logo
العالم العربي

"المجد أوروبا".. خفايا الشركة المتهمة بتهجير سكان غزة

مطار جوهانسبرغالمصدر: (أ ف ب)

فتحت رحلة جوية غير مباشرة انطلقت من مطار "رامون" الإسرائيلي باتجاه مطار "جوهانسبرغ" في جنوب أفريقيا، مرورًا بأحد مطارات القارة الإفريقية، باب الشكوك حول الجهة المنظمة، خاصة وأن الرحلة حملت على متنها عشرات الفلسطينيين من سكان قطاع غزة، أغلبهم من العائلات.

وتزامنت الحادثة مع أفكار ومشاريع تحاول إسرائيل التسويق لها تهدف لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وتغيير الواقع الديمغرافي في القطاع الذي دمرت إسرائيل غالبية مناطقه خلال أكثر من عامين من الحرب. 

تعامل مُريب

وقال أحمد، وهو اسم مستعار لفلسطيني تواصل مع مؤسسة "المجد أوروبا" لغرض السفر بعد حصوله على منحة دراسية، إنه "علم بوجود المؤسسة من إحدى العائلات التي تم إجلاؤها من غزة قبل أشهر إلى إندونيسيا".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أنه "بدأ فعليًا بمحاولات التواصل مع المؤسسة ذاتها لإيجاد فرصة للخروج من القطاع". 

وأشار إلى أن المرحلة الأولى من عمليات الإجلاء كانت تُنفذ دون أي مقابل مادي، حيث تولت المؤسسة ترتيب إجراءات السفر حتى وصول المسافرين إلى وجهاتهم النهائية. 

وتابع: "لكن لاحقًا، ومع تزايد الطلب، بدأ يُطلب منه دفع مبالغ مالية، دون وجود رقم ثابت أو آلية واضحة"، مضيفًا: "في كل مرة كنت أتواصل من رقم مختلف، وكان يتم طرح مبالغ وأسئلة مختلفة، ما أثار لدي شكوكًا حول جدية الموضوع".

التهجير الصامت

ورأت الكاتبة والمحللة الفلسطينية إلهام شمالي، أن نشاط مؤسسة "المجد أوروبا" والتي اتهمتها تقارير عدة بالوقوف وراء تنظيم رحلة غزة - جوهانسبرغ، تخفي وراءها أهدافًا تتعلق بجمع معلومات حساسة واستغلال حاجة الفلسطينيين في ظل الحرب. 

وقالت شمالي لـ"إرم نيوز"، إن "المؤسسة تستغل الضغوط الإنسانية الهائلة التي يتعرض لها سكان قطاع غزة بسبب حرب الإبادة والتجويع الإسرائيلي، لتمرير ما وصفته بالتهجير الصامت تحت عناوين إنسانية".

وأضافت أن "ما يجري من عمليات سفر لعشرات الفلسطينيين، خاصة من فئة العائلات، لا يمكن فصله عن دور المؤسسة كذراع استخباراتية غير مباشرة للجيش الإسرائيلي".

أخبار ذات علاقة

طفل في رحلة النزوح عن مدينة غزة

يديرها فلسطينيان.. شركة وهمية تتعاون سرًا مع إسرائيل لتهجير الغزيين

واعتبرت شمالي أن الهدف الأساس من هذا النشاط هو اقتلاع الفلسطيني من غزة ضمن مخططات أوسع، حيث تُنفذ هذه السياسات عبر ما تبدو كأنها مبادرات فردية أو إنسانية، مثل حالات العلاج أو الدراسة، لكنها في جوهرها "تهجير ممنهج بغلاف مدني"، محذّرة من أن هذه الممارسات قد تتصاعد تحت صمت دولي وتحت غطاء العمل الإنساني.

وأضافت شمالي أن هذه العمليات تستغل الضيق الإنساني الذي يعيشه السكان جراء الحرب، مشيرة إلى وجود نحو 160 ألف مصاب بحاجة للعلاج خارج القطاع، ما يجعلهم هدفًا لمؤسسات تستغل احتياجاتهم ضمن مسار منظم لتفريغ غزة.

وأكدت أن إسرائيل، بعد فشلها في تنفيذ مخطط التهجير الجماعي، لجأت إلى تقليص عدد السكان تدريجيًا عبر أدوات ناعمة، في محاولة لإعادة "هندسة الواقع الديموغرافي في القطاع".

إستراتيجية إسرائيلية 

من جهته، قال المحلل السياسي باسم أبوعطايا إن "الشركة التي تقف خلف تنظيم الرحلات من غزة تروج لنفسها على أنها جهة إنسانية، تزعم أنها تساعد سكان القطاع على الهجرة إلى دول مثل إندونيسيا وألمانيا، مقابل وعود بتوفير ملاذ آمن ومبلغ مالي يقدر بنحو ألفي دولار لكل عائلة".

وأوضح لـ"إرم نيوز" أن "الشركة حديثة النشأة، وتدّعي امتلاك مكاتب في القدس، وهو أمر غير صحيح، حيث لا تملك أي وجود رسمي هناك، بل تعتمد على التواصل الفردي مع السكان ومحاولة إقناعهم بمغادرة القطاع تحت عناوين إنسانية".

وأشار إلى أن هذه التحركات ليست مجرد جهود فردية، بل تمثل جزءًا من استراتيجية إسرائيلية أوسع تهدف إلى تفريغ غزة من سكانها، عبر أدوات غير مباشرة، خاصة بعد فشلها في تحقيق تهجير جماعي.

ومع ذلك، يرى أن الأعداد المستهدفة لا تزال محدودة، ويُعوّل على وعي الفلسطينيين وتمسّكهم بأرضهم لإفشال هذه المحاولات. 

أخبار ذات علاقة

حركة النزوح في غزة خلال الحرب

من رفح إلى جوهانسبرغ.. منظمة غامضة هجَّرت 153 غزيَّا لجنوب أفريقيا

وأكد أن "مثل هذه الشركات، وإن بدت إنسانية في ظاهرها، إلا أنها تُستخدم كغطاء لمحاولة إعادة تشكيل الواقع الديموغرافي في غزة، ضمن مخطط طويل الأمد لتقليل عدد السكان وإضعاف البنية المجتمعية".

وقال إن "توقيت ظهور هذه الشركة ليس عشوائيًا، بل يحمل دلالات سياسية واضحة، إذ يتزامن مع مساعٍ دولية لتثبيت وقف إطلاق النار وإعادة الحياة إلى قطاع غزة".

واعتبر أن الهدف من تحركاتها هو تقويض هذه الجهود وخلق حالة من الإرباك، خاصة أن وقف القتال قد يؤدي إلى ترميم القطاع وتعافيه تدريجيًا.

وأشار إلى أن إسرائيل، من خلال أدوات مثل هذه الشركة، تسعى لربح الوقت وتمرير مخططات اليمين المتطرف بقيادة وزراء مثل سموتريتش وبن غفير، والهادفة إلى تفريغ غزة من سكانها، مستغلة الوضع الإنساني الكارثي بعد عامين من الإبادة والدمار. 

أخبار ذات علاقة

طائرة تنقل الغزيين إلى نيروبي

"التهجير الناعم".. من يرتّب رحلات غامضة تنقل الغزيين إلى المجهول؟

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC