logo
العالم العربي

وسط حملات مثيرة للجدل.. العراق يشهد الانتخابات الأعلى تكلفة منذ 2003

حملات انتخابية في العراقالمصدر: رويترز

أثار الإنفاق الهائل في الحملات الانتخابية الجارية بالعراق جدلاً واسعاً حول تكافؤ الفرص بين القوى السياسية، خاصة التيارات المدنية والمستقلة التي تعاني من ضعف التمويل مقابل القوائم الكبيرة المدعومة من أحزاب تقليدية أو جهات ثرية تمتلك قدرات مالية ضخمة.

ومع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية المقرر في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بدت شوارع المدن العراقية شاهدة على فوارق صارخة بين دعاية مترفة تمول بالملايين، وأخرى متواضعة بالكاد تغطي المواقع الرئيسة في المدن الكبرى.

وفي الوقت الذي تملأ فيه صور مرشحي الأحزاب الحاكمة جدران المدن والطرق العامة، لا تزال القوى المدنية والمستقلة تخوض معركتها الدعائية بإمكانات محدودة.

ويبرز "تحالف البديل" بزعامة النائب عدنان الزرفي نموذجاً لهذه المفارقة، إذ اقتصرت موارده على إمكانيات أعضائه الشخصية، حيث لم يتمكن التحالف وفق تصريحات من طباعة سوى 50 صورة فقط لأعضائه في بغداد وبعض المحافظات، فيما تعجز قوائمه المحلية عن تمويل أي نشاط ميداني كبير أو إقامة مهرجانات انتخابية. 

أخبار ذات علاقة

عناصر تابعة لكتائب سيد الشهداء

واشنطن تراقب وبغداد تتوجس.. الفصائل تهدد بإرباك المشهد الانتخابي في العراق

شراء الذمم

بدورها، قالت المرشحة عن تحالف البديل المدني أسماء الصالح إن "المال السياسي لا يفسد الانتخابات فقط، بل يترك آثاراً طويلة على الحكم والمجتمع".

وأضافت لـ"إرم نيوز" أن "شراء الذمم واستغلال حاجة المواطنين يحوّل الديمقراطية إلى سوق للنفوذ، ويقضي على فرص الإصلاح الحقيقي"، مطالبة بـ"رقابة دولية حقيقية ومحاسبة صارمة لكل من يستخدم المال غير المشروع في الانتخابات".

وتواجه القوى المدنية في العراق تحديات متراكمة، من بينها غياب الدعم المالي والإعلامي، وتضييق مساحة الحراك الجماهيري لصالح الأحزاب الكبيرة التي تمتلك أدوات إعلامية ضخمة، وتمويلات تأتي من رجال أعمال أو شبكات اقتصادية مرتبطة بمراكز نفوذ داخل الدولة.

 ويقول مراقبون إن هذه المعادلة غير المتوازنة تجعل من الصعب على المرشحين المدنيين الوصول إلى الناخبين، رغم امتلاكهم برامج إصلاحية واقعية.

وفي المقابل، تُظهر تصريحات سياسية متداولة حجم الإنفاق غير المسبوق الذي تشهده الانتخابات الحالية، إذ تجاوزت الكلفة في بعض الكتل مئات ملايين الدولارات، مما جعل التنافس يقاس بقدرة المرشح على الإنفاق لا ببرنامجه أو مؤهلاته.

وهذا المشهد دفع عدداً من القوى المدنية إلى وصف السباق الانتخابي بأنه “معركة مالية مفتوحة” تُقصي المستقلين وتعيد إنتاج الطبقة السياسية نفسها. 

أخبار ذات علاقة

لافتات مرشحين في شوارع العراق

"حرب الملصقات" تشعل السباق الانتخابي في العراق

مشاريع تجارية

بدوره، أوضح رئيس المركز العراقي للدراسات الإستراتيجية الدكتور غازي فيصل أن "الإنفاق الانتخابي الحالي تجاوز كل المعايير المتعارف عليها في الدول الديمقراطية"، مشيراً إلى أن "تحويل العملية السياسية إلى مشروع تجاري قائم على شراء المقاعد والمناصب يمثل كارثة حقيقية".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الأموال التي تُنفق على الدعاية كان يمكن أن توجه لمعالجة أزمات الفقر والبطالة، إذ يعيش أكثر من 11 مليون عراقي تحت خط الفقر، فيما يتجاوز عدد العاطلين عن العمل 16 مليوناً".

وبحسب بيانات رسمية أخرى من مراقبين مستقلين، فإن العراق يشهد واحدة من أكثر الحملات الانتخابية كلفة منذ 2003، إذ تقدر موازنات بعض التحالفات الكبرى بعشرات ملايين الدولارات، تُصرف على اللافتات والإعلانات وشراء الأصوات، فيما تتحدث تقارير عن ارتفاع “سعر المقعد البرلماني” إلى أكثر من 5 مليارات دينار في بعض الدوائر. 

أخبار ذات علاقة

ارتفاع معدل الفقر في العراق إلى 30% والسنة الأكثر تضررًا

وفي مقابل هذه الأرقام الضخمة، تبدو الدعاية المدنية "فقيرة ومتواضعة"، حيث تعتمد على جهود المتطوعين ووسائل التواصل الاجتماعي للتعريف بالمرشحين وبرامجهم.

في خضم هذه الأجواء، يزداد قلق القوى المدنية من أن يؤدي تغول المال السياسي إلى تهميشها مجدداً في البرلمان المقبل، خاصة وأن الناخب العراقي بات يدرك بحسب مراقبين أن المال أصبح أداة أساسية لحسم النتائج، لا وسيلة لترويج البرامج أو خدمة المواطنين.

ومع بقاء نحو 20 يوماً على موعد الاقتراع، تحاول التحالفات المدنية الصغيرة المحافظة على حضورها الرمزي في المشهد الانتخابي، في وقتٍ يرى فيه كثيرون أن الانتخابات المقبلة ستعيد اختبار قدرة العراق على تنظيم عملية انتخابية حقيقية تعبر عن الإرادة الشعبية، لا عن موازين الثروة والنفوذ.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC