أشعلت مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا ساحة تنافس جديدة بين حكومة الاستقرار الوطني المدعومة من البرلمان برئاسة أسامة حماد وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة، حيث تسابق الحكومتان الزمن لتوقيع عقود ضخمة من أجل تدشين مشاريع في هذا الشأن.
وبموازاة ذلك، تتصاعد التحذيرات الأممية من تداعيات ذلك على الاقتصاد الوطني وخاصة الإنفاق العامّ في ظل الانقسام السياسي والمؤسساتي الذي تعرفه البلاد التي تشهد جموداً سياسياً مستمراً منذ سنوات.
الحصول على الشرعية
وشهدت ليبيا منذ 2011 جولات من الاشتباك العسكري وكوراث طبيعية قادت إلى دمار وأضرار كبيرة لحقت بمدن بأكملها؛ ما أدى إلى ظهور مشاريع من أجل إعادة إعمار تلك المدن على غرار طرابلس ودرنة وغيرهما.
وعلق عميد كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة نالوت، الدكتور إلياس الباروني، على الأمر بالقول إن: "ملف التنافس على ما يسمى بمشاريع إعادة الإعمار عاد إلى الواجهة مرة أخرى وبقوة كبيرة في ظل الانقسام السياسي الحاصل بين حكومتي الشرق والغرب، وهذا يقودنا إلى وجود العديد من الدلالات العميقة ويطرح تحديات كبيرة أمام الوضع الاقتصادي والسياسي".
وأضاف الباروني في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن "من أهم دلالات هذا التنافس استمرار الانقسام المؤسساتي وهنا يشير هذا التسابق إلى غياب التنسيق بين الشرق الليبي والغرب وعدم وجود رؤية مشتركة وموحدة بين الحكومتين في بنغازي وطرابلس؛ وهو ما يعكس الانقسام العميق في مؤسسات الدولة وغياب رؤية وطنية شاملة لقضية إعادة الإعمار في البلاد".
وشدد على أن "الصراع يقودنا أيضاً إلى معركة على شرعية حيث تسعى كل حكومة إلى الحصول على شرعية من الشارع من خلال إثبات وجوده بمثل مشاريع كهذا، ويقود ذلك إلى توقيع عقود مغرية إلى حد كبير؛ ما يجعل مسألة الإعمار أداة لتكريس النفوذ وليس لبناء مشاريع وطنية جامعة يقدم الخدمة للدولة الليبية".
لا مخاطر اقتصادية
ومن جانبه، اعتبر المحلل السياسي، كامل المرعاش، أنه "ليس هناك أي مخاطر اقتصادية من إطلاق عمليات الإعمار، ولكن المخاطر تكمن في المشاريع الوهمية التي تلتهم ميزانيات ضخمة دون أن تكون لها آثار على الأرض؛ لأن البناء والإعمار أفضل كثيراً من النهب والفساد".
وتابع المرعاش لـ"إرم نيوز"، أن مقارنة بسيطة توضح أن الإعمار في شرق البلاد وجنوبها بدأ منذ أقل من عامين، والنتائج على الأرض باهرة، إذ يكفي رؤية مدينة درنة التي تعرضت لكارثة كبيرة، حالياً أعيد بناؤها بأفضل التقنيات والتخطيط الحضري بمواصفات عالية، ثم ما تشهده بنغازي وسرت وسبها ومرزق وأجدابيا، مشاريع بناء وإعمار".
وأكد أن "في المقابل، مشاريع حكومة الدبيبة لم تغادر مدينة طرابلس، وشابها النهب والفساد، ولم تكن في مستوى الأموال التي أهدرت عليها، وفي الواقع لم تستفد أي مدينة في الغرب الليبي، بأي مشاريع إعمار منذ 2011’ رغم أن حكومة الدبيبة صرفت أكثر من 480 مليار دينار منذ توليها السلطة".