات التواصل بـ "هزيمة أمريكا".
ومع رفض البيت الأبيض توضيح تصريحات ترامب أو الرد على استفسارات حول ما ستفعله الإدارة إذا واصل الحوثيون شنّ هجمات على السفن الإسرائيلية، فإن ذلك يشي بأن إعلان ترامب ربما كان "عفوياً".
ويُعرف ترامب بتصريحاته العفوية التي قد تقلب السياسة الخارجية رأساً على عقب، وتؤكد "نيويورك تايمز" أن إعلان ترامب الاتفاق مع الحوثيين فاجأ وزارة دفاعه.
وصرح ثلاثة مسؤولين في البنتاغون بعد ظهر الثلاثاء بأن الجيش لم يتلقَّ بعد أي بيان من البيت الأبيض لإنهاء عملياته الهجومية ضد الحوثيين، وكان المسؤولون يُكافحون لمعرفة كيف غيّر إعلان ترامب السياسة العسكرية.
ولا تستبعد مصادر أن يكون الاتفاق مجرّد ورقة لتحريك المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران، حيث يمكن أن يلعب الاتفاق مع الحوثيين دوراً في تلك المناقشات الأوسع.
ونقلت "نيويورك تايمز" عن مسؤولين إيرانيين، أحدهما في الخارجية والثاني في الحرس الثوري، أن طهران استخدمت نفوذها لدى الحوثيين كجزء من جهود عُمان للتوسط في وقف إطلاق النار وإجبارهم على وقف إطلاق النار على السفن الأمريكية.
ومع ذلك، يُشكك خبراء الأمن القومي في أن يُفضي الاتفاق إلى وقف طويل الأمد للهجمات في البحر الأحمر.
ويتوقع غريغوري جونسون، العضو السابق في لجنة خبراء مجلس الأمن الدولي المعنية باليمن، أن يواصل الحوثيون السعي لضرب إسرائيل، وكذلك ما تسميه الجماعة سفناً "مرتبطة بإسرائيل" في البحر الأحمر".
ويضيف "إذا حدث ذلك، فماذا ستفعل الولايات المتحدة: هل ستستأنف الضربات أم ستترك إسرائيل تتعامل مع الحوثيين؟".
كما أعرب عن شكوكه في عودة قطاع الشحن التجاري إلى البحر الأحمر بأعداد كبيرة، نظراً لأن الحوثيين "لم يُهزموا أو يضعفوا إلى الحد الذي يمنعهم من تنفيذ هذه الهجمات".
وقال: "لقد وعدوا فقط بعدم القيام بذلك، وما زال من غير الواضح ما إذا كان قطاع الشحن مستعدًا لتصديق كلام الحوثيين أم لا".