logo
العالم العربي

ترشيح المالكي لرئاسة وزراء العراق.. خطوة جدية أم "وصفة" لإبعاد السوداني؟‎

رئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبقالمصدر: رويترز

تشهد الساحة السياسية العراقية تصعيداً جديداً مع إعلان حزب الدعوة ترشيح أمينه العام، نوري المالكي، لرئاسة الوزراء.

ويعتبر المراقبون هذه الخطوة أكثر من مجرد محاولة للعودة للسلطة، إذ تتجاوز فكرة "الولاية الثالثة"، وتهدف عملياً إلى إزاحة رئيس الوزراء الحالي، محمد شياع السوداني، من سباق الولاية الثانية، والدفع بالإطار نحو مرشح توافقي.

وتأتي هذه التطورات في ظل تقارب واضح بين نتائج الكتل الشيعية، وتصاعد الحاجة إلى تفاهمات داخلية معقدة، لا يمكن حسمها دون توزيع دقيق للأدوار بين مراكز الثقل السياسي. ويسعى كل طرف إلى ترسيخ موقعه ضمن معادلة الحكم قبل موعد الإعلان الرسمي عن مرشح رئاسة الوزراء، ما يزيد من التعقيدات ويضع المشهد السياسي العراقي تحت ضغط مستمر.

أخبار ذات علاقة

عراقيون يحتفلون بنتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة

العراق.. القوى السنّية تشكل مجلساً لدخول مفاوضات "التشكيل الحكومي"

لا استهداف للسوداني

وفي هذا الإطار قال عضو ائتلاف دولة القانون عمران الكركوشي إن “ترشيح المالكي داخل مجلس شورى حزب الدعوة هو قضية إجرائية مرتبطة بالنظام الداخلي للحزب، وتعكس رؤية تنظيمية داخلية لا تستهدف أي شخصية أخرى".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "الترشيح أعطى للمالكي شرعية تنظيمية داخل الحزب، وفي مفاوضاته الجارية، وتعبر عن موقف القاعدة التنظيمية بأن الأمين العام يمتلك الاستحقاق الحزبي للترشيح"، مؤكداً أن الأمر "لا ينبغي تفسيره على أنه خطوة موجهة ضد السوداني أو ضد أي جهة داخل الإطار".

وأوضح أن "القرار يتعلق بآليات الحزب الداخلية، ولا يمثل موقفاً حاداً أو موجهاً لخلط الأوراق، بل هو استحقاق تنظيمي طبيعي في هذه الظروف".

 وتشير معطيات سياسية إلى أن أثر الترشيح يتجاوز الدلالات الحزبية، خصوصاً في ظل ورود أسماء محدودة داخل الإطار كمرشحين محتملين، بينهم السوداني، والمالكي، ورئيس جهاز المخابرات حميد الشطري، ووزير الشباب الأسبق عبد الحسين عبطان، ورئيس هيئة المساءلة والعدالة باسم البدري.

وأعاد ترشيح المالكي فتح النقاش حول مستقبل السوداني داخل الإطار، وفيما إذا كانت الكتلة الشيعية الأكبر ستجد نفسها أمام مفترق طرق بين استمرار التسابق الداخلي، أو الاتجاه نحو مرشح توافقي يجنبها انقساماً قد يؤثر على تشكيل الحكومة المقبلة.

أخبار ذات علاقة

نوري المالكي رئيس وزراء العراقي الأسبق

ترشيح مفاجئ يُربك التوازنات.. هل يخطف المالكي رئاسة وزراء العراق؟

طابع سياسي

بدوره يرى الباحث السياسي أحمد الخضر، أن "بيان حزب الدعوة لا يمثل موقف ائتلاف دولة القانون بأكمله، خصوصاً أن الحزب لا يمتلك مقاعد كبيرة داخل الائتلاف، وأن الخطوة تحمل طابعاً سياسياً أكثر منه ترشيحاً جدياً".

وأضاف لـ"إرم نيوز" أن "المعطيات الحالية لا تسمح بعودة المالكي إلى رئاسة الوزراء، وأن البيان جاء في إطار المناورة السياسية مع الأطراف المنافسة، سواء في ملف رئاسة الجمهورية أو موقع رئيس الوزراء".

وتابع أن "الأسماء التي يناقشها الإطار بصورة فعلية لا تتجاوز أربع شخصيات، بعضها من خارج دائرة الضوء، وقد تكون قريبة من الأجهزة الأمنية أو تمتلك خلفية قضائية، ما يعني أن التفاوض الفعلي يجري بعيداً عن التداول الإعلامي".

خطة المالكي لإقصاء السوداني

وعلى الرغم من أن محمد شياع السوداني خرج سياسياً من عباءة حزب الدعوة، وارتبط لسنوات بائتلاف نوري المالكي، فإن العلاقة بين الرجلين تحولت خلال السنوات الأخيرة إلى واحدة من أكثر الملفات تعقيداً داخل الإطار التنسيقي.

وخلال العامين الماضيين، بدا أن السوداني يتحرك بهامش أوسع مما أراده قادة الإطار، واتُّهم بالتفرد في اتخاذ القرارات التنفيذية، وتمرير ملفات حساسة دون الرجوع إلى الكتل التي منحته الثقة، فضلاً عن تباينات برزت في إدارة المؤسسات والملفات الأمنية والاقتصادية.

ومع تراكم هذه الخلافات، رسّخ المالكي موقفه الرافض لولاية ثانية للسوداني، وُضع "فيتو غير معلن" داخل الإطار، تحوّل لاحقاً إلى جزء من حسابات ترشيحه المفاجئ لرئاسة الوزراء.

ويرى مختصون أن مسار التفاوض داخل الإطار التنسيقي، ومع اتساع الهوة بين جناحي المالكي والسوداني، قد ينتهي إلى خيار ثالث يجنّب الكتلة الشيعية الدخول في صراع طويل على رئاسة الوزراء، فالتوازنات الحالية لا تسمح بتمرير أي من الاسمين بسهولة، ما يدفع قادة الإطار إلى التفكير بشخصية توافقية تُرضي مراكز النفوذ المختلفة وتخفّف من الاحتقان الداخلي.

أخبار ذات علاقة

نوري المالكي

رسمياً.. ترشيح نوري المالكي لرئاسة الوزراء العراقية

وفي حال مرور هذا السيناريو سيكون المالكي قد حقق جزءاً من هدفه؛ إذ أخرج السوداني عملياً من دائرة الترشيح الأولى، وأعاد ضبط مسار البحث عن رئيس وزراء جديد وفق معادلة لا يُعد فيها السوداني الخيار المفضل أو الأكثر حضوراً.

وتسلّم نوري المالكي رئاسة الوزراء في العراق بين عامي 2006 و2014، وقاد البلاد خلال واحدة من أكثر المراحل حساسية سياسياً وأمنياً، قبل أن يغادر المنصب تحت ضغوط متعددة عقب اجتياح تنظيم داعش لعدد من المحافظات.

 ورغم خروجه من السلطة التنفيذية، احتفظ المالكي بنفوذ سياسي واسع داخل مؤسسات الدولة، مستنداً إلى شبكة تحالفات عميقة داخل البرلمان والوزارات، وإلى موقعه القيادي داخل الإطار التنسيقي. 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC