رأى خبيران أن إحالة 4 مسؤولين بارزين من عهد الأسد إلى القضاء في سوريا، قد تمثل خطوة أولى نحو محاسبة المتورطين، لكنها تظل غير كافية لتحقيق عدالة انتقالية حقيقية.
وترجع أهمية الأمر إلى كونه اختبارا لجدية السلطات الجديدة في تطبيق مبدأ "سيادة القانون"، خاصة بعد سنوات من الإفلات من العقاب.
ويرى الخبيران أن هذه الإحالات "إيجابية، لكنها تحتاج إلى إطار أوسع يشمل جبر ضرر الضحايا وضمان عدم تكرار الانتهاكات".
وقال الحقوقي والباحث السياسي عبد الكريم الثلجي، إن هذه الخطوة تأتي في إطار تعزيز سيادة القانون واستقلالية القضاء، وإن جميع الإجراءات القضائية تتم وفق الأطر القانونية والإعلان الدستوري، بهدف تحقيق العدالة.
وأضاف الثلجي لـ"إرم نيوز"، أن "إحالة مسؤولين بارزين إلى القضاء خطوة إيجابية، لكنها تبقى غير كافية لتحقيق عدالة حقيقية وشاملة، فالمحاسبة يجب أن تكون جزءًا من عملية أوسع تشمل الاعتراف بالضحايا، وجبر الضرر، وضمان عدم تكرار الانتهاكات".
وأوضح أن "هذه العملية لن تكتمل إلا باستكمال جميع آليات العدالة الانتقالية، وتوفير ضمانات حقيقية لعدم الإفلات من العقاب، ولن يكون هناك استقرار وأمان في سوريا ما لم تتم محاسبة المجرمين وإحالتهم إلى القضاء".
وخلص إلى القول: "اليوم، جميع السوريين ينتظرون محاسبة مجرمي الحرب لإنصاف الضحايا، وبعدها ستعبر سوريا إلى برّ الأمان والاستقرار والتنمية والازدهار".
وفي إطار مساعي الحكومة السورية وجهود وزارة العدل لنشر العدالة، باشر النائب العام القاضي حسان التربة، إحالة مسؤولين بارزين من عهد الرئيس السابق بشار الأسد إلى قاضي التحقيق لمباشرة التحقيق معهم، ومن بينهم عاطف نجيب، ومحمد الشعار، وأحمد بدر الدين حسون، وإبراهيم الحويجة.
وقد تمت إحالتهم إلى قاضي التحقيق المختص لمباشرة الإجراءات القانونية، مع احترام حقوق الموقوفين، وضمان قانونية الإجراءات، وتحقيق مبدأ سيادة القانون.
وتبقى مسألة العدالة الانتقالية من أكثر القضايا إلحاحًا في عموم سوريا، خاصة في ظل الفراغ الأمني وتفشي الجريمة دون محاسبة.
ويرى المحلل السياسي أحمد الأشقر أن "هذه الخطوة، رغم ما تحمله من دلالات، جاءت متأخرة".
وأضاف الأشقر لـ"إرم نيوز"، أن "الانتهاكات ارتُكبت من جميع الأطراف خلال سنوات الأزمة السورية، ولذلك يجب أن تكون العدالة معيارًا يُطبّق على الجميع، سواء من قصف بالطائرات أو من ألقى البراميل المتفجرة، فهناك أطراف كثيرة متورطة، ويجب تفعيل هذا المسار بشكل شامل".
واعتبر أن "الأساس في هذا الأمر هو المحاسبة وفق أسس عادلة، ومحاكمات شفافة ونزيهة، والأهم أن تكون موثقة وعلنية، ليرى الشعب السوري أن هؤلاء سيُسجنون جراء ما ارتكبوا، لا أن تكون مجرد إجراءات شكلية".
واستبعد الأشقر، أن "يشكل هذا الأمر تحولًا حقيقيًا، ما دامت شخصيات متهمة بارتكاب مجازر لا تزال طليقة وغير مكترثة بماضيها".
لكنه أضاف: "إذا تمت محاسبة هؤلاء بشكل فعلي، يمكن القول إن سوريا بدأت أولى خطواتها لترسيخ سيادة القانون ومؤسسات الدولة".