logo
العالم العربي

"قصف نفسي متبادل".. سلاح في الحروب الفلسطينية الإسرائيلية

"قصف نفسي متبادل".. سلاح في الحروب الفلسطينية الإسرائيلية
18 أكتوبر 2023، 12:37 م

كما في كل الحروب السابقة، تبرز الحرب النفسية في الصراع الراهن بين "حماس" وإسرائيل، بوصفها سلاحًا على الجانبين.

تسعى إسرائيل خلالها إلى الضغط على حماس عبر السكان الذين ضاق القطاع حتى بضحاياهم، كما تسعى حماس إلى إلحاق هزيمة نفسية بجنود ما زالوا يتهيبون التوغل البري، وهو ما تعززه دعاية تتوعدهم بما لم يختبروه سابقًا.

أخبار ذات صلة

0c6cf2fd-aeaa-44e9-b4a1-c0e448a7ddbd

تقرير: الإقرار بالفشل الاستخباري في هجوم حماس سابقة إسرائيلية

           

قصف واسع النطاق، تحاول إسرائيل عبره "ترميم" نفسيات جنودها، ورمي الرعب في الطرف الآخر، وبالتوازي تسعى إلى استخدام قصف من نوع آخر عبر دعايتها المكررة في تحميل العدو مسؤولية كل فعل ينظر إليه دوليًّا على أنه "جريمة حرب"، ومن ذلك استخدام مصطلح "الدروع البشرية" واتهام الفصائل الفلسطينية بأنها "تستخدم المدنيين" دروعًا، وبالتالي فهي المسؤولة عن مقتلهم، وليس الجيش الذي كان يقصف أماكن "يختبئ" فيها أفراد تلك التنظيمات.

كان ذلك ما سعى إليه الجيش الإسرائيلي في أوضح مثال راهن عندما قصف مستشفى الأهلي المعمداني، واتهم حركة الجهاد بالمسؤولية عن ذلك.

وفي المقابل تسعى الفصائل الفلسطينية إلى بث دعاية تعزز صورتها من كيان قادر على الصمود وفرض تنازلات على العدو، إلى إلحاق الهزيمة به.

وسط ذلك القصف الصاروخي، والنفسي، يستخدم الطرفان الصور والمعلومات التي تتحدث عن إلحاق أكبر أذى بالطرف الآخر.

حماس ذكرت منذ بداية عمليتها أنها أسرت وقتلت أعدادًا كبيرة من الإسرائيليين، كذلك فعلت إسرائيل وهي تتحدث عن مقتل عدد كبير من أفراد الحركة.

أخبار ذات صلة

90d5c806-23e0-4e62-a770-3664dcec35a1

حماس تعلن مقتل 9 أسرى في القصف الإسرائيلي على غزة

           

لغة الصورة كانت بارزة في التسجيلات المصورة المتلاحقة التي بثتها حماس منذ بداية عمليتها، وحاولت من خلالها إلقاء الرعب في نفوس الجنود الإسرائيليين وهم يرون دباباتهم تحترق، بينما مقاتلون من الحركة ينتزعونهم من داخل تلك الدبابات التي تعد فخرًا للجيش الإسرائيلي.

رسالة نجحت حماس في إيصالها، وإن كانت لها آثار عكسية عالميًّا تمثلت في زيادة السخط على أفعالها تلك، وتوسع الإدانات تجاهها.

مسألة التقطتها إسرائيل التي بدت وكأنها بلا حول ولا قوة خلال يومين من هجوم "حماس"، إذ بدت وكأنها تريد لتلك المشاهد الموثقة بالصور أن تنتشر لما فيها من مشاهد كانت تُقرأ عالميًّا عكس من أردات الحركة من قراءتها محليًّا.

ما جرى خلال الأيام الماضية يحيل إلى سنوات طويلة من استخدام "الحرب النفسية" سلاحًا في الصراع.

وحدة متخصصة

منذ سنوات طويلة تكشف وسائل إعلام بينها وسائل عبرية، أن الحرب النفسية في إسرائيلي ليست فعلًا عفويًّا، بل هي عملية ممنهجة ولها مراكز متخصصة، وسبق أن كشفت صحيفة "معاريف" منذ نحو 20 عامًا أن الجيش الإسرائيلي أنشأ وحدة جديدة مسؤولة عن ممارسة الحرب النفسية.

