لا يبدو المنتخب السوداني، المتأهب للمشاركة في كأس أمم إفريقيا 2025، التي تُفتتح منافساتها يوم الأحد المقبل في المغرب، مثل غيره من المنتخبات الثلاثة والعشرين التي تخوض النسخة الـ35 من النهائيات القارية، بل أنه يعدّ حالة استثنائية بالنظر إلى الظروف التي تمر بها الكرة السودانية والبلاد.
وكانت السودان من بين الدول المؤسسة لكأس أمم إفريقيا، مع مصر وأثيوبيا عندما احتضنت البلاد أول بطولة في العام 1957، وأنهى منتخب صقور الجديان تلك النسخة الافتتاحية في المركز الثالث فيما توج المنتخب المصري باللقب.
لكن بين نسخة العام 1957، والنسخة المرتقبة للنهائيات، مسافة نحو 70 عاما، تعرضت فيها الكرة السودانية إلى مراحل عدة بين التراجع المدوّي والضعف الفادح، وبين التألق اللافت والصعود على منصة التتويج مثلما حدث في نسخة 1970 التي أحرز فيها السودان لقبه الإفريقي الوحيد.
وتوج منتخب السودان في نهائيات 1970 باللقب القاري مستفيدا من إجراء تلك النسخة على أرضه، لكن الكرة السودانية تراجعت بشكل كبير بعد تلك البطولة، لتعود إلى الواجهة في سنة 2008 عندما تأهلت من جديد للنهائيات، قبل أن تبلغ في 2012 ربع النهائي.
أوضاع صعبة وأزمات متتالية
تغلب المنتخب السوداني على الأوضاع الصعبة التي تمر بها البلاد منذ العام 2023، ونجح في عبور الطريق بنجاح في تصفيات كأس أمم إفريقيا 2025، إذ تأهل بعد أن أطاح بالمنتخب الغاني وضمن المشاركة في نسخة المغرب في وقت كان الجميع يتوقع فشله.
وقاد المدرب الغاني، كواسي أبياه، صقور الجديان لتحقيق نتائج لافتة فاقت كل التوقعات، إذ لم يكن أشد المتفائلين ينتظرون أن ينجح رفاق المهاجم عبد الرحمان الغربال أن يتأهلوا للنهائيات وهم يخوضون مبارياتهم في ملاعب متفرقة، ويستقبلون منافسيهم في التصفيات، تارة في تنزانيا وطورا في ليبيا وتارة أخرى في بلدان مجاورة في القارة السمراء.
رغم تلك الصعوبات، وتشتت الكرة السودانية، يتطلع المنتخب الذي ظهر لآخر مرة في "الكان" في نسخة الكاميرون 2022، إلى تحقيق أفضل إنجازاته والتأهل للدور ربع النهائي على الأقل وهو الهدف الذي وصل إليه في نسخة 2012 عندما كانت البطولة تقام بـ16 منتخبا.
مجموعة صعبة وطموحات مشروعة
ويملك المنتخب السوداني مجموعة من اللاعبين الذين ينشطون في الغالب في قطبي الكرة في البلاد: الهلال والمريخ، في حين يسعى المدرب كواسي أبياه إلى أن يصنع من الأضداد فريقا قادرا على أن يفعل شيئا يخلده تاريخ "الكان" على ملاعب المغرب.
وبوجودهم في المجموعة ذاتها (الخامسة) مع الجزائر وبوركينا فاسو وغينيا الاستوائية، سيواجه السودان مهمة صعبة لتجاوز الدور الأول، إذ ستكون مباراته الافتتاحية أمام الجزائر، قبل ملاقاة غينيا الاستوائية ثم بوركينا فاسو، وجميعها منتخبات كانت حاضرة في آخر نسختين من البطولة.
ولعله من الصدف الغريبة، أن السودان سيكون من جديد في مواجهة أمام الجزائر في افتتاح مشاركته في المسابقة القارية، مثلما كان منذ أيام قليلة في افتتاح مشواره في كأس العرب للمنتخبات 2025 في قطر.
لكن ذلك المنتخب الجزائري الذي اكتفى بالتعادل (0 ـ 0) أمام رفاق عبد الرحمن الغربال، ليس هو الفريق الذي سيكون يوم 24 ديسمبر على ملعب مولاي الحسن في الرباط، بل سيضم نجوم محاربي الصحراء المحترفين في أوروبا وكبرى الأندية السعودية.

وينحدر أغلب لاعبي المنتخب السوداني المشاركين في أمم إفريقيا من فريق الهلال حيث يلعب أحد عشر لاعباً اختارهم المدرب كواسي أبياه ويتقدمهم الهداف عبد الرحمن الغربال، علما أن الهلال هو الفريق الوحيد الذي ينشط قاريا ومحليا في ضوء توقف الدوري المحلي.
وكان لاعبو المريخ والهلال هم أنفسهم من وضعوا بصمتهم في تأهل السودان للكان بعد احتلالهم المركز الثاني خلف أنغولا في التصفيات، متقدمين على النيجر، والأهم من ذلك، غانا، إحدى أقوى المنتخبات في القارة.
ويفتتح منتخب السودان مشواره في أمم إفريقيا بملاقاة الجزائر يوم الأربعاء ديسمبر في الجولة الأولى للمجموعة السادسة التي تضم غينيا الاستوائية وبوركينا فاسو.