ترامب يوقع أمرا تنفيذيا يجيز فرض عقوبات على دول متواطئة في احتجاز أمريكيين "بشكل غير قانوني"
بينما تستعد القوى السياسية العراقية لتعبئة جماهيرها استعدادا للانتخابات المقررة في نوفمبر/ تشرين الأول المقبل، اختار أنصار التيار الصدري خوض معركة مبكرة من نوع مختلف، عنوانها رفض العملية الانتخابية برمتها.
ففي محافظات مثل بابل، والبصرة، وميسان، إضافة إلى العاصمة بغداد، انتشرت لافتات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات، في خطوة وصفها مراقبون بأنها محاولة ميدانية مبكرة لتقويض شرعية الاستحقاق قبل انطلاقه.
ويرى مختصون أن هذا التحرك يأتي ضمن خطة مدروسة خارج الإطار المؤسساتي، تهدف إلى ضرب شرعية العملية الانتخابية من خلال أدوات الشارع، كالبوسترات واللافتات التي تحمل رسائل مقاطعة ورفض، وتعكس استمرار الخطاب الذي يتبناه الصدر ضد من يسميهم بـ"الفاسدين" و"الوقحين".
وبحسب مراقبين، فإن الحملة التي يقودها أنصار التيار الصدري قد تكون جزءا من استراتيجية أوسع تهدف إلى تقويض ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية، وإفشالها جماهيريا دون الانخراط المباشر فيها، ويقوم هذا النهج على امتصاص الغضب الشعبي وتوجيهه نحو الامتناع عن التصويت، خاصة في المناطق التي تُعد تقليديا معاقل انتخابية للتيار، مثل مدينة الصدر، والنجف، وميسان، والناصرية.
وقال الخبير في الشأن العراقي، غالب الدعمي، إن "المقاطعة باتت خيارا معلنا وواضحًا للتيار الصدري، بعد أن تم الإعلان عنها بشكل مركزي ورسمي؛ ما أنهى كل التكهنات بشأن إمكانية مشاركة التيار عبر قوائم بديلة أو دعم جهات أخرى بطريقة غير مباشرة".
وأضاف الدعمي في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "التيار الصدري، إلى جانب فواعل مدنية من خارج الإطار الحزبي، بدأوا بتصعيد أنشطة المقاطعة ميدانيا؛ ما قد يؤدي إلى تسجيل أدنى نسب مشاركة في المناطق ذات الغالبية الشيعية، ولاسيما في الوسط والجنوب، نتيجة الشعور المتراكم بخذلان سياسي؛ وهو ما سيؤثر سلبا على معنويات العملية الانتخابية، حتى إن لم يؤثر على شرعيتها من الناحية القانونية".
وقد بدأت مؤشرات مبكرة بالظهور تؤكد فاعلية قرار مقتدى الصدر بمقاطعة الانتخابات؛ إذ لوحظ ضعف ملحوظ في إقبال الناخبين على تحديث بياناتهم الانتخابية؛ ما أثار قلقًا داخل أوساط القوى السياسية الشيعية، ودفع بعضها إلى إطلاق حملات ميدانية وإعلامية مضادة لمواجهة ما وصف بـ"العزوف المنظّم"، لا سيما في مناطق الجنوب التي تُعتبر من أهم خزاناتها الانتخابية.
وفي موقف لافت، سمح الصدر للفقراء بقبول الأموال التي توزعها الكتل السياسية خلال الحملات الانتخابية، مشترطا عليهم عدم التصويت لتلك الكتل، واصفًا هذه الأموال بأنها "حق مسلوب من الشعب".
ويرى مراقبون أن هذا الموقف يعد توجيها مباشرا لاستغلال الأدوات التي يستخدمها الخصوم ضده، بهدف ضرب شرعيتهم من داخل أدواتهم، دون المشاركة الفعلية في العملية الانتخابية.
من جانبه، قال أحد أعضاء التيار الصدري إن مقاطعة الانتخابات ليست موقفا عابرا أو رد فعل سياسيا مؤقتا، بل قرار محسوم صدر عن القيادة المركزية، ويعبّر عن موقف أخلاقي تجاه منظومة وصفها بـ"الفاسدة"، فقدت شرعيتها الشعبية، وفشلت في تلبية مطالب الإصلاح رغم سنوات من الفرص والوعود.
وأضاف عضو التيار، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الصدر أوضح في بياناته السابقة أن لا عودة للمشاركة السياسية إلا بعد معالجة ملفات أساسية، من أبرزها: حصر السلاح بيد الدولة، وإنهاء نفوذ الميليشيات، ومكافحة الفساد، مؤكدا أن هذه الشروط تنطلق من قناعة بأن النظام الحالي غير قابل للإصلاح من داخله.
وأشار إلى أن الشائعات التي تظهر بين الحين والآخر عن دعم التيار لقوائم بديلة أو عقد تفاهمات خلف الكواليس، جزء من حملة تشويه منظمة تستهدف إرباك جمهور التيار وضرب وحدة موقفه.
وتواجه قوى الإطار التنسيقي تحديا مزدوجا في التعامل مع غياب التيار الصدري عن الانتخابات، فمن جهة، تستفيد نظريا من غياب خصمها السياسي الأبرز، لكن من جهة أخرى، تدرك أن ضعف الإقبال الشعبي، لا سيما في مناطق نفوذها الشيعي، قد يُفرغ العملية الانتخابية من مضمونها السياسي، ويُفقدها الغطاء الجماهيري الذي طالما اعتمدت عليه لتثبيت شرعيتها أمام الداخل والخارج.
في المقابل، تسعى مفوضية الانتخابات إلى التقليل من تأثير مقاطعة التيار، عبر الترويج لمفاهيم قانونية تؤكد أن شرعية الانتخابات لا تُقاس بنسبة المشاركة، بل بسلامة الإجراءات، وعدالة التنافس، وشفافية النتائج.
لكن مراقبين يحذرون من أن الشرعية السياسية لا تُبنى فقط على القوانين، بل على القبول الشعبي والمشاركة الواسعة، وهو ما يضع الاستحقاق الانتخابي القادم أمام تساؤلات جدية، خصوصا في حال استمرار مشاهد العزوف، وتصاعد لغة الاحتجاج السلبي داخل الشارع الصدري.