رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
روى فلسطينيون من قطاع غزة تفاصيل رحلتهم المعقدة نحو جنوب أفريقيا، بعد أن دفعتهم الحرب إلى البحث عن ملاذ آمن.
وفي 16 نوفمبر/ تشرين الحالي، جرى الكشف عن رحلة جوية غير مباشرة انطلقت من مطار "رامون" الإسرائيلي باتجاه مطار "جوهانسبرغ" في جنوب أفريقيا، مرورًا بأحد مطارات القارة الأفريقية، حملت على متنها عشرات الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، أغلبهم من العائلات.
ومن بين الذين خاضوا الرحلة الطبيب أحمد شحادة الذي غامر مع أسرته بدفع آلاف الدولارات عبر شبكة غامضة.
يروي شحادة قصته لمجلة "جون أفريك" وصحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير مشترك لهما، كيف هاجر مع عائلته، مشيرًا إلى أن رجلا أخبره عبر الهاتف، أنه يعمل لدى منظمة إنسانية تُعنى بترتيب رحلة لمغادرة قطاع غزة الذي مزقته الحرب، مقابل إيداع 1600 دولار أمريكي للشخص الواحد في حساب مشفّر، مع طلب الدفع مُسبقاً.
خوفاً من الاحتيال، رفض شحادة التواصل مع صديق سبق أن غادر عبر الشبكة نفسها، لكنه قرر في النهاية أن يجرب حظه. هذا القرار قاد الطبيب البالغ من العمر 37 عاماً وزوجته وطفليهما إلى رحلة استغرقت 24 ساعة مليئة بالقلق: قافلتان منفصلتان من الحافلات، نقاط تفتيش إسرائيلية معقدة، طائرة مجهولة الوجهة، وأخيراً الوصول إلى جنوب أفريقيا، الدولة التي لم يزرها من قبل. يقول: "الوضع في غزة مروع لدرجة أننا كنا مستعدين لمثل هذه المخاطرة".
وصل شحادة الشهر الماضي إلى جنوب أفريقيا ضمن مئات الفلسطينيين الذين وصلوا على متن رحلتين اعتبرتها حكومة بريتوريا "مشبوهة". الرحلات نُظمت من قبل شركة اسمها "المجد أوروبا"، وهي شبه متوارية عن الأنظار.
وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، ألمح وزير الخارجية رونالد لامولا إلى أن إسرائيل تقف وراء ما وصفه بـ "أجندة واضحة لطرد الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية"، وهو اتهام رفضته تل أبيب.
قال الرئيس الجنوب أفريقي سيريل رامافوزا: "يبدو أنهم أُجبروا على المغادرة"، مؤكداً أن حكومته ملزمة بالترحيب بالفلسطينيين، "وهم حالة خاصة، شعب لطالما دعمته بلادنا." فيما أشار الجيش الإسرائيلي إلى أنه حصل على إذن من دولة ثالثة لإرسال العائلات الفلسطينية، دون تحديدها.
وتعرضت السلطات في جنوب أفريقيا، المعروفة بدعمها المستمر للقضية الفلسطينية، لانتقادات من ناشطين محليين بسبب طريقة التعامل مع الطائرة الثانية التي حملت 153 فلسطينياً وظلوا على متنها عشر ساعات بانتظار تسوية وضعهم.
يقول الناشط نعيم جينا: "رفضت سلطات الحدود مراعاة وصول هؤلاء الأشخاص من غزة في خضم أزمة إنسانية. كان نهجهم ضيقاً للغاية".
يروي شحادة، الذي يعمل لدى إحدى وكالات الأمم المتحدة منذ عام 2014، أنه عندما هبطت رحلته في 28 أكتوبر/تشرين الأول، سُمح للركاب بالنزول من الطائرة ومرورهم بقسم الهجرة كأي مسافر دولي آخر.
