قال الناطق الرسمي باسم تحالف السودان التأسيسي، الدكتور علاء الدين نقد إن تشديد قوات بورتسودان قبضتها الأمنية في مناطق سيطرتها، بالتوازي مع تراجعها العسكري، يعكس حالة قلق متصاعدة داخل السلطة الحاكمة، في ظل اتساع رقعة الاحتجاجات الشعبية المطالبة بحكم مدني ديمقراطي، وتصاعد الغضب من استمرار الحرب وتداعياتها الإنسانية.
ويشير نقد في تصريحات لـ"إرم نيوز" إلى أن قوات بورتسودان تسعى لاحتواء الشارع، معتبراً أن الإجراءات القمعية الحالية ليست سوى محاولة لفرض السيطرة بعد إخفاقات ميدانية، ولتفادي خسارة الحكم أو الانجرار إلى محاسبة داخلية ودولية على ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
وأوضح نقد أن اندلاع الحرب جاء في جوهره، بدافع الانتقام من الشعب السوداني الذي خرج احتفاءً بسقوط حكم الإخوان المسلمين وانحاز إلى الثورة، موضحاً أن الإسلاميين أشعلوا القتال في الخرطوم لمعاقبة الشعب، ولتصفية القوة العسكرية التي وقفت إلى جانبه، ولاحقت المدنيين الذين تصدروا مشهد الثورة.
وأضاف نقد أن الهزائم الأخيرة التي منيت بها قوات بورتسودان دفعت بها إلى تشديد قبضتها الأمنية ظناً منها أنها قادرة على تغيير الخريطة الميدانية عبر اتخاذ إجراءات أكثر تشدداً تطال فقط الشعب السوداني الذي عانى الكثير بسببها.
وأوضح نقد أن التشديد ليس مصاحباً فقط للهزائم الأخيرة، بل هناك الانتهاكات المصاحبة للحرب، التي لم تكن معزولة عن سلوك قوات بورتسودان، مشيراً إلى نموذج أبو عاقلة كيكل قائد ما يسمى بـ "درع السودان"، الذي كان ضمن صفوف الدعم السريع أثناء سيطرته على ولاية الجزيرة، حيث سمح بوقوع انتهاكات واسعة جرى تحميل مسؤوليتها للدعم السريع.
وبيّن أن كيكل قام بتسليح مدنيين في شرق الجزيرة، قبل أن ينسحب إلى صفوف قوات بورتسودان، تاركاً هؤلاء في مواجهة مباشرة مع العمليات العسكرية، ثم استثمر معاناتهم سياسياً وإعلامياً.
وتابع نقد قائلاً: إن القصف الجوي الذي يستهدف المدنيين العزل، يمثل عقاباً جماعياً على الثورة، مشيراً إلى أن ذلك لا يقتصر على منطقة بعينها، إذ يطال المدنيين في دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم.
وأشار إلى أن قوات بورتسودان فرضت الجبايات و الرسوم الباهظة على المدنيين في مناطق سيطرتها، تحت مسميات دعم المجهود الحربي ودعم القوات، وهي شكل آخر من أشكال الانتقام من المدنيين عبر استنزاف مواردهم لصالح الحرب.
ولفت نقد إلى أن دعوات قوات بورتسودان للمدنيين بالعودة إلى الخرطوم ومناطق سيطرتها، تندرج أيضاً ضمن سياسة تضليل تهدف إلى استخدامهم دروعاً بشرية في حال تجدد العمليات العسكرية.
وأكد نقد أن الأمر تطور إلى تهديد المدنيين الراغبين في النزوح أو حتى التفكير في مغادرة مناطق القتال، مستشهداً بما حدث في الفاشر، حين منعت ميليشيات القوات المشتركة وجيش الإسلاميين خروج المواطنين رغم توفير قوات تحالف تأسيس ممرات آمنة لهم، وهو ما تكرر في جنوب كردفان في كادقلي والدلنج، حيث تمنع قوات بورتسودان خروج المدنيين نحو مناطق أكثر أماناً.
من جانبه، رأى مستشار قائد قوات الدعم السريع، يعقوب عبدالكريم النورين أن خروج مظاهرات منددة بممارسات سلطات بورتسودان، وما تحمله من مطالب واضحة بحكم مدني ديمقراطي، أسهم في زعزعة استقرار هذه السلطات ويمثل تهديداً مباشراً لاستمرارها في الحكم.
وأضاف النورين لـ "إرم نيوز" أن الحراك الحالي في الشارع السوداني يتقاطع من حيث الدوافع والمسار مع ما وصفه بحراك "ثورة الدعم السريع" في 15 إبريل/ نيسان 2023، معتبراً أن تشديد القبضة الأمنية يشكل مؤشراً على بداية نهاية هذه السلطة، ولا سيما مع احتمال اتساع رقعة الاحتجاجات داخل مناطق سيطرتها.
وأوضح أن المحيطين الدولي والإقليمي يبتعدان عن هذه السلطة التي تريد استمرار الحرب لإرضاء الحركة الإسلامية دون اكتراث بحجم الكوارث الإنسانية التي تطال الشعب السوداني، فضلاً عن انحسار مناطق نفوذها بعد الخسائر الكبيرة التي لحقت بها وأصبحت شبه معزولة في مناطق جغرافية ضيقة.
واختتم نورين حديثه بالتأكيد أن هذه القبضة الأمنية المشددة لا تعكس قوة بقدر ما تكشف عن هشاشة السلطة وخشيتها من خسارة الحكم، فضلاً عن مخاوفها من محاسبة الشعب والمجتمع الدولي لكل الرموز التي أسهمت في إيصال البلاد إلى هذا الوضع.