أكد تحقيق فرنسي، صحة صور ومقاطع توثق استخدام قوات بورتسودان غاز الكلور المحظور دوليا في صراعها ضد قوات الدعم السريع في السودان.
وقالت قناة "فرانس 24"، إن فريق المراقبين الفرنسي ومقره باريس، استطاع التحقق من صور ومقاطع فيديو، تم تداولها في العام الماضي تثبت استخدام قوات بورتسودان أسلحة كيميائية في الصراع الدائر منذ 15 أبريل 2023.
وأضافت أن فريق المراقبين، حقق في حادثتين وقعتا في سبتمبر 2024 حول مصفاة الجيلي النفطية، شمال الخرطوم، والتي كانت قوات بورتسودان تحاول استعادتها من قوات الدعم السريع.
وبعد استشارة 5 خبراء في صور هذه الهجمات التي جمعها المراقبون، أكدوا أنها تتطابق مع إسقاط براميل الكلور جوًا.
وقال المحققون في التقرير الذي نُشر أمس الخميس، إن قوات بورتسودان هي وحدها التي تستخدم طائرات عسكرية قادرة على هذا النوع من القصف في المعارك.

و استطاع فريق المراقبين تتبع مصدر أحد برميلي الكلور اللذين استخدما في هذه الهجمات.
وقال إن شركة مرتبطة بقوات بورتسودان استوردت هذا البرميل من الهند، وكان من المقرر استخدامه، وفقا للبائع الهندي، "لمعالجة مياه الشرب فقط".
و الهجومان الموثقان يشكلان انتهاكا للاتفاقية الدولية لحظر الأسلحة الكيميائية ، التي صادق عليها السودان في عام 1999. كما أن استخدام "الغازات الخانقة" في ساحة المعركة يشكل أيضا جريمة حرب بموجب نظام روما لعام 1998.
ورغم استخدام الغاز بشكل محظور ما يمثل جريمة حرب، إلا أن الكلور أيضا، يعد مادة إنسانية بالغة الأهمية تستخدم لتعقيم المياه في السودان، البلد الذي اجتاحته الكوليرا منذ بداية الحرب الأهلية، وهو ما سهل استيراده ولكن استخدم بطريقة مخالفة من قبل قوات بروتسودان.

واستخدام غاز الكلور السام من قبل قوات بورتسودان، يجعلها واحدة من الأطراف القليلة في العالم التي تلجأ لهذا السلاح القاتل في التاريخ الحديث، إضافة إلى نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد، ضد معارضيه بدءًا من عام 2013.
وانتشرت مقاطع فيديو على حسابات مؤيدة لقوات الدعم السريع تظهر برميلين أصفر وأخضر عثر عليهما بالقرب من مصفاة الجيلي.
ونُشرت صور في 5 سبتمبر 2024، تُظهر برميلا على الرمال مع تعليق: "سلاح الجو السوداني يضرب المواطنين بأسلحة محظورة دوليا، محملة بغازات سامة وكيميائية".
وفي 13 سبتمبر 2024، نشرت مقاطع تظهر برميلا مشابها تحت شجرة، كما أظهرت منشورات أخرى من اليوم ذاته عمالا يتلقون الأكسجين .

وتمكن فريق المراقبين الفرنسي، بحسب "فرانس 24" التحقق من الموقع الجغرافي للصور والمقاطع، مشيرا إلى أنها كانت لموقعين؛ الأول في قاعدة عسكرية تابعة لقوات الدعم السريع على بعد 5 كيلومترات شرق مصفاة الجيلي، والثاني في قلب المصفاة.
ونشر حساب سوداني في 5 سبتمبر 2024 مقطع فيديو مدته دقيقة يظهر أرضا قاحلة محاطة بالمباني سقط بها برميل يحمل ملصقا كتب عليه باللغة الإنجليزية "عامل مؤكسد 5.1".
وعقب فرض عقوبات أمريكية على قوات بروتسودان وقياداتها بسبب استخدامها الأسلحة الكيميائية المحظورة، انتشر في 23 مايو 2025 مقطع فيديو على منصات سودانية يظهر رجلا وهو قرب برميل سقط على الأرض وأحدث حفرة كبيرة، قائلا: "أطلقوا شيئًا لا نفهمه، ربما غازا مسيلًا للدموع، أو ربما شيئا آخر. [...] أطلق شيئا أصفر، لا نعرف ما هو".
وقالت "فرانس 24" إن فريق المراقبين استطاع التحقق من المقطع وكذلك تحديد وقت حادثة سقوط البرميل وانتشار غاز الكلور منه بعد سقوطه وتسببه بسحابة صفراء، مؤكدا أنها في 5 سبتمبر 2024، الساعة 8:07 صباحا في منطقة كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع ما جعلها هدفا مستباحا من قبل قوات بورتسودان.
ونقلت الوكالة الفرنسية على لسان خبراء، إن السحابة الصفراء دلالة أكيدة على انتشار غاز الكلور السام، وهو نفسه ما تسببت به حادثة تسرب الكلور في ميناء العقبة جنوب الأردن، في 27 يونيو 2022 ما أدى إلى مقتل 14 شخصا وإصابة أكثر من 256 آخرين.
وتمكن فريق المراقبين الفرنسي من التواصل مع موظف سابق بمصفاة الجيلي هو الآن مقيم خارج السودان، أكد صحة كل الصور والمقاطع المتداولة بشأن قصف المصفاة بغاز الكلور السام من قبل قوات بورتسودان.
وقال فريق المراقبين إن الرجل الذي لا يمكن الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أظهر لقطات شاشة لهاتفه توثق إجراءه محادثة صباح 13 سبتمبر 2024 تكشف عن تعرض المصفاة للقصف بالكلور جاء فيها:
ويدعم ما ذهب إليه التقرير الفرنسي، ما سبق أن نشرته وسائل إعلام أمريكية من تقارير أكدت استخدام قوات بورتسودان لأسلحة كيميائية محظورة دوليا في صراعها ضد قوات الدعم السريع.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها بتاريخ 22 مايو 2025، إن الولايات المتحدة خلصت في أبريل 2025 إلى أن حكومة بورتسودان استخدمت أسلحة كيميائية عام 2024 في صراعها ضد قوات الدعم السريع، معلنة فرض عقوبات اقتصادية عليها.
وفي اليوم التالي نفت حكومة بورتسودان الاتهامات الأمريكية دون تقديم أدلة.