رأى خبراء ومحللون أن تكرار التحذيرات من سيناريو مشابه للتجربة السورية في العراق يحمل أبعاداً داخلية تهدف إلى إبقاء الشارع في حالة توتر واستنفار، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات.
وتظهر بين الحين والآخر تحذيرات من سياسيين عراقيين بشأن احتمال تغيير النظام أو تكرار السيناريو السوري، كان آخرها ما تحدث به رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، الذي حذر من محاولات الالتفاف على العملية السياسية وإعادة إنتاج الفوضى الأمنية.
وأضاف المالكي، خلال كلمته في المؤتمر التأسيسي لمجلس عشائر كربلاء، أن "بقايا تنظيم داعش وحزب البعث المنحل لا يزالون يشكلون أدوات للفتنة التي تهدد منجزات الشعب العراقي بعد التخلص من حقبة الدكتاتورية" وفق تعبيره.
وشدد على أن "ائتلافه لن يسمح بأي محاولات لإلغاء هيئة المساءلة والعدالة أو إطلاق سراح الإرهابيين من السجون".
وأكد المحلل السياسي، علي الحبيب، أن "التحذيرات من تكرار التجربة السورية أو عودة حزب البعث ليست جديدة على المشهد العراقي، لكنها تحمل في هذا التوقيت أبعادًا متعددة ودلالات سياسية مختلفة".
وأوضح الحبيب لـ"إرم نيوز" أن "استخدام فزاعة البعث كأداة سياسية لتوجيه الرأي العام وتحريك السردية السياسية هو أمر متكرر، حيث تهدف بعض الأطراف إلى إبقاء الجمهور في حالة قلق مستمر، لضمان استمرار الاصطفاف حول السياسة الحالية، مستفيدة من التجربة البعثية المريرة لترسيخ مواقعها وإبقاء خصومها تحت وطأة الاتهام، حتى لو لم تكن هناك معطيات فعلية تشير إلى وجود تهديد حقيقي" وفق تعبيره.
ولفت إلى أن "هذه التحذيرات تبدو محاولة لإعادة ترتيب أولويات المشهد السياسي العراقي بما يخدم أطرافًا معينة داخل السلطة".
ومع التغيرات التي طرأت على النظام السوري، سادت أجواء من القلق داخل العراق، حيث برزت مخاوف من تداعيات محتملة قد تمتد إلى الساحة العراقية.
ورافق ذلك تصاعد في الخطاب السياسي المناهض لأي تحول قد يؤثر على التوازنات الداخلية، وسط دعوات واضحة لعدم التفاعل مع المشهد الجديد في سوريا.
ويتزامن ذلك مع تصاعد الضغوط الدولية المطالبة بنزع سلاح الميليشيات المسلحة في العراق، حيث باتت بعض القوى السياسية تنظر إلى هذه الدعوات باعتبارها تهديداً مباشراً لمعادلة النفوذ الداخلي.
بدوره، يرى الباحث الأمني، كمال الطائي أن "تصاعد التحذيرات من تكرار السيناريو السوري في العراق يرتبط بشكل وثيق بالمفاوضات الجارية بشأن مستقبل الميليشيات المسلحة، حيث تُستخدم هذه التصريحات كوسيلة للتأثير على مسار المفاوضات الجارية وإعادة توجيه الاهتمام بعيداً عن المطالب الدولية والمحلية الداعية إلى ضبط السلاح".
وأضاف الطائي لـ"إرم نيوز" أن "التوقيت الذي تصدر فيه هذه التحذيرات يؤكد حالة التوتر السياسي الناتجة عن الضغوط المتزايدة لحل الميليشيات أو دمجها ضمن المؤسسة الأمنية، وهو ما يدفع بعض الأطراف إلى إثارة مخاوف أمنية كوسيلة لحماية مكتسباتها وضمان استمرار نفوذها".
عاصفة من الجدل.. عناصر من الأمن العراقي يدوسون العلم السوري #إرم_نيوز #العراق #سوريا
Posted by Erem News - إرم نيوز on Tuesday, January 28, 2025
بدوره، يرى المختص في الشأن الانتخابي أحمد العبيدي، أن "اقتراب موسم الانتخابات سيؤدي إلى تصاعد هذا النوع من الخطاب، حيث تسعى بعض الأطراف إلى استمالة شريحة واسعة من أنصار ما يُعرف بـ(المقاومة) عبر إثارة المخاوف وتحفيزهم على المشاركة السياسية".
ويرى العبيدي في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "استخدام خطاب التخويف من المؤامرات الخارجية أو عودة البعث يهدف إلى شدّ عصب القواعد الشعبية وضمان دفعها نحو صناديق الاقتراع" وفق تعبيره.
وأشار إلى أن "هذه الاستراتيجية ليست جديدة، فقد سبق أن استُخدمت في محطات انتخابية سابقة لتعبئة الجمهور وإعادة إنتاج التحالفات السياسية على أسس قائمة على التخويف من التغيير أو من سيناريوهات غير واقعية".