logo
العالم العربي

بين صعود السوداني وثبات المالكي.. خريطة جديدة تتشكل داخل "البيت الشيعي" بالعراق

محمد شياع السوداني ونوري المالكي (أرشيف)المصدر: مواقع عراقية

بين صعود رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، وثبات زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، تبدو ملامح خريطة جديدة تتشكل داخل البيت السياسي الشيعي في العراق، عقب الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

يأتي ذلك مع حضور واضح لكتل تقليدية وأخرى صاعدة أعادت ترتيب موازين القوى بطريقة مختلفة عن دورات سابقة.

وتشير النتائج الأولية إلى أن المشهد لم يعد محكومًا بكتلة واحدة أو قيادة منفردة، بل بات خليطًا من التأثيرات المتوازية التي تحاول كل منها تثبيت موقعها في مرحلة ما بعد الاقتراع.

وبحسب المعطيات الرسمية، تصدّر ائتلاف الإعمار والتنمية بزعامة السوداني المشهد الانتخابي بعدما حصد أكثر من 1.3 مليون صوت، فيما حافظ المالكي على رصيد انتخابي وازن يمنحه حضورًا ثابتًا داخل الإطار التنسيقي، إلى جانب كتل بدر وصادقون وقوى سياسية أخرى تشير الأرقام إلى حصولها على مقاعد مؤثرة.

هذا التوازن الجديد بين "القوة الصاعدة" و"الزعامة التقليدية" يفتح الباب أمام إعادة رسم التحالفات داخل المكوّن الشيعي بصورة قد تعيد إنتاج الإطار، لكن بترتيب مختلف عن السنوات الماضية.

أخبار ذات علاقة

السوداني خلال إلقاء الكلمة بعد تصدر الانتخابات

السوداني يكشف ملامح المرحلة المقبلة بعد تصدره انتخابات العراق

مفاجآت في بعض المدن

وبهذا السياق، أوضح الباحث السياسي حيدر الجوراني أن "نتائج الانتخابات تعطي استشرافًا واضحًا لإعادة التوازنات داخل القوى والتحالفات القديمة"، مبينًا أن "تحالف الإعمار والتنمية يمتلك قدرة عملية على إعادة رسم توازن القوى داخل الإطار التنسيقي، لا سيما مع صادقون وبدر؛ لأن مخرجات التصويت منحتهما وزنًا يمكن البناء عليه".

وأضاف الجوراني، لـ"إرم نيوز"، أن "الساحة السنية أيضًا تمتلك إمكانية إعادة تشكيل تحالفاتها، لكن ذلك مرهون بمدى التعاون مع الكتل الأخرى، خصوصًا مع المكاسب التي حققها حزب تقدم في عدد من المحافظات".

وتشير قراءة أولية لخريطة الأصوات إلى أن القوى الشيعية ما زالت تمسك بمفاصل المشهد، لكن بطريقة أقل مركزية من السابق، بعدما توزعت المقاعد بين السوداني والمالكي والفصائل المتحالفة معهما.

كما أظهرت النتائج مفاجآت في بعض المحافظات، مثل صعود بدر في ديالى؛ ما قد يعيد تشكيل توازن الملف الأمني والسياسي هناك، إلى جانب تقدم قوى محلية في الجنوب بنتائج مؤثرة ستدخل بقوة في مفاوضات توزيع الحقائب.

في المقابل، يتجه المزاج السياسي في بغداد إلى قراءة أكثر براغماتية لمرحلة ما بعد الانتخابات، إذ توحي التفاهمات المعلنة وغير المعلنة بأن التحالفات المقبلة لن تكون نسخة مكررة من السابق، وسط ابتعاد واضح عن الاصطفافات الأيديولوجية التقليدية داخل الإطار، وارتفاع مستوى التنسيق بين القوى التي تمتلك برامج متقاربة تحاول تثبيت حضور مختلف في الحكومة المقبلة.

