كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن تهجير 153 غزيًا من رفح إلى جنوب إفريقيا عبر منظمة غامضة، تطلق على نفسها "المجد".
ووفقًا للصحيفة العبرية، سمحت السلطات في جوهانسبرغ بدخول 130 غزيًا فقط، رغم تحقيقات أجرتها حول وصول الغزيين دون وثائق هوية.
وأوضحت سلطات جنوب أفريقيا أن بقية الغزيين الـ23، الذين كانوا على متن الطائرة، احتجزوا على مدرج المطار لنحو 12 ساعة.
وتضمّنت الانتقادات الموجهة للسلطات ادعاءًا بأن "تأخير الركاب القسري على متن الطائرة، بلا طعام أو ماء، ينبع في الأساس من رفض السماح لهم بالنزول".
ونقلت "يديعوت أحرونوت" حديث لؤي أبو سيف، وهو غزِّي مهاجر مع زوجته وأطفاله، عن "الرحلة الغامضة"، موضحًا أنه "يشعر بالأمان الآن. وأن ذلك يعني له الكثير، خاصة بعد وصوله من غزة".
وأضاف أن "زوجته سجّلت العائلة على متن الرحلة، بعد إعلان على مواقع التواصل الاجتماعي، يفضّل العائلات التي تعول أطفالًا، ممن يحملون وثائق سفر سارية المفعول، وموافقة أمنية من إسرائيل".
وأوضح أنه "لم يكن يعلم شيئًا عن الجهة التي تروج للإعلان، أو حتى معايير الاختيار".
رد رسمي
ولم يعلم أبو سيف وزوجته موعد المغادرة مُسبقًا، بل قبل 24 ساعة فقط، وقال: "طلبوا منا عدم حزم أي شيء، وعدم حمل حقائب سفر، فقط الوثائق اللازمة".
وقدمت إسرائيل ردًا رسميًا على الواقعة، مشيرةً إلى أنه "تم تنسيق مغادرة الغزيين بعد حصولهم على تأشيرة دخول إلى دولة ثالثة، بمساعدة الجهة نفسها التي كانت مسؤولة عن وصولهم جوًا".
وقال الجيش الإسرائيلي، ردًا على سؤال وكالة "فرانس برس": "غادر هؤلاء الأشخاص قطاع غزة بعد أن حصل الجيش الإسرائيلي على موافقة دولة ثالثة على استقبالهم".
ولم يُحدد الرد الدولة الثالثة المعنية، وما إذا كانت جنوب إفريقيا هي التي أخّرت دخول الغزيين لساعات.
وقال أبو سيف إن منظمة "المجد" طلبت من كل عائلة دفع مبلغ إجمالي، يتراوح ما بين 1400 و2000 دولار أمريكي للشخص الواحد، بما في ذلك الأطفال والرضع.
وبعد تلقي الإشعار بموعد المغادرة، تم وضع أفراد العائلة في حافلة من مدينة رفح، ومن هناك سافروا إلى مطار رامون الإسرائيلي عبر معبر كرم أبو سالم، وبدؤوا رحلتهم إلى جنوب أفريقيا.
ويشير أبو سيف إلى أن جوازات سفرهم لم تكن مختومة، لا عند دخولهم إسرائيل، ولا عند مغادرتها، لكنه لم يعطِ أهمية لهذا الأمر، إلا عندما هبطت الطائرة في النهاية بمطار جوهانسبرغ، ولم يُسمح للركاب حينها بالنزول.
ترانزيت في كينيا
وتابع أن السفرة بأكملها كانت "رحلة معاناة. لم تقنعنا أي جهة بمغادرة غزة، لكنهم (مؤسسة "المجد"، المسؤولة عن إخراجهم من القطاع) قالوا إنهم يستطيعون مساعدتنا لمدة أسبوع أو أسبوعين بعد وصولنا إلى وجهتنا، وبعد ذلك سنكون بمفردنا".
وأضاف: "المنظمة ذاتها لم تكن على علم بوجهة الرحلة".
ومن إسرائيل، انطلق الغزيون، وهبطت طائرتهم في مطار نيروبي بكينيا، ومن هناك على متن طائرة أخرى إلى جوهانسبرغ بجنوب أفريقيا. ولم يعلموا وجهتهم إلا عندما انطلقوا مجددًا.
وكان أبو سيف وعائلته من بين 130 راكبًا سُمح لهم بالبقاء في جنوب إفريقيا.
وتعليقًا على الواقعة، قالت السفارة الفلسطينية في جنوب أفريقيا إن "الرحلة نظمتها منظمة غير مسجلة ومضللة"، استغلت معاناة أهلنا في غزة.
وأضافت: "استغلت المنظمة الظروف المأساوية لأهلنا في غزة، واحتالت على العائلات، وجمعت الأموال، ورتبت سفرهم بشكل غير مسؤول. وعندما ظهرت تعقيدات، تنصلت منهم".
ولم تذكر السفارة الفلسطينية اسم المنظمة، لكن مسؤولًا عسكريًا إسرائيليًا صرّح بأنها تُدعى "المجد"، وهي المسؤولة عن إخراج أكثر من 150 فلسطينيًا من قطاع غزة، مؤكدًا بذلك كلام أبو سيف.
وصرح رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، بفتح تحقيق حول مصدر الرحلة: "هؤلاء أشخاص من غزة نُقلوا إلى هنا في ظروف غامضة. رغم أن هؤلاء لا يملكون الوثائق اللازمة، فإنهم أشخاص من بلد مقسَّم، ومن دولة مدمرة، ويجب علينا أن نقبلهم بكل تعاطف".
وأشار امتياز سليمان، مؤسس منظمة Gift of the Givers، والذي عمل على إنزال الركاب في جنوب أفريقيا، إلى أن هذه هي الطائرة الثانية التي تصل في ظروف غامضة، بعد رحلة أخرى أواخر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، كان على متنها أكثر من 170 فلسطينيًا لم تُبلّغ بها السلطات.
وأضاف أن "الركاب كانوا خائفين ومرتبكين"، ولم يعرفوا إلى أين يتجهون. لم يُقدّم لهم أي طعام أو شراب لمدة يومين من الرحلة".