في ظل الأوضاع المتقلبة في سوريا والإدارة الجديدة، يطفو على السطح الحديث عن قضايا "القومية والانتماء الوطني"، في إشارة إلى وضع أكراد سوريا ومصيرهم المرتقب.
وشدد محللون على أن الأكراد في سوريا، جزء من النسيج السوري ولا مكان للانقسامات، فيما يرفض آخرون التفريق بين الحقوق القومية والمواطنة، معتبرين أن الأكراد لهم حقوق متساوية في المجالات كافة.
ويرى الكاتب والمحلل السياسي طه الحامد، أن "كل الحكومات المتعاقبة على حكم سوريا منذ بداية الأربعينيات في القرن الماضي وصولاً إلى استلام أحمد الشرع للسلطة في دمشق، كانوا يستخدمون خطابًا عاطفيًّا تجاه الأكراد، مفاده أن الأكراد جزء أساس من النسيج السوري".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "هذا الأمر يعني أن للأكراد وجودًا وحضورًا ودورًا في سوريا، وهذا يعني أن لهم حقوقًا على أساس قومي، وعلى أساس المواطنة العادية، ومنذ بداية الحراك ومنذ تأسيس الأحزاب السياسية الكردية في بداية الخمسينيات كان التركيز على العيش المشترك والحقوق المتساوية بين الجميع".
وأشار إلى أنه "خلال فترة الحكومة الحالية منذ استلام السلطة هناك أكثر من 50 – 70 لقاءً صحافيًّا مع قيادات الصف الأول بما في ذلك القادة العسكريون من قوات سوريا الديمقراطية، سواء كانوا سياسيين في الإدارة الذاتية أو في المجلس الوطني الكردي، جميعهم أعلنوا أن يكونوا جزءًا من الحل في سوريا وجزءًا من الدولة السورية الجديدة".
وأوضح أن هذا "الدور مرتبط بالقوى الإقليمية الممانعة بشكل كبير لأي دور كردي وخاصة الحكومة التركية ومن خلفها الإخوان المسلمين".
وبيّن الحامد أن "البعد الآخر المتعلق بالحقوق الكردية، مرتبط بمدى جدية التحالف الدولي في دعم الحقوق الكردية، إضافة إلى الدور الأساس العربي الذي يتمناه الأكراد من دول عربية بعينها، والأكراد يراهنون عليهم أكثر من المراهنة على الولايات المتحدة وعلى إقليم كردستان".
فيما يرى رئيس الحزب القومي العربي السوري، الدكتور باسل خراط، أنه "من المنطقي أن يكون الجميع شركاء في بناء سوريا، دون التمييز بين جهة أو قومية وأخرى".
وأكد لـ "إرم نيوز"، أن "الشعب السوري لم يعتد على التعامل بمنطق الطوائف والقوميات على تنوعها، بل الجامع بين الجميع هو الهوية الوطنية".
ووفق قوله، فإن "دور الأكراد يجب أن يكون متناغمًا مع باقي السوريين، وأن يكون لهم تمثيل في مؤسسات الدولة كافة، دون تمييز أو إقصاء، وأن الحديث هنا لا يقتصر على الفترة الحالية بل يشمل مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة الانتقالية".
وأوضح خراط أنه "لا توجد قومية إلا ولها تاريخها الخاص"، مشيرًا كمثال حديث إلى ظهور أشخاص يدّعون أنهم يملكون صكوكًا ملكية "عثمانية" في مدينة حلب مؤخرًا، حيث يعمل أصحابها على استرجاع أملاكهم.
وعدّ أن "الحراك السياسي إذا لم يترافق مع الهوية الوطنية الجامعة وبوادر حسن النية، فإن الأمور لن تنتهي الآن، فالمساواة والعدالة الاجتماعية هي شرط أساس لبناء البلاد".
ومن جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور فايز حوالة، أنه "رغم من ضبابية المستقبل الذي يحيط بسوريا، فإنه يجب التمييز بين الانتماء للبلد، والانتماء للقومية".
وقال لـ"إرم نيوز"، إن "سوريا تحتضن قوميات متعددة، فالسوري الكردي هو قومية وطنية، بينما الكردي السوري لا مكان له لأن انتماءه يكون لقوميته وليس لأرضه ووطنه، ومن ثم لن يكون له مستقبل في سوريا"، على حد تعبيره.
وأضاف حوالة أنه "تمت ملاحظة حراك سياسي مؤخرًا بالنسبة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وهو حراك يثير الدهشة والمخاوف، خصوصًا مع النداءات التي يوجهها هؤلاء لإسرائيل لإنقاذهم، وهي التي أعطتهم إشارات داعمة لمواجهة ما يسمونه الخطر التركي".
وتابع أنه "في الوقت الذي يرفض فيه السوريون أي تدخل في شؤونهم الداخلية، فإن الشعب السوري بمختلف قومياته ومكوناته قادر على تحديد مستقبل بلاده"، مشيرًا إلى أن "الموضوع الكردي خاصة في المناطق التي يعتبرونها مناطق خاصة بهم، موضوع مهم للغاية".
واستنادًا إلى ما يسمونه "العوامل التاريخية" وتاريخ المنطقة، أكد أنه "لا مكان للتقسيم"، موضحًا أن "من يدخل من التاريخ يخرج من الجغرافيا، وهذا ينطبق على الكردي السوري، وليس على السوري الكردي".