واقع جديد

من جانبه، اعتبر المحلل السياسي علي السامرائي أن "خريطة الكتل الجديدة تؤشر إلى واقع سياسي مدني إلى حد كبير، لكنها في الوقت نفسه تُظهر توجهًا نحو تفاهمات براغماتية بعيدة عن الأدلجة".

وأضاف السامرائي، لـ"إرم نيوز"، أن "الكتل التي تمتلك انسجامًا فكريًا أو برنامجيًا تبدو أقرب لتشكيل تفاهمات بينها، بينما تسير الكتل المؤدلجة في مسار موازٍ، ما يفتح الباب أمام تركيبة جديدة قد تجمع بين بنى سياسية غير متجانسة، لكنها مرتبطة بمصالح مشتركة".

وبحسب مراقبين، فإن صعود السوداني لم يكن مفاجئًا على مستوى حجم الأصوات، لكنه جاء متقدمًا على القوى المنافسة بطريقة تمنحه قدرة تفاوضية واضحة، ومع ذلك، فإن طريقه إلى ولاية ثانية لا يبدو سهلاً، في ظل رغبة أطراف داخل الإطار في إعادة توزيع مراكز النفوذ داخل الوزارات السيادية والأجهزة الأمنية والاقتصادية.

وفي قراءة مختلفة لنتائج الاقتراع، يرى مقربون من تحالف الإعمار والتنمية أن النتائج تعكس تحوّلًا في المزاج الشعبي نحو الأداء التنفيذي، وتراجعًا واضحًا لخطاب المواجهة الذي طغى على الدورات السابقة.

ويشير المقربون من التحالف إلى أن السوداني استفاد من صورته "التنفيذية" أكثر من استفادته من أي غطاء حزبي، وهو ما جعله يحافظ على مسار وسط بين الانفتاح على القوى التقليدية، ومحاولة إدماج شخصيات من خارج الدوائر الحزبية.

أخبار ذات علاقة

محمد شياع السوداني خلال الانتخابات

بعد هيمنة تحالف السوداني.. خريطة القوى الفائزة في انتخابات العراق

تحول في مزاج الناخب

بدوره، قال مستشار رئيس الوزراء عائد الهلالي إن "نتائج الاقتراع تعكس تحوّلًا واضحًا نحو الواقعية السياسية، حيث اتجه الناخب العراقي لاختيار من اختبره في الأداء التنفيذي وليس في الخطاب السياسي".

وأضاف الهلالي، لـ"إرم نيوز"، أن "قوة ائتلاف الإعمار والتنمية لا تأتي فقط من أعضائه، بل من شخصية السوداني التي باتت مركز الثقل داخل المشهد الشيعي، باعتباره قائد عمل أكثر من كونه سياسيًا تقليديًا".

وأوضح أن "التحالفات المقبلة قد تشهد تقاربًا سنيًا – سنيًا، وتفاهمًا كرديًا – كرديًا، يهدف إلى تثبيت مواقع تفاوضية واضحة في الحكومة الجديدة".

وتشير تقديرات سياسية إلى أن موقع المالكي سيبقى عاملًا مؤثرًا في تحديد شكل التوازن داخل الإطار، لا سيما في ظل امتلاكه قاعدة سياسية متماسكة في بغداد والجنوب، كما أن استمرار حضوره داخل غرف التفاوض يمنح القوى التقليدية قدرة على إعادة ضبط إيقاع التحالفات بما يمنع ميل الكفة بشكل كامل نحو مشروع السوداني، ويُبقي المجال مفتوحًا أمام مفاوضات طويلة على الحقائب السيادية.

وفي هذا السياق، أكد الباحث ناجي الغزي أن "استمرار المالكي في حيازة رصيد شعبي وسياسي رغم غيابه عن السلطة يمنح الإطار التنسيقي توازنًا داخليًا لا يمكن تجاوزه".

وأضاف الغزي، لـ"إرم نيوز"، أن "المالكي لا يزال رقمًا ثابتًا في المعادلة السياسية، مستندًا إلى تراكم ثقة وجمهور تاريخي يصعب على القوى المنافسة تجاوز تأثيره، حتى مع صعود قيادات جديدة داخل البيت الشيعي".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC