يواصل الجيش الإسرائيلي حصاره المطبق وعملياته العسكرية في مدينة جنين شمال الضفة الغربية منذ 100 يوم، حيث حول العديد من المنازل السكنية إلى ثكنات عسكرية؛ ما أجبر آلاف السكان في المدينة ومخيمها على النزوح قسرًا إلى مناطق أخرى.
ويقول الجيش الإسرائيلي إن عملياته العسكرية تهدف بشكل أساس للقضاء على "المجموعات المسلحة" والحيلولة دون جعل شمال الضفة الغربية ومدينة جنين "بؤرة جديدة للمجموعات الفلسطينية المسلحة وحلفائهم الإقليميين".
وتسببت العمليات العسكرية الإسرائيلية بدمار كبير في المخيم وأطراف من المدينة، في حين نزح نحو 400 ألف من سكان مناطق العمليات إلى مناطق أخرى، فيما تؤكد إسرائيل مضيها قدمًا بالعملية حتى نهاية العام الجاري.
ويرى الخبير في الشؤون السياسية، عصمت منصور، أن "إسرائيل لديها أهداف غير واضحة تعمل على تحقيقها في شمال الضفة الغربية وخاصة مدينة جنين ومخيمها"، مشددًا على أن الجيش الإسرائيلي لم يحقق هذه الأهداف حتى اللحظة.
وقال منصور، لـ"إرم نيوز"، إن "هناك مساعي من قبل إسرائيل والأحزاب اليمينية بالائتلاف الحكومي لهيكلة المخيمات الفلسطينية وتدميرها"، لافتًا إلى أن ذلك يأتي في إطار خطط بعيدة المدى تعمل على تدمير مركز أساس للفلسطينيين واللاجئين.
وأضاف أن "إسرائيل تعمل أيضًا على تقليص المساحات التي توجد بها السلطة الفلسطينية، وهذا الأمر غير محدود بزمن".
ورأى أن العمل العسكري سيستمر "إلى أن تحدث ترتيبات أو وضع إقليمي جديد أو تغيرات داخل إسرائيل".
وتابع منصور بالقول: "دون ذلك، بتقديري فإن الأمر سيتواصل ويكون لوقت أطول من المتوقع، خاصة أن هناك خططًا معلنة"، مؤكدًا أن سيناريو غزة غير وارد في شمال الضفة خاصة وأنه لا يوجد مبرر قوي من أجل تنفيذ هذا السيناريو.
وأشار إلى أن "الوضع خطير للغاية في جنين ومخيمها، والأمر مرتبط بالوضع العام للضفة الغربية وقطاع غزة"، مبينًا أن "من الصعب قراءة الأمور؛ لكن لا يمكن الجزم بأن هناك تغييرات بما يجري حاليًًا خلال الفترة المقبلة".
وترى الخبيرة في الشأن الفلسطيني، رهام عودة، أن إسرائيل تعمل على "فلترة" أهالي جنين، وفق تعبيرها. وأشارت إلى إنشاء إسرائيل للبوابات العسكرية، وعمليات الفحص الأمني التي تجريها لجميع السكان.
وأوضحت عودة، لـ"إرم نيوز"، أن "الجيش الاسرائيلي أنهى عملية المسح الميداني للمخيم، وسيعمل خلال الفترة المقبلة على السماح بعودة محدودة للسكان ممن لا ينتمون للفصائل المسلحة، وهو الأمر ذاته الذي سيجري لجميع مناطق الضفة".
وزادت بالقول: "سيعمل الجيش الإسرائيلي بالآلية ذاتها في نابلس وطولكرم ومحيطهما، وأتوقع أن تستمر هذه العمليات لفترة طويلة"، ورأت أنه رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على العملية العسكرية في جنين، فإنه من غير المرجح حدوث أي تغيير.
وشددت عودة على أنه "من المستبعد تكرار سيناريو غزة في مدينة جنين أو أيٍّ من مدن شمال الضفة، خاصة أن القطاع كان بمثابة حالة خاصة لا يمكن مقارنته بالضفة ومدنها، كما أن الجيش الإسرائيلي لا يحتاج لإعادة احتلال الضفة كما يفعل في غزة".
ولفتت إلى أن "إسرائيل لا تريد تحمل مسؤولية سكان الضفة، واستراتيجية عملها تقوم على أساس الحفاظ على وجود السلطة الفلسطينية بحالة ضعيفة، بحيث تقوم مؤسساتها بإدارة شؤون السكان، مع الحفاظ على حرية العمل العسكري لجيشها".