وقالت الصحيفة، حسب تقرير لوكالة "وفا" في حينه، إن ذلك الجيش كان يعتمد أساليب ترتكز على فكرة "كي الوعي"، إلا أنه لم يحقق نجاحات مهمة في ذلك الشأن وهو ما دفعه إلى تأسيس وحدة متخصصة اسماها "مركز عمليات الوعي"، تهدف إلى إنشاء عمليات حرب نفسية متطورة.

ومنذ انتشار مواقع التواصل الاجتماعي بدأت إسرائيل في إنشاء حسابات باللغة العربيّة، حسب تقرير لوكالة "يورونيوز"، في يوليو من العام الجاري، ينقل عن صحيفة "هآرتس" العبرية أن فريقًا من علماء نفس وخبراء تسويق، وباحثين في الدراسات العربية، إضافة إلى طاقم استخبارات إسرائيلي يشرف على صناعة المحتوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتضيف الصحيفة أن أولئك يعملون "بشكل مكثف ومنهجي لإحداث تأثيرات نفسية لدى الجمهور المتلقي، من أجل توجيهه في الاتجاه الذي ربما كان يعارضه في البداية، وصناعة رأي عام موافق للقضية المطروحة".

حساب "إسرائيل تتكلم بالعربية"، وحسابات المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي، هي بعض حسابات "معلنة" تستخدمها إسرائيل، إلا أن لها حسابات ومواقع أخرى أكثر تأثيرًا، وهي الحسابات التي تستخدم أسماء أخرى، وأحيانًا صفحات مزورة بأسماء شخصيات أو مؤسسات عربية معروفة، وهو ما تحدثت عنه صحف إسرائيلية بينها "هآرتس".

لا يقتصر الجمهور الذي تتوجه إليه تلك الحسابات الوهمية على الفلسطينيين بل يشمل الإسرائيليين أيضًا، وسبق أن نشرت الصحيفة تقريرًا عن عملية "حارس الأسوار" (العام 2021)، قالت فيه إن الجنود نشروا عبر الحسابات الوهمية على مواقع التواصل صورًا وأفلامًا عن الهجمات تحت عنوان "غزة تندم".

وأوضحت الصحيفة، أن الهدف من استخدام الحسابات الوهمية هو "منع إمكانية أن تنسب عملية التأثير للجيش الإسرائيلي نفسه، لذلك ستظهر الحملة كأنها أصيلة ونابعة من الجمهور".

ردّ مزلزل

ورغم الإمكانيات المحدودة للفصائل الفلسطينية إلا أنها كانت تستند إلى قاعدة قوية اعتمادًا على "شعبيتها" المسبقة لدى جزء كبير ممن تتوجه إليهم، وخاصة في الحروب واللحظات "المصيرية" والاستهداف العشوائي الذي تمارسه إسرائيل.

الفكرة المحورية لتلك الفصائل تتركز حول إبراز نقطة الضعف على أنها مصدر قوة، فإمكانيات إسرائيل العسكرية المتفوقة التي تسمح لها بقتل أعداد كبيرة، تواجهه تلك الفصائل بالتركيز على أنها "تنتظر الموت" في سبيل القضية، كما تسعى إلى تصوير "الجانب الإنساني" لديها مقابل "الجانب الوحشي" لدى عدوها، وهو ما ظهر في التسجيل الذي بثته حماس أمس، وظهرت فيه أسيرة لدى الحركة تتلقى العلاج.

وكما أن الدعاية الإسرائيلية تحاول ترويج فكرة أن حماس تستخدم المدنيين دروعًا بشرية، لتبرير قتلهم، كذلك تسعى دعاية حماس إلى إبراز أن القصف الإسرائيلي يؤدي إلى قتل الأسرى لديها.

أما في الخطاب الذي توجهه تلك الفصائل إلى الجيش الإسرائيلي، فإنها تعتمد على تعزيز الخوف لدى الجنود من "المفاجآت" التي قد يواجهونها، وتكرر التوعد بردّ "مزلزل"، وأسلحة تمتلكها دون أن تكشف عنها.

والواقع أن تلك الدعاية إضافة إلى ما اختبره الجيش الإسرائيلي في حروب سابقة، هو أحد أبرز أسباب تأخير التوغل البري في قطاع غزة، إذ إن بعض أفراد ذلك الجيش يخشون أن تبتلعهم أنفاق حماس، أو أن يواجهوا محاربين يظهرون لهم من تحت الأرض، لا يخشون شيئًا وجاهزون لكل احتمال، حسب ما تروجه تلك الدعاية.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC