أثارت ما تُسمى بـ"خطة السلام" أو "خريطة السلام" التي قدمها رئيس وزراء بورتسودان، كامل إدريس، أمام مجلس الأمن، جدلاً سياسياً واسعاً في السودان، بسبب عدم واقعيتها في أزمة البلاد المعقدة، فيما ذكر الناطق باسم القوى المدنية المتحدة في السودان "قمم"، عثمان عبد الرحمن سليمان، لـ"إرم نيوز"، أن "المبادرة التي هندسها الإخوان تطيل أمد الحرب السودانية".
وأوضح عثمان عبد الرحمن سليمان، أن "المبادرة التي طرحها كامل إدريس أمام مجلس الأمن لم تخرج عن رؤية تصريحات عبد الفتاح البرهان بشأن السلام"، وأشار إلى أن "المبادرة تحتوي على بنود صفرية وغير منطقية، ولا يمكن أن تكون خطة حل وإنما مبادرة لإطالة أمد الحرب".
وقال عثمان إن "إدريس يعمل وفق توجيهات وإملاءات (الإخوان المسلمين)، وهو أداة بيد قادة الجيش في بورتسودان، ولا يمكن حسبانه على المدنيين بأي حال من الأحوال، فهذه المبادرة هندسها الإخوان بهدف قطع الطريق أمام الجهود الدولية والإقليمية الرامية لإنهاء الحرب".
وأضاف أن "هذه المبادرة لا يمكن أن تخرج بالبلاد إلى بر الأمان، لأنها فتحت العملية السياسية للجميع، بما في ذلك الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، ما يؤكد أنها تهدف لإعادة تدوير بقايا النظام البائد تحت غطاء الحوار السوداني الذي لا يستثني أحداً".
وأكد عثمان أن "المبادرة منقوصة ومشوهة، وليست بحجم الأزمة الحقيقية، ولم تشر إلى قضايا الانتقال والحكم المدني الديمقراطي".
واعتبر أن "واضعيها واجهات للإخوان لا يملكون إرادة سياسية لوقف الحرب، وما يطرحونه من مبادرات خطوة لكسب الوقت ومناورة سياسية لصالح النظام البائد".
جدير ذكره أن "خطة إدريس" لم تُراعِ الخريطة الميدانية، إذ تعكس إغفالاً واضحاً لسيطرة قوات الدعم السريع على مناطق حيوية واستراتيجية في السودان، فضلاً عن قدرتها السياسية على رفض هذه المبادرة والتمسك بمكتسباتها من موقع قوة لا ضعف، بحسب المراقبين.
ويرى المراقبون أن قوات بورتسودان تحاول الإيحاء بأنها مع السلام، لكنها في جوهرها تسعى إلى تدويل الأزمة بعد الامتعاض الدولي الأخير، خاصة في ما يتعلق بالبند الخاص بقوات "الدعم السريع" وخيار الانسحاب وتسليم المناطق، ما يترك تساؤلات حول قابلية للتنفيذ.
كما أن وصف الخطة لقوات الدعم السريع بـ"ميليشيا" يعمق الشرخ القائم ويجعل المبادرة أحادية الحل، كما حدث في هدنة الرباعية التي رفضتها حكومة بورتسودان، في حين اعتبرتها حكومة تأسيس خطة "استسلام" لا سلام.
وتقديم المبادرة في مجلس الأمن ليس مجدياً لا سيما أن هذا يمثل خطوة رمزية دون أي آفاق للحل، في ظل غياب توافق دولي أو ضمانات قادرة على إجبار الطرف الآخر على التنفيذ، ما يفقد هذه المبادرة أهميتها إذ لم تراعِ نهائياً مواقف الدعم السريع.