حماس: نتمنى أن لا تكون "خارطة طريق" ترامب لإنهاء الحرب غطاء لنتنياهو
يرى خبراء سياسيون فرنسيون أن تعنّت حزب الله ورفضه تسليم سلاحه، في ظل مبادرة الحكومة اللبنانية، يشكّلان "عقبة مركزية" أمام تدفّق المساعدات الدولية إلى بيروت، ما يهدّد بتمديد حالة الانهيار الاقتصادي التي تعيشها البلاد منذ عام 2019.
واعتبروا أن باريس، التي تؤدي دورًا محوريًا في الحشد الأوروبي والدولي لدعم لبنان، ترى في استمرار حمل الحزب للسلاح خارج إطار الدولة رسالة سلبية إلى المجتمع الدولي، تفيد بأن لبنان لا يزال رهينة التوازنات الطائفية والسلاح الموازي، ما يُضعف ثقة المانحين بقدرة الحكومة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة.
وقالت الدكتورة كلير تالون، الباحثة الفرنسية المتخصصة في شؤون الشرق الأوسط، لـ"إرم نيوز"، إن "الفيتو الضمني الذي يضعه حزب الله على مسار نزع السلاح يمنع المجتمع الدولي من الالتزام الكامل بخطة دعم لبنان".
وأضافت: "لا أحد في باريس يتوقع نزع السلاح غدًا، لكن على الأقل يجب أن تُظهر الدولة اللبنانية نية واضحة لبسط سيادتها على أراضيها كافة. الرفض الصريح من حزب الله يعطي انطباعًا بأن لبنان لم يغادر منطق الحرب الأهلية، وهو ما يدفع الدول المانحة إلى التردد".
ويرى مراقبون أن فرنسا، التي تملك تقليديًا نفوذًا واسعًا في لبنان، خصوصًا على النخبة السياسية المسيحية والسنية، تقف اليوم أمام اختبار حساس، فهي من جهة، تؤيد قيام دولة لبنانية موحدة وسيدة، وتدعم الجيش اللبناني باعتباره الجهة الشرعية الوحيدة لحمل السلاح، ومن جهة أخرى، تدرك أن أي محاولة لنزع سلاح حزب الله بالقوة قد تفجر حربًا أهلية جديدة.
ونقلت صحيفة "لوموند" الفرنسية عن مصدر دبلوماسي فرنسي قوله إن "باريس لا تسعى لتكرار سيناريو العراق أو ليبيا"، مؤكدًا أن "ما نريده هو نزع سلاح تدريجي، ضمن تسوية وطنية شاملة تُراعي توازنات الداخل اللبناني، خصوصًا بعد توقف الحرب مع إسرائيل".
ومن جهته، قال الخبير في العلاقات العربية الفرنسية، والباحث الأول في معهد الدراسات حول العالم العربي، فرنسوا بورغا، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن القرار اللبناني بنزع سلاح حزب الله يعكس ضغوطًا دولية، ولكن تنقصه الواقعية السياسية".
ويرى بورغا أن "المعادلة في لبنان لا تبنى على القرار السياسي وحده، بل على موازين القوة على الأرض، معتبرًا أن حزب الله ليس مجرد ميليشيا مسلحة، بل منظومة متجذرة في النسيج السياسي والاجتماعي والطائفي، كما أن أي مسار لنزع سلاحه يجب أن يندرج ضمن اتفاق وطني واسع يشمل إصلاح النظام السياسي، لا مجرد قرارات تنفيذية".
ويؤكد أن الدور الفرنسي يجب أن يكون تسهيليًا وليس وصائيًا، عبر رعاية حوار داخلي لبناني ينطلق من الاعتراف بتعقيد الملف، ويدعو إلى مقاربة "تحفظ السلم الأهلي".
بدورها، قالت أورور بيرناسيه، الباحثة في العلاقات الدولية بجامعة باريس 1، ومتخصصة في السياسة اللبنانية المعاصرة، لـ"إرم نيوز"، إن القرار اللبناني "خطوة رمزية أكثر منها عملية".
ورأت أن "حزب الله لن يُسلّم سلاحه بهذه السهولة. بل سيستخدم ذلك لتأكيد سرديته حول المقاومة ورفض الهيمنة الأجنبية، كما أن نزع سلاحه لن يتم قبل الوصول إلى اتفاق إقليمي، ربما برعاية فرنسية وإيرانية، يعالج الملف ضمن إعادة ترتيب شاملة للوضع في جنوب لبنان".
وأضافت أن فرنسا يمكنها أن تؤدي دور "الضامن" أو "الوسيط"، نظرًا لعلاقاتها المتينة بالأطراف اللبنانية كافة، لكنها تحذر من الانزلاق نحو أجندة أمريكية صِدامية لا تراعي واقع الداخل اللبناني.
وأشارت بيرناسيه إلى أنه لطالما كان لباريس تأثير عميق في بيروت، من علاقتها التاريخية مع الموارنة، إلى دعمها المتكرر للجيش اللبناني، ثم مبادرات الرئيس إيمانويل ماكرون بعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020.
ورأت أنه اليوم يمكن لفرنسا أن تسهم في تسوية ملف سلاح حزب الله، عبر دعم الجيش اللبناني لوجستيًا وتدريبه ليكون البديل الوطني الوحيد لأي تشكيلات مسلحة، ورعاية طاولة حوار وطنية تشمل الأطراف جميعها بمن فيهم حزب الله، دون عزل، والضغط الأوروبي المتعدد الأطراف لإقناع إيران بدعم حل سلمي تدريجي، في إطار تهدئة أوسع مع إسرائيل.