الجيش الإسرائيلي: استعدنا خلال "عربات جدعون" 10 جثامين لإسرائيليين كانوا محتجزين في غزة

logo
العالم
خاص

"تفكيك منظم".. لبنان يبدأ "التحضير الهادئ" لنزع سلاح حزب الله

"تفكيك منظم".. لبنان يبدأ "التحضير الهادئ" لنزع سلاح حزب الله
عناصر من حزب اللهالمصدر: (أ ف ب)
07 أغسطس 2025، 3:18 م

تتزايد المؤشرات على تحوّلٍ في تعاطي الدولة اللبنانية مع ملف السلاح الخارج عن سلطتها، بعد سلسلة إشارات سياسية صدرت عن مجلس الوزراء ورئاسة الجمهورية، توحي بأن المسار دخل مرحلة تحضير هادئ لتفكيك منظم لسلاح "حزب الله".

ووصفت مصادر سياسية لبنانية، في حديث إلى "إرم نيوز"، الخطوة بأنها محاولة لتحريك ملف السلاح ضمن مسار مؤسساتي متدرج، يتفادى الصدام المباشر مع "حزب الله" وبيئته، مع الإبقاء على منطق السيادة كمرجعية مبدئية للنقاش.

يأتي ذلك وسط إدراك رسمي بأن التوقيت الإقليمي يسمح، وللمرة الأولى منذ سنوات، بفتح هذا النوع من الملفات من موقع الفعل لا ردّ الفعل.

وبالتوازي، تُظهر المعطيات المتوافرة تبايناً داخل "الثنائي الشيعي" نفسه، إذ تميل أوساط سياسية في حركة "أمل" إلى استمرار النقاش داخل المؤسسات، بينما يضغط جهاز التعبئة في "حزب الله" لتصعيد الموقف، واعتبار ما يجري تجاوزاً غير مقبول للخطوط الحمراء.

وهو تباين مرشّح للانعكاس بدرجات متفاوتة على مسار النقاش الدستوري، وطريقة إدارة الملف في الأسابيع المقبلة، وفق ما أفادت به مصادر "إرم نيوز".

إعادة تموضع جيوسياسي

أشارت المصادر اللبنانية إلى أن ما يجري من خطوات من قبل الرئاسة ومجلس الوزراء "أكثر من مجرد قرار فني أو أمني، بل يشكّل لحظة تفتح الباب أمام إعادة تموضع جيوسياسي كامل للبنان".

وأضافت أن "الرئاسة تنظر إلى ملف السلاح بوصفه مدخلاً أساسياً لاستعادة علاقات متوازنة مع الخليج وأوروبا والولايات المتحدة، على قاعدة سيادة الدولة".

ونوهت المصادر إلى أن جلسات مجلس الوزراء الخاصة بمناقشة سلاح "حزب الله" تشهد نقاشاً موسعاً حول الورقة الأميركية المعدّلة، وليس فقط في إطار العناوين العامة المتعلقة بالسلاح الخارج عن الدولة.

وتشمل هذه الورقة "خريطة طريق" تنفيذية أولية على مرحلتين، ستُعرض ضمن ما يُعرف بـ"الملحق غير المعلن"، وتحدد مناطق جغرافية للبدء بخطوات نزع السلاح، تبدأ من خارج الجنوب، ضمن ترتيبات أمنية واقتصادية مرافقة.

وتهدف هذه الخطوة، بحسب المصادر، إلى اختبار إمكانية التقدم دون استفزاز مباشر للبيئة الشيعية، والضغط عبر البوابة الدبلوماسية والأمنية، وليس عبر الخطاب السياسي فقط.

وأكدت المصادر أن الرئاسة تعتبر أن لحظة النقاش الحالية "تاريخية وغير قابلة للتراجع"، رغم الرفض العلني من "حزب الله". وأوضحت أن الرئيس اللبناني جوزيف عون مستعد لتحمّل الضغوط السياسية والطائفية، لكنه غير مستعد لتحويل الملف إلى ورقة مساومة داخلية.

وترى المصادر أن هذا التحول لن يكون سريعاً ولا سهلاً، لكنه "ضروري لبناء لبنان جديد، خارج منطق المحاور، ودون أن يكون جزءاً من معادلة إقليمية مفروضة عليه".

ولفتت إلى أن السيناريو الأنسب الذي يُبحث، حالياً، في الكواليس يتضمن 3 مراحل: تجميد تدريجي للسلاح خارج الجنوب، وإعادة دمج عناصر الحزب السابقين في المؤسسات المدنية والعسكرية للدولة، فتح قناة تفاوض داخلية غير معلنة تتيح للحزب حفظ ماء الوجه ضمن انسحاب تدريجي وتاريخي.

وأشارت إلى أن هذا المسار يتطلب توافقاً دولياً وغطاءً إقليمياً، وهو ما "تعمل عليه الرئاسة في الوقت الراهن".

