تشهد مدينة الخرطوم، الواقعة تحت سيطرة قوات حكومة بورتسودان، بقيادة عبد الفتاح البرهان، فوضى في السلاح وانفلاتاً أمنياً بحسب تقرير صدر مؤخراً عن "منتدى الدفاع الأفريقي" الذي جدد تحذيره من نشوء مناطق نفوذ وسيطرة، في ظل العجز عن كبح الميليشيات المسلحة.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فقد شهدت الخرطوم في الأيام الماضية "تزايداً مقلقاً" في عدد الجرائم، في ظل فوضى عارمة ناتجة عن الانتشار الكبير للمجموعات المسلحة، رغم قرار "شكلي" اتخذته حكومة بورتسودان، بإخلاء العاصمة من الميليشيات خلال أسبوعين.
ووفق تقديرات "منتدى الدفاع الأفريقي"، فإن السودان وفي ظل الصراع المحتدم على قسمة الوزارات والسلطة، تتواجد فيه 105 حركات مسلحة في البلاد التي تشهد حرباً مستمرة للعام الثالث على التوالي، أدت إلى مقتل أكثر من 150 ألفاً وتشريد نحو 15 مليوناً، وفق أرقام أممية.
وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، عبّر سودانيون عن مخاوفهم من أن يؤدي انتشار السلاح في الخرطوم ومدن أخرى تحت سيطرة قوات البرهان، من تشكل واقع جديد تحكمه "سلطة الأقوى تسلحاً ونفوذاً"، وهو ما يناقض الدعوات التي تصدر لدعوة السودانيين للعودة للعاصمة.
ويرى الإعلامي والمختص بالشأن السوداني، عمار سعيد، أن "حكومة البرهان الانقلابية" وعبر الدعوات المتكررة لعودة المواطنين إلى العاصمة الخرطوم، مدعومة بزيارات ميدانية قام بها كل من الفريق البرهان ورئيس الوزراء كامل إدريس، تحاول "تجميل الصورة" إلا أن "الواقع الميداني يشير إلى عكس ما يُروّج له تماماً".
ويؤكد عمار سعيد في تصريح لـ "إرم نيوز" أن "الخرطوم تشهد حالة من الانفلات الأمني غير المسبوق"، في ظل انتشار واسع وغير منضبط للسلاح بين أيدي جماعات مسلحة وميليشيات. ويضيف "حياة المدنيين في خطر دائم، مع ترسّخ أجواء من الرعب وعدم الاستقرار في معظم أحياء العاصمة".
ويشير إلى أن "أعمال النهب والترويع تحت تهديد السلاح ازدادت في الخرطوم بعد خروج قوات الدعم السريع"، معتبراً أن هذا "دليل واضح على وجود أطراف أخرى منظمة ومسلحة ظلت تمارس الانتهاكات في الخفاء". كما يرى أنه هناك ما يمكن تسميته "فوضى خلاّقة"، تهدف لإفشال أي محاولات لإعادة الاستقرار.
وتتزايد المخاوف في الخرطوم بعد تقارير عن دخول عناصر من الميليشيات المسلحة غير المرغوب فيها، والتي ارتبط اسم بعضها بانتهاكات سابقة في دارفور ومناطق النزاع، إلى العاصمة. ويقول عمار سعيد إن تلك الميليشيات "أسهمت في تعميق الأزمة، خاصة بعد نشوب اشتباكات مسلحة بينها في صراعاتها داخل الخرطوم".
ورصد ناشطون وحقوقيون، عشرات الجرائم التي ترتكبها مجموعات مسلحة بعضها يتبع للحركات الدارفورية المتحالفة مع قوات البرهان، وبعضها يعمل تحت إدارة ميليشيا البراء الإخوانية.
ولا يختلف الوضع الخدمي في العاصمة عن الوضع الأمني، إذ يشهد تدهوراً مريعاً في الإمدادات الأساسية، كالمياه، والكهرباء، والاتصالات، ما يجعل الحديث عن عودة المواطنين أو بدء إعادة الإعمار سابقاً لأوانه "ما لم تُتخذ خطوات عملية لضبط الوضع الأمني ونزع السلاح من أيدي الجماعات غير النظامية"، وفق عمار سعيد.