ويوضح أن عائلته نزحت 12 مرة خلال الحرب. اتصل بشركة "المجد أوروبا" مجددًا في مارس/آذار، وملأ استمارةً إلكترونية، وفي أبريل/نيسان تلقى اتصالًا من ممثل الشركة.
ويُضيف شحادة أنه دفع 6400 دولار قبل أن يتلقى مكالمة منتصف ليلة 26 أكتوبر/تشرين الأول تطلب منه التوجه إلى خان يونس خلال أربع ساعات. على متن الحافلة، طُلب منهم إنزال الستائر وعدم استخدام الهواتف حتى الوصول إلى رفح، مع تعليمات بأن يقولوا إنهم يشاركون في إخلاء السفارة الفرنسية.
عند وصولهم معبر كرم أبو سالم، أمرهم الجنود الإسرائيليون بترك جميع ممتلكاتهم، ثم نقلوا إلى مطار رامون جنوب إسرائيل لركوب طائرة مستأجرة. لم يُبلّغوا بوجهتهم إلا بعد الإقلاع: نيروبي، كينيا، ومنها إلى جنوب أفريقيا. يقول شحادة: "لم نكن نعرف حتى إلى أين نحن ذاهبون".
من هناك، انطلقوا إلى جنوب أفريقيا. وعند وصولهم، قال أحمد شحادة إنه تلقى رسالة أخيرة من شركة "المجد أوروبا" تُخبره بحجز دار ضيافة لعائلته - لمدة أسبوع واحد فقط، رغم الوعد الأولي بشهر.
في 17 نوفمبر/تشرين الثاني، نُشرت رسالة على موقع "المجد أوروبا" الإلكتروني، أفادت بأن المؤسسة تعمل بشكل طبيعي، وتواصل خدماتها، وحذّرت من عمليات الاحتيال الإلكتروني باستخدام اسمها.
كان لؤي أبو سيف على متن الرحلة التي وصلت الأسبوع الماضي. ويقول أيضًا إن الشركة أبقتهم في جهل تام بشأن وجهتهم النهائية. "لم نكن نعرف حتى إلى أين نحن ذاهبون".
وبفضل منظمة إغاثة محلية وفرت السكن للمجموعة بأكملها، سُمح لهم أخيراً بدخول البلاد بموجب إعفاء من التأشيرة لمدة 90 يوماً منحته جنوب أفريقيا للفلسطينيين.
أكثر ما يُلفت انتباه شحادة هو كيف تكتشف ابنته ذات الأربع سنوات عالمًا لم تعرفه من قبل: عالم السلام. تُعجب الفتاة بقدرتها على دخول متجر لشراء الطعام أو حتى توصيل هاتفها بالكهرباء - أفعالٌ لم ترها إلا في مقاطع الفيديو على الإنترنت. "قالت لي قبل أيام: أبي، نعيش كما لو كنا على يوتيوب، بحسب ما روى والدها.
وفي وقت سابق، أعرب وزير خارجية جنوب أفريقيا رونالد لامولا، عن "ارتياب" بلاده بعد وصول 153 فلسطينيًّا على متن طائرة من غزة الأسبوع الماضي، معتبرا أن الخطوة تدل على "أجندة واضحة لتطهير غزة والضفة الغربية من الفلسطينيين".
ووصل الفلسطينيون إلى مطار جوهانسبرغ على متن طائرة مستأجرة الخميس، قادمين من قطاع غزة في عملية لم تتضح ملابساتها. ولم يحملوا أختام مغادرة من إسرائيل على جوازات سفرهم.
وقال الوزير "نشعر بالارتياب كحكومة جنوب إفريقيا حيال الظروف المحيطة بوصول الطائرة"، وفق ما أوردت "فرانس برس".
وأبقت شرطة الحدود في جنوب إفريقيا الركاب على متن الطائرة لمدة 12 ساعة قبل أن يسمح الرئيس سيريل رامابوزا بدخولهم بناء على سياسة الإعفاء من التأشيرة لمدة 90 يومًا.