logo
العالم العربي
خاص

الحكومة معلقة لإشعار آخر.. "الخطأ الفني" يشعل الصراع الأمريكي الإيراني في العراق

المالكي والسوداني

لم ينفع التراجع السريع لحكومة محمد شياع السوداني عن إدراج ميليشيا حزب الله وميليشيا الحوثي على لائحة الإرهاب، باعتباره "تصحيح لخطأ فني" كافيا للميليشيات الشيعية المتحالفة مع إيران، فالمشهد الذي أعقب القرار بدا أشبه ببرميل بارود أشعل فتيل صراع مفتوح ضد السوداني، كما أجج الصراع بين واشنطن وطهران داخل العراق، في لحظة سياسية شديدة الحساسية،  يقترب فيها البلد من استحقاق تشكيل حكومة جديدة "قد يتأخر الإعلان عنها لأسابيع أو لأشهر".

وأفادت مصادر سياسية عراقية تحدثت لـ"إرم نيوز"، بأن الفصائل المقربة من إيران تلقفت القرار كـ"هدية غير متوقعة"، واستغلته لتصعيد الضغط على السوداني وعرقلة مسار التجديد له، في حين عبرت واشنطن عن "امتعاض غير مسبوق" من سحب القائمة، معتبرة الخطوة "رسالة سلبية" بشأن التزام بغداد بكبح نفوذ الفصائل. 

أخبار ذات علاقة

رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني

العراق: إدراج حزب الله والحوثيين على لوائح الإرهاب "خلل إداري"

"فرصة ذهبية" لمحاصرة السوداني

تؤكد مصادر في "الإطار التنسيقي" أن الفصائل لم تنتظر كثيرا لاستثمار "الواقعة"، إذ نزلت إلى الشارع لثلاثة أيام متتالية، رافعةً أعلام "حزب الله" ومعتبرة القرار "إهانة للشهداء". لكن خلف الشعارات، تقول المصادر لـ"إرم نيوز"؛ إن الهدف الحقيقي هو ضرب حظوظ السوداني قبل جلسات اختيار رئيس الوزراء الجديد.

وتشير المصادر إلى أن أجنحة نافذة داخل "الإطار" تسعى إلى تقديم السوداني على أنه "شريك خفي لواشنطن" أو "رجل يبحث عن الرضا الأمريكي"، وهو ما يلقى صدى لدى قواعد الفصائل التي ترى أن أي خطوة تفسّر بأنها تقارب مع الولايات المتحدة تمثل "تجاوزا للخطوط الحمراء".

وتكشف تسريبات حصلت عليها "إرم نيوز" أن بعض الفصائل طرحت داخل اجتماعات "الإطار" فكرة استبدال السوداني بشخصية "أكثر تشددا" تجاه واشنطن، خاصةً بعد تصريحات أمريكية ربطت صراحة بين التجديد له وبين "اتخاذ خطوات ملموسة لنزع سلاح الفصائل".

واشنطن غاضبة

على الضفة الأخرى، تنقل المصادر عن دبلوماسسين، أن الإدارة الأمريكية أبلغت بغداد عبر قنوات أمنية مباشرة استياء بالغا من سحب تسمية "حزب الله" والحوثيين. وتشير المصادر إلى أن واشنطن تعد الواقعة "اختباراً مبكراً" لقدرة أي حكومة مقبلة على تنفيذ تعهداتها، وخاصةً في ملف حصر السلاح بيد الدولة وتقليص نفوذ الجماعات المقربة من طهران.

وتؤكد المعلومات أن المبعوث الأمريكي مارك سافايا، المرتقب وصوله إلى بغداد خلال أيام، يحمل ملفا ثقيلا يتضمن مطالب واضحة من العراق، على رأسها إبعاد السلاح عن السياسة، إعادة هيكلة الأجهزة الأمنية بما يمنع اختراقها من الفصائل، وضمان عدم استخدام الأراضي العراقية في هجمات على القوات أو المصالح الأمريكية.

وتشير المصادر إلى أن سافايا سيضغط لـ عدم تمرير رئيس وزراء "خاضع للفصائل"، وأن واشنطن ترى أن التراجع عن القرار الأخير "قد يفتح الباب أمام مرحلة صراع أوسع داخل العراق إذا لم تتم معالجة الملف بجدية". 

