يرى تحليل لصحيفة "ذا ناشيونال" أن سوريا تعود تدريجيًا إلى الاقتصاد العالمي، بعد عقود طويلة من الحرب والعزلة، راصدة أهم المؤشرات على ذلك، من استئناف الرحلات الجوية التجارية، وتخفيف العقوبات، وسداد الديون، وتردد المستثمرين العرب على دمشق.
وتعد "ذا ناشيونال" أن ما تشهده سوريا "ليس مجرّد صحوة اقتصادية، بل هو إعادة تموضع جيوسياسي أعمق، وضع سوريا ضمن كتلة غربية متنامية، مع تراجع نفوذ إيران".
ولن يُحدد تعافي سوريا من خلال جداول الناتج المحلي الإجمالي وحدها، بل سيعتمد على ما إذا كانت البلاد قادرة على استعادة قدر كاف من السلطة السياسية لإعادة البناء وفق شروطها الخاصة، بحسب "ذا ناشيونال"
وأعاد تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية فتح الباب أمام الاستثمار الدولي في سوريا، لا سيما في قطاع الطاقة، وقد حفّز هذا التحول في السياسات موجة من الصفقات المدعومة خليجيًا، أبرزها اتفاقية بقيمة 7 مليارات دولار شملت شركات قطرية وتركية وأمريكية لإعادة بناء البنية التحتية للطاقة في سوريا.
بعد ستة أشهر من الإطاحة بالرئيس السابق بشار الأسد، لا تزال سوريا تعاني من حالة من عدم الاستقرار العميق، لكن مسارها واضح لا لبس فيه، ووفق "ذا ناشيونال" لا يزال التقلب السياسي قائمًا، حيث يتحدى المتمردون الموالون لبشار الأسد الحكومة، بقيادة الرئيس أحمد الشرع.
وتضيف "رغم تخفيف العقوبات، إلا أن المستثمرين لا يزالون حذرين، معتبرة أن أي ازدهار استثماري حقيقي يتطلب مزيدًا من الضمانات المؤسسية وإصلاحات موثوقة.
ومع ذلك، يصعب تجاهل أساسيات سوريا، إذ يمنحها موقعها الجغرافي إمكانية الوصول إلى خمس أسواق رئيسة، حيث تحدها تركيا والعراق والأردن وإسرائيل ولبنان، ونظام موانئ متوسطي، يوفر وصولًا مباشرًا إلى أوروبا عبر قناة السويس، كما تضيف "ذا ناشيونال".
ولدى سوريا موارد طبيعية، وقدرات زراعية غير مستغلة، وشتات كبير ومتفرق، بما في ذلك ملايين السوريين المتعلمين تعليمًا عاليًا، والذين فروا إلى أمريكا الشمالية وأوروبا بعد اندلاع الحرب الأهلية عام 2011، وبذلك تعتقد "ذا ناشيونال" أنه إذا استطاعت سوريا ضمان السلام ومصداقية سياساتها، فمن المحتمل أن تصبح، بمرور الوقت "مركزًا إقليميًا للتجارة والخدمات اللوجستية والصناعات الماهرة".
وتخلُص الصحيفة إلى أن المؤشرات التي يجب مراقبتها خلال العام المقبل ستكون كاشفة، من الاستثمار الأجنبي المباشر، لا سيما في البنية التحتية والتعليم، إلى عودة الهجرة من أوروبا وأمريكا الشمالية، مع خطوات ملموسة نحو بناء المؤسسات، ورأت أنه "إذا استثمرت سوريا في الموارد البشرية، لا في الطرق ومحطات الطاقة فحسب، فقد يكون تعافيها مستدامًا.