أثار حادث الدوس على علم الثورة السورية من قبل ضباط عراقيين، يرافقهم منتسبون أمنيون، جدلًا واسعًا في الأوساط الشعبية، وسط دعوات لاعتماد المصلحة الوطنية العراقية تجاه ما يحدث في سوريا.
واعتبر البعض أن هذه الواقعة تحمل أبعادًا سياسية عميقة، بينما دعا آخرون إلى التحلي بالحكمة، خاصة من قبل ضباط المؤسسة الأمنية، وتجنب الممارسات التي تعطي انطباعات سلبية تجاه الأحداث المحيطة.
وأظهر مقطع مرئي متداول عبر منصات التواصل الاجتماعي، مجموعة من المنتسبين الأمنيين العراقيين، وهم يدوسون على العلم السوري الجديد "الأخضر"، إلى جانب العلمين الأمريكي والإسرائيلي، وصورة الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.
ووقع الحادث أمام مرقد الإمام الكاظم في العاصمة العراقية بغداد، ما أثار غضبًا واسعًا بين السوريين المؤيدين للإدارة الجديدة.
ورأى نشطاء أن هذه الحادثة تحمل رسائل سياسية تجاه سوريا، معتبرين أن هذه الممارسات تأتي نتيجة توجهات معينة داخل بعض المفاصل الأمنية، التي قد تكون مرتبطة بإيران.
وقال ضابط في وزارة الداخلية العراقية إنه "تم إصدار توجيهات من المراجع الأمنية بضرورة إنهاء مثل هذه الممارسات وفتح تحقيق بشأن المقطع المتداول"، مشيرًا إلى أن "العراق يتمتع بعلاقات جيدة مع جميع الأطراف، ومثل تلك التصرفات الفردية قد تُفهم على أنها رسائل استفزازية، وهي لا تعكس الموقف الرسمي للدولة العراقية".
وأضاف الضابط، الذي طلب حجب اسمه، لـ"إرم نيوز" أن "الدستور العراقي كفل حرية الرأي والتعبير بشكل واضح، لكن عندما تصدر مثل هذه التصرفات من أفراد ينتمون للمؤسسة الأمنية، فإنها قد تُصنف في خانة العداء للدول الأخرى، وهو أمر يرفضه العراق الساعي نحو تعزيز علاقاته الإقليمية والدولية".
وأوضح أن "العراق لديه علاقات دبلوماسية وأمنية مع دول كبرى، مثل الولايات المتحدة، التي تجمعه بها اتفاقات مهمة في مجالات متعددة"، مؤكدًا أن "الجهات الرسمية لا تتبنى أي مواقف عدائية تجاه الدول، وهو ما سيدفع نحو مساءلة الضباط والمنتسبين الذين ظهروا في المقطع المرئي".
وقبل سقوط النظام السوري، اتسم الخطاب العراقي بالتحفظ والحذر إزاء تقدم فصائل المعارضة المسلحة في سوريا، حيث برزت مخاوف عميقة من انعكاسات هذا التقدم على أمن العراق واستقراره.
ولكن عقب سقوط نظام الأسد، شددت الحكومة العراقية على "أهمية احترام الإرادة الحرة للشعب السوري" وضمان الحفاظ على وحدة الأراضي السورية.
من جهته، قال الخبير الأمني، عماد علو، إن "ما فعله الضابط العراقي يُعد مخالفة للبروتوكول العسكري والتوجيهات الرسمية، حيث إن مثل هذه التصرفات الفردية لا تعكس الموقف الرسمي للدولة العراقية، وتسيء إلى صورة العراق على الصعيدين الدبلوماسي والعربي".
وأضاف علّو، لـ"إرم نيوز" أن "مثل هذه التصرفات قد تكون ناتجة عن ارتباط بعض الأفراد بجماعات سياسية أو قوى لها أجندات خاصة تختلف عن التوجهات الرسمية للحكومة العراقية، وهو ما ينعكس سلبًا على العلاقات مع دول الجوار، خاصة سوريا، التي يرتبط وضعها الأمني والاجتماعي بتأثيرات مباشرة على العراق".
ويسود في الداخل العراقي جدل حول طبيعة العلاقة مع النظام الجديد في دمشق، حيث تتباين الآراء بين تيارين رئيسيين؛ يدعو التيار الأول إلى الانفتاح الكامل على النظام السوري الجديد وتعزيز التعاون السياسي والاقتصادي بين البلدين بما يخدم المصالح المشتركة.
في المقابل، يتبنى التيار الآخر موقفًا متحفظًا يصل أحيانًا إلى العداء الصريح تجاه النظام الجديد، ويتجاوز ذلك ليشمل نظرة سلبية تجاه السوريين المقيمين داخل العراق.