أخبار ذات علاقة

اجتماع سابق لقوى الإطار التنسيقي العراقي

انسداد داخلي وضغوط خارجية.. العراق على حافة الفوضى والفراغ

تحرك إيراني مقابل

في المقابل، تتحرك طهران عبر قنواتها التقليدية لمنع ما تعده "محاولة أمريكية للهيمنة على مسار تشكيل الحكومة". وتفيد مصادر سياسية لـ"إرم نيوز" بأن أطرافا إيرانية نقلت رسالة واضحة إلى قادة الإطار خلال اجتماعات الأيام الماضية مفادها أن "المرحلة المقبلة تتطلب رئيس وزراء لا يقطع خطوط التواصل مع محور المقاومة".

ورغم أن إيران لم تكن تمانع التجديد للسوداني من حيث المبدأ، فإنها منزعجة من انفتاحه الواسع على واشنطن خلال الأشهر الماضية، وخصوصا التنسيق الأمني الأخير وطلبه زيادة الدعم الأمريكي للجيش العراقي، بحسب المصادر.

وتكشف التسريبات أن هناك تيارين داخل الإطار؛ الأول يفضّل السوداني لكنه يطالب بـ"تقييد اندفاعه نحو واشنطن"، والثاني يريد مرشحا جديدا أكثر انسجاما مع أولويات طهران، ولا يخضع للشروط الأمريكية.

تشكيل الحكومة يدخل دائرة الخطر

تجمع مصادر سياسية مستقلة تحدثت إلى "إرم نيوز" على أن تشكيل الحكومة لن يمر سريعا كما كانت تتوقع بعض القوى قبل انفجار أزمة "الوقائع". وتشير إلى أن المشهد السياسي بات "معلقاً بالكامل" على نتائج الكباش الأمريكي–الإيراني، وأن أي توافق داخلي سيكون "مستحيلا" قبل أن تتضح ملامح الصفقة بين الطرفين الدوليين.

وتتوقع هذه المصادر أن يستمر الفراغ الحكومي لأسابيع وربما أشهر، خاصةً إذا أصرت واشنطن على شروطها المتعلقة بنزع السلاح، في حين ترى الفصائل ومن خلفها إيران أن هذه الشروط "استهداف مباشر لوجودها ونفوذ طهران".

وتضيف المصادر أن العراق قد يدخل مرحلة شبيهة بمرحلة 2010 و2018، عندما استخدمت القوى الإقليمية الورقة الحكومية لفرض التوازنات المطلوب تثبيتها في المنطقة.

وحتى اللحظة، يحاول السوداني الحفاظ على توازنه بين العاصمتين؛ لكنه، وفق المصادر، يشعر بأن "الهجوم المنسّق" من الفصائل قد يكون تمهيدا لـ إغلاق الباب أمام ولايته الثانية. وتشير المصادر إلى أن السوداني "يعتمد على دعم قوى الدولة المدنية والوسطية، إضافة إلى تقارير إيجابية من واشنطن"، لكن "الإطار" يملك الكتلة الأكبر، وأي انقسام داخله كفيل بإنهاء حظوظه. 

أخبار ذات علاقة

مؤيدون لحزب الله في العراق

وسط معركة تشكيل الحكومة.. "قائمة الإرهاب" تكشف خفايا "صراع النفوذ" في العراق

 العراق أمام نفق صراع مفتوح

تتقاطع توقعات مصادر  "إرم نيوز" عند سيناريو واحد، أبرز خطوطه أن تأخير تشكيل الحكومة الجديدة بات أمرا شبه محسوم، فيما لم يعد السوداني مرشحا مضمونا كما كان الأمر بعد الانتخابات. يضاف إلى ذلك ترجيحات بتصعيد الضغوط الأمريكية على العراق خلال الأسابيع المقبلة، واستعداد "الفصائل" لجولات تصعيد جديدة من منطلق أنها أمام معركة "وجودية".

وبين ضغط الأمريكيين واستماتة الإيرانيين لحماية نفوذهم وأدواتهم، يبدو العراق متجها نحو مرحلة معقدة قد تعيد إنتاج الانقسام الحاد الذي عاشه في سنوات ما بعد 2003، مع فارق واحد أن ما أشعل الشرارة هذه المرة هو مجرد "خطأ فني".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC