وزير الإعلام اللبناني: الجيش سيباشر تنفيذ خطة بسط سيادة الدولة وفق الإمكانات المتاحة والمحدودة
رأى خبراء ومحللون أن قرار الحكومة العراقية حظر أنشطة الجماعات الإيرانية المعارضة داخل أراضيها يأتي استجابةً لضغوط إيرانية تهدف إلى إنهاء الملفات المقلقة على حدودها.
وقرر العراق حظر أنشطة الجماعات الإيرانية المعارضة الموجودة على أراضيه، لا سيما في إقليم كردستان، وذلك تنفيذًا للاتفاق الأمني الموقّع مع طهران عام 2023، الذي يقضي بعدم السماح باستخدام الأراضي العراقية منطلقًا لأي نشاط معادٍ لإيران.
ونصّ قرار مستشارية الأمن القومي العراقية على توجيه الأوامر إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية، وهيئة المنافذ الحدودية، وحكومة إقليم كردستان، لاتخاذ ما يلزم لتنفيذ القرار، الذي يشمل إغلاق مقار الجماعات الإيرانية المعارضة، ومنع أي نشاط سياسي أو إعلامي أو عسكري لها، فضلًا عن منع استخدام الأراضي العراقية كمنصة للتحريض أو شن هجمات على إيران.
ورأى خبراء أن توقيت تنفيذ القرار يحمل دلالات سياسية وأمنية لافتة، إذ يأتي في ظل تصاعد التوترات الإقليمية، لا سيما على الحدود الإيرانية-الأذرية، وفي وقت تُكثّف فيه طهران ضغوطها على بغداد لإنهاء هذا الملف، خشية من تحوّل الجماعات المعارضة إلى أدوات تُستخدم في سياقات دولية أكثر تعقيدًا.
وفي هذا الصدد، أكّد الخبير الأمني سيف رعد أن "هذا التحرّك العراقي جاء استجابة لضغوط مباشرة من طهران لحسم المرحلة الثانية من اتفاق 2023، إذ تخشى طهران من تحوّل هذه الجماعات إلى أدوات بيد الولايات المتحدة أو قوى دولية أخرى في حال اشتد الصراع أو تغيّرت المعادلة الداخلية في إيران، خاصة في مرحلة ما بعد الاتفاق النووي أو أي تحرّك داخلي مفاجئ".
وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "واشنطن تعد المعارضة الإيرانية واحدة من أوراق الضغط السياسي على طهران، والإيرانيون يدركون هذا جيدًا، لذا دفعوا باتجاه إنهاء وجود هذه الجماعات كليًا من داخل العراق، بما يشمل مقارّها وأنشطتها واجتماعاتها، حتى تلك التي تتخذ طابعًا سياسيًا أو إعلاميًا، لقطع الطريق أمام أي استخدام محتمل لها في الصراع الإقليمي".
ولفت إلى أن "هذا القرار يعكس أيضًا خشية طهران من أن تُستخدم الساحة العراقية، خصوصًا في إقليم كردستان، كمسرح لتحرّكات معادية في لحظة إقليمية حساسة، ولذا تسعى إلى إغلاق هذا الملف نهائيًا، رغم تعقيداته السياسية والاجتماعية داخل الإقليم".
وأبرم العراق وإيران عام 2023 اتفاقًا أمنيًا يهدف إلى تأمين الحدود المشتركة، ومنع التنظيمات الإيرانية المسلحة من استخدام الأراضي العراقية، لا سيما في إقليم كردستان، كنقطة لأي أعمال عدائية ضد إيران.
وظهرت الجماعات الإيرانية المعارضة في كردستان العراق منذ ثمانينيات القرن الماضي، مستفيدة من حالة الفوضى الإقليمية والصراع المسلح بين طهران وقوى كردية مسلحة، أبرزها "الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني" و"كومله"، وهما الحزبان الأقدم والأكثر نشاطًا.
واتّخذت هذه الجماعات من المناطق الجبلية الوعرة داخل إقليم كردستان، خصوصًا في محافظتي أربيل والسليمانية، مقارّ ومراكز تدريب ونشاطًا إعلاميًا، بدعم غير مباشر من أطراف إقليمية ودولية اعتبرت وجودها ورقة ضغط في مواجهة النظام الإيراني.
لذا، يقول مختصون إن تنفيذ هذا القرار قد يواجه تحديات ميدانية حقيقية، خاصة في إقليم كردستان، حيث ترتبط بعض تلك الجماعات بعلاقات تاريخية وسياسية مع قوى كردية محلية، ما يجعل عملية تفكيك مقارّها أو منع تحرّكاتها أمرًا بالغ الحساسية.
ويرى المستشار العسكري السابق والخبير الأمني عماد علّو أن "تنفيذ قرار حظر أنشطة الجماعات الإيرانية المعارضة داخل إقليم كردستان سيواجه تحديات معقّدة، نظرًا إلى العلاقات التاريخية والقومية التي تربط بعض هذه الجماعات بالقوى السياسية الكردية"، مشيرًا إلى أن "القضية الكردية بطبيعتها العابرة للحدود تجعل من مسألة الفصل بين النشاط القومي والسياسي مسألة شديدة الحساسية".
وأوضح علّو، لـ"إرم نيوز"، أن بعض الأحزاب الكردية الإيرانية، مثل (كومله) و(الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني)، ترتبط بروابط عميقة مع نظرائها في كردستان العراق، ما قد يؤدي إلى استمرار بعض أشكال النشاط، كالإعلامي أو السياسي، تحت عناوين مختلفة رغم القرار الحكومي، وهو ما تعده طهران تهديدًا لأمنها القومي.
وشدّد على أن "أي نشاط معادٍ لدول الجوار ينطلق من الأراضي العراقية يمثل خرقًا للدستور وتهديدًا مباشرًا لاستقرار البلاد والمنطقة"، مؤكّدًا أن استمرار تنفيذ الاتفاق الأمني يتطلّب تنسيقًا أمنيًا دقيقًا وشاملًا بين بغداد وأربيل، حتى لا تُستغل الأراضي العراقية مجددًا كمنصة لصراعات خارجية".