مع بدء الجيش الإسرائيلي عملية "عربات جدعون"، تشير معطيات ووقائع إلى أن تل أبيب تريدها "حربًا أخيرة" في سلسلة حروبها الطويلة ضد قطاع غزة في ظل حكم حماس، منذ بدء أول حرب عام 2008.
التصريحات الإسرائيلية تقول ذلك بوضوح، فوزير الدفاع، إسرائيل كاتس، قال قبل أيام قليلة من بدء العملية الواسعة إن الجيش سيستخدم "قوة هائلة" حتى تحقيق جميع أهداف الحرب، مؤكدًا أن قواته ستبقى في "كل منطقة تسيطر عليها".
"لا انسحاب من غزة حتى القضاء على حماس وعودة الرهائن"، هكذا عنونت صحيفة "إسرائيل هيوم" قبل يوم واحد من انطلاق عملية "عربات جدعون"، والتي أكدت أنها ستختلف عن كل الحروب السابقة، إذ إن النهج الجديد هو الحفاظ على وجود "طويل" في القطاع حتى تفكيك حماس.
وتتفق أهداف العملية مع رمزية اسمها، إذ كانت هناك عملية قديمة حملت اسم "عملية جدعون" من آخر العمليات التي نفذتها منظمة "الهاغاناة" قبيل انتهاء الانتداب البريطاني، ضمن سياق الحرب الأهلية في فلسطين عامي 1947 و1948.
وانتهت تلك العملية بالاستيلاء على مدينة بيسان شمالي فلسطين قبل الاحتلال، وتطهيرها من السكان، وامتدت إلى قرى ومخيمات بدوية محيطة بها، وكانت عاملًا مهمًّا من عوامل السيطرة على أكبر قدر من الأراضي الفلسطينية قبل إعلان دولة إسرائيل في الـ15 من مايو/ أيار 1948.
وكل ذلك، ينسجم مع آخر تصريح لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي قال إن بلاده ستسيطر على قطاع غزة بأكمله، واصفًا العملية بأنها "خطة الحرب والنصر".
وبحسب تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، فإن عملية "عربات جدعون" يتوقع أن تكون حاسمة، وأول مؤشرات الحسم الخطة التي أُعلن عنها، والتي ستقسم إلى ثلاث مراحل، صُممت لإتاحة "مخارج" محتملة في حال موافقة حماس على شروط إسرائيل.
ويشير التقرير إلى أن كل مراحل العملية تصبّ باتجاه هدف واحد، القضاء على ما تبقى من عناصر حماس، وإرساء وجود طويل الأمد، معتبرًا أن هذا وإنْ كان مستبعدًا في السابق، إلا أنه بات ممكنًا مع "تراجع حكومة حماس وقدراتها العسكرية".
وفقدت حماس جزءًا كبيرًا من قدراتها العسكرية وسيطرتها غير المتنازع عليها سابقًا على غزة، كما ظهرت جيوب متنامية من الاحتجاجات الشعبية ضد الحركة، إلى جانب مظاهر الفوضى وانعدام القانون، بما في ذلك نهب مستودعات المساعدات، وفق تقرير معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى.
وسيؤدي التنفيذ "الكامل" لخطة "عربات جدعون"، إلى إضعاف ما تبقى من قدرات حماس العسكرية وسيطرتها على الحكم على المدى القصير والمتوسط، بشكل كبير، كما قد يُزعزع تركيبة قيادة الحركة وسيطرتها الإقليمية.
ويعتقد كوبي مايكل، المحلل في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب، أن حركة حماس تواجه "ضغطًا عسكريًّا غير مسبوق"، معتبرًا أنه "قد يُجدي نفعًا هذه المرة".
ونقلت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" أن عملية "عربات جدعون" قد أنشأت "ديناميكية عسكرية مهمة"، مضيفًا أن مقتل العديد من عناصر حماس أعاد الحركة إلى طاولة المفاوضات.