تغيّرات جدّية

بخلاف المحطات السابقة، يبدو الخطاب الرسمي هذه المرة أكثر تماسّاً مع الواقع، وأقل خضوعاً للخطوط الحمراء. وتعتبر رئاسة الحكومة، بحسب المصادر السياسية اللبنانية، أن "مسألة السلاح لم تعد تُدار إلا بالوقائع، لا بالشعارات أو الضغوط الخارجية، وأن هناك فرصة حقيقية لإنجاز تفاهم تاريخي".

ورغم تعقيد المشهد، تؤكد مصادر "إرم نيوز" أن الجيش اللبناني "لا يُستخدم كغطاء لأحد، بل هو في موقع المبادرة هذه المرة".

وفي موازاة ذلك، تتوسع دوائر التململ داخل البيئة الشيعية، حيث تشير التقديرات إلى أن شريحة معتبرة من أبناء الجنوب والبقاع باتت تُحمّل السلاح مسؤولية تدهور علاقات لبنان الإقليمية والاقتصادية.

ويأتي هذا التغيير لا نتيجة لقرار حكومي مباشر يكلّف الجيش بوضع خطة زمنية لحصر السلاح فحسب، بل أيضاً نتيجة تراكب عوامل داخلية وخارجية، تفرض على لبنان خيارين لا ثالث لهما:

إما القبول بإعادة هيكلة جذرية لمعادلة الحكم والأمن، أو الانزلاق مجدداً إلى هاوية السيولة الوطنية، وفق ما صرّح به الباحث السياسي طلال خليفة لـ"إرم نيوز".

ويضيف خليفة أن الخطاب الرسمي هذه المرّة لا يستند إلى أدبيات "النأي بالنفس"، بل يتقدّم بخطوات واضحة على صعيد المهلة الزمنية، والتكليف المؤسساتي، والالتزام الدولي.

ويتابع: "هذه النقلة تشير إلى انكسار جزئي في الرهبة السياسية التي لطالما كبّلت السلطة عند الاقتراب من سلاح ما فوق الدولة".

ويرى أن الجدية وحدها لا تصنع التحول، بل يجب أن يتماهى الخطاب مع فعل مؤسسي منسجم.

وأضاف "الجيش في هذه المرحلة، وللمفارقة، يُعاد تشكيل رمزيته بوصفه ضابط الإيقاع الأخير لوحدة لبنان. ولعلّ المفارقة الأعمق أن تفكيك سلاح حزب الله، في حال نُفّذ ضمن توافق وطني–دولي، قد يتحوّل إلى لحظة استعادة الجيش كمؤسسة سيادية".

أخبار ذات علاقة

سلاح حزب الله

سلاح حزب الله... ترسانة تتآكل تحت الضغط فماذا بقي منها؟ (فيديو إرم)

 هل يبدأ الانسحاب الصامت؟

بعيداً عن خطابات التحدي، ترجّح مصادر "إرم نيوز" أن النشاط العسكري لـ"حزب الله" داخل لبنان متجه نحو "خفوت ظاهر". ويُدرج هذا السلوك، وفق التقديرات، كسيناريو "انسحاب تكتيكي"، قد يسعى فيه الحزب إلى تقليص حضوره المحلي دون إعلان انسحاب رسمي.

والهدف الظاهر من هذا الانكماش هو على الأرجح تقليل الكلفة السياسية الداخلية وامتصاص الضغط الدولي، في حين أن الهدف الأعمق قد يكون الاستعداد لتسوية كبرى، لا يمكن الإعلان عنها في الوقت الراهن.

ولا يمكن تحليل مصير سلاح حزب الله دون ربطه بالمسار الإيراني، بحسب ما أكده المحلل السياسي اللبناني جوزيف كرم لـ"إرم نيوز"، إذ يرى أن الحزب لا يمثل ذراعاً إقليمية فقط، بل هو واجهة مركبة لعلاقة إستراتيجية بين طهران وشرق المتوسط.

ويضيف: "إذا كانت إيران تواجه، اليوم، لحظة إعادة تموضع في المنطقة، فمن الطبيعي أن تُعاد دراسة جدوى استمرار النفوذ المسلح في لبنان".

ويرجّح أن تكون طهران بدأت بالفعل إعادة هيكلة استثمارها في حزب الله، من "ادعاء السلاح المقاوم" إلى صيغة الفاعل السياسي–الأمني، ما يعني أن الضغط الداخلي اللبناني ليس معزولاً عن ضغط خارجي يُعدّل في شروط المعادلة.

ويختم، قائلاً: "ما يحتاجه لبنان هو مشروع سيادي–مدني جامع، يعيد تعريف فكرة الدولة، ويحررها من الوصايات، والسلاح، والمصالح المتشابكة".

وأردف بالقول: "لقد تحوّل تفكيك سلاح حزب الله إلى مسار سيادي فعلي، تتقدّمه الدولة بمؤسساتها الشرعية؛ الرئاسة، الحكومة، والجيش، وهي خطوة أولى في مسار استعادة القرار الوطني من سطوة السلاح الموازي، خارج أي وصاية، وأي استثناء".

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC