إعلام فلسطيني: غارات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة تقتل 13 فلسطينيا خلال الساعات الأخيرة
رأى خبراء عراقيون أن كارثة الحريق التي ضربت مدينة الكوت كشفت عن إخفاق كبير واسع في منظومة السلامة، وسط عجز واضح في التجهيزات، وتغاضٍ طويل عن المخالفات.
وتعاني معظم الأبنية التجارية والأسواق في العراق من غياب أنظمة الإنذار والإطفاء، وتُقام أحياناً دون إشراف من الدفاع المدني، أو عبر وساطات تتجاوز الضوابط.
وقال الخبير في الشؤون الاقتصادية والإدارية عبدالحسن الشمري، إن "ضعف استجابة مؤسسات الدولة وتراخيها في تجهيز منظومة الدفاع المدني يكشف حالة مزمنة من الاعتماد على الكوارث كمحفز للتحرك".
وأضاف الشمري لـ"إرم نيوز"، أن "ما جرى في واسط هذا الأسبوع كان بمثابة مذبحة واضحة، نتيجة غياب الآلات والمعدات الخاصة بإخماد الحرائق، والتي لم تكن متوفرة في المحافظة".
وأوضح أن "عدم وجود طائرات لمعالجة الحرائق يُعدّ خطأ استراتيجياً كبيراً، كما أن غياب السلالم الخارجية لإنقاذ المواطنين المحاصرين في الطوابق العليا يفاقم من حجم الخسائر"، مشددًا على أن "كل مركز دفاع مدني ينبغي أن يمتلك طائرتي هليكوبتر لمواجهة حرائق العمارات الشاهقة التي بدأت تنتشر في العراق".
وكان الحريق قد اندلع في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء داخل مركز تجاري كبير وسط الكوت، وأسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، معظمهم من المتبضعين والعاملين، فيما ظلت فرق الإطفاء تكافح النيران لعدة ساعات دون دعم جوي أو مساندة من بغداد.
وأعاد الحادث إلى الذاكرة حرائق دامية مشابهة في السنوات الأخيرة، أبرزها كارثة مستشفى ابن الخطيب عام 2021، ثم مستشفى النقاء في ذي قار، وقاعة الحمدانية في نينوى عام 2023، وجميعها وقعت في أماكن مكتظة، وتكررت فيها الأخطاء ذاتها من حيث الإهمال، وعدم الالتزام بشروط السلامة.
وتواجه فرق الدفاع المدني في العراق اتهامات مزمنة بالفساد والمحاباة، وعدم الجدية في فرض شروط الرقابة، وسط حديث عن إصدار موافقات السلامة دون كشف ميداني حقيقي، أو مقابل رشى تُسهّل حصول الأسواق والمولات على تصاريح العمل.
ويقول نشطاء محليون إن ما جرى في الكوت لم يكن "حادثاً طارئاً"، بل نتيجة حتمية لتراكم الإهمال وغضّ الطرف عن مخالفات واضحة، مشيرين إلى أن المبنى المحترق كان يفتقر لأبسط معايير السلامة، لكن الجهات المعنية لم تحرّك ساكنًا رغم الشكاوى المتكررة.
وفي اليوم التالي للفاجعة، عقد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني جلسة طارئة لمجلس الوزراء، وصف فيها الحادث بأنه "امتداد للإهمال ذاته الذي تسبب بكوارث سابقة"، معلنًا تعويض الضحايا بمبلغ 10 ملايين دينار (نحو 7500 دولار)، وتشكيل لجنة تحقيق، إضافة إلى نقل المصابين للعلاج خارج البلاد إن استدعى الأمر.
لكن مختصين اعتبروا أن هذه الإجراءات لا تختلف عن تحركات سابقة عقب كوارث مماثلة، لم تُسفر عن تغييرات جذرية في بنية الدولة أو أدوات استجابتها، بل اقتصرت على تعويضات سريعة، ولجان تنتهي دون محاسبة.
من جهته، قال الخبير في مجال السلامة العامة عبدالسلام حسن، إن "أغلب الحرائق الكبرى التي شهدها العراق خلال السنوات الماضية لم تكن نتيجة خلل فني فقط، بل بسبب غياب ثقافة السلامة لدى مؤسسات الدولة والمواطنين على حد سواء".
وأضاف لـ"إرم نيوز"، أن "نظام الدفاع المدني في العراق يعاني من فوضى تنظيمية، تبدأ من عدم وجود قاعدة بيانات محدثة للأبنية الخطرة، وتمرّ بتداخل الصلاحيات بين المحافظات والوزارات، وتنتهي بتقاعس واضح في إجراء الفحوصات الدورية للمخازن والأسواق والمولات".
وبيّن أن "العديد من المنشآت تحصل على موافقات شكلية، أو تعتمد على علاقات شخصية لتجاوز شروط الإطفاء والوقاية، ما يجعل الرقابة مجرد حبر على ورق".
وبالتوازي، أعلنت عدد من المحافظات العراقية سلسلة من الإجراءات، شملت إغلاق الأسواق والمطاعم والمراكز التجارية المخالفة، وتشكيل لجان ميدانية لتفتيش البنايات والمؤسسات التعليمية والمولات، بهدف مراجعة توفر أنظمة الإنذار والإطفاء.
لكن هذه التحركات تُذكّر – وفق مختصين – بما حدث بعد الكوارث السابقة، من تحركات فورية من الغلق والتفتيش، ثم فتور تدريجي، تعود بعده الأمور إلى ما كانت عليه، بسبب غياب خطة وطنية شاملة أو مساءلة صارمة.
ويُقدَّر أن آلاف الأبنية في بغداد والمحافظات لا تلتزم بشروط الدفاع المدني، خصوصاً الأسواق الشعبية والمراكز التجارية والمستشفيات الأهلية، فيما لا تمتلك مديرية الدفاع المدني معدات كافية أو مروحيات متخصصة للإطفاء، رغم إدراجها في موازنات سابقة، فيما أعلنت بعد حريق الكوت تعاقدها على شراء طائرتين من كوريا الجنوبية، تصلان في أكتوبر